لجنة "تشيلكوت" تكشف تقرير غزو العراق: بلير مهدد بالسجن

05 يوليو 2016
نواب بريطانيا يحشدون لإدانة توني بلير تشريعياً (Getty)
+ الخط -

تنشر لجنة "السير تشيلكوت"، المُكلفة بالتحقيق في مشاركة بريطانيا إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية في غزو العراق عام 2003، غداً الأربعاء، تقريرها، بعد تأخير دام خمس سنوات، وذلك مع بروز فرضية متابعة رئيس الوزراء الأسبق، توني بلير، قضائياً ومحاكمته.

وعمدت اللجنة، التي كان من المُفترض أن تنشر تقريرها نهاية عام 2011، إلى تأجيل الإعلان عن نتائج تحقيقاتها أكثر من مرة، مما أثار حفيظة عدد من أعضاء مجلسي النواب واللوردات، من أمثال اللورد هير، والنائب ييتر تابسل، والوزيرة في حكومة الظل ديانا ابوت، إذ اعتبر هؤلاء أن التأخير في نشر نتائج التحقيق "عار وفضيحة"، ووجهوا أصابع الاتهام إلى أشخاص ذوي نفوذ سياسي بالوقوف وراء التأجيل. كما أثار تأخر اللجنة في إصدار تقريرها، احتجاح أسر جنود بريطانيين قتلوا في الغزو، هدد بعضهم باللجوء إلى القضاء.

ومن المُنتظر أن توجه اللجنة، في حوالي 2.6 مليون كلمة مطبوعة، مرفقة بـ1500 وثيقة، انتقادات شديدة لرئيس الوزراء الأسبق، توني بلير، بوصفه المسؤول الأول عن قرار مشاركة بريطانيا في غزو العراق إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية.

ومن المتوقع أن يلقي التقرير الضوء على الحيثيات التي استند عليها توني بلير للمشاركة في الحرب التي قادتها الولايات المتحدة، وقتل فيها 179 جندياً بريطانياً، وكلفت الخزينة البريطانية حوالي 10 مليارات جنيه إسترليني.

وما رشح أو سُرب من معلومات خلصت إليها لجنة التحقيق التي شكلها رئيس الوزراء البريطاني السابق، غوردن براون، في عام 2009، يشير إلى اتهام بلير بـ"سوء التخطيط والتقدير"، لاسيما فيما يخص إدارة العراق في مرحلة ما بعد سقوط نظام صدام حسين، وما نتج عن الغزو من "حرب أهلية"، لا تزال تلقي بظلالها على العراق وأمنه واستقراره حتى اليوم، و"الكذب" في المعلومات التي قدمها بلير للشعب البريطاني، و"تضليل" ممثليه في مجلس العموم، فيما يخص خطر أسلحة الدمار الشامل العراقية.

وبعد الاستماع لأكثر من 150 شاهداً، وعقد أكثر من 200 اجتماع مع مسؤولين حكوميين، ومراجعة حوالي 150 ألف وثيقة حكومية، وحوالي 130 جلسة استماع، وإنفاق حوالي 9 ملايين جنيه إسترليني، يُتوقع أن توجه لجنة "شيلكوت" انتقادات لكامل الفريق السياسي والعسكري الذي شارك بلير قرار الحرب، بما في ذلك وزير الخارجية آنذاك، جاك سترو، ورئيس جهاز المخابرات الخارجية "إم أي 6"، السير ريتشارد ديرلوف، ورئيس لجنة الاستخبارات المشتركة، السير جون سكارليت، ووزير الدفاع، جيف هون، ووزيرة التنمية الدولية، كلير شورت.

وكشفت صحيفة "ميل أون صندي" البريطانية، أن رئيس جهاز المخابرات البريطانية الخارجية، إبان غزو العراق في عام 2003، السير ريتشارد ديرلوف، سيواجه اتهامات بالكذب والتلفيق من قبل اللجنة الخاصة بالتحقيق في ملابسات مشاركة بريطانيا إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية في غزو العراق.

ونقلت الصحيفة، الأحد الماضي، عن مصدر مقرب من لجنة "السير تشيلكوت"، أن لجنة التحقيق "ستشوي" في تقريرها رئيس جهاز المخابرات "أم أي 6"، وترمي "لحمه للذئاب"، حسب تعبير الصحيفة. لأنه ضلل صنّاع القرار بمعلومات مُفبركة، ولا تستند إلى أي معلومات مخابراتية مفصلة، لاسيما المعلومات التي زعمت أن صدام حسين قادر على استخدام أسلحة الدمار الشامل خلال 45 دقيقة.

يُذكر أن لجنة تشيلكوت هي لجنة التحقيق الثالثة، بعد لجنة "اللورد هاتون 2003"، ولجنة "اللورد باتلر 2004" التي تشكلت للنظر في مشاركة بريطانيا في غزو العراق.

وشكل رئيس الوزراء السابق، غوردون براون، في يونيو/حزيران 2009 "لجنة تشيلكوت" للتحقيق في الأحداث المتعلقة بغزو العراق خلال الفترة ما بين صيف عام 2001 وحتى نهاية يوليو/تموز من عام 2009.

وانتهت اللجنة من عملها في فبراير/شباط 2011، وكان من المتوقع أن تنشر تقريرها قبل الانتخابات العامة في مايو/أيار الماضي.

وقد بدأ نواب في مجلس العموم البريطاني، بحشد الدعم المطلوب لمحاكمة رئيس الوزراء الأسبق، توني بلير، في حال إدانته بتضليل نواب الشعب، إبان اتخاذ القرار بمشاركة بريطانيا في غزو العراق عام 2003، وذلك حسبما أفاد موقع صحيفة "ذا ميل" البريطانية، السبت الماضي.

إلى ذلك، ذكرت الصحيفة أن عملية محاكمة بلير من قبل السلطة التشريعية قد تبدأ بطلب من نائب واحد، يقدم اقتراحاً مشفوعاً بأدلة، ثم تشرع لجنة من مجلس النواب في إعداد وثيقة "المساءلة القانونية". وإذا تمت إدانة بلير، من قبل السلطة التشريعية، تحال القضية إلى السلطات القضائية تمهيداً لمحاكمة قضائية قد تؤدي إلى سجنه.

ولا تبدي الأوساط البريطانية المعارضة لقرار غزو العراق، تفاؤلاً بما سيرد في تقرير "لجنة تشيلكوت"، إذا ما اقتصرت النتائج على انتقادات لرئيس الوزراء الأسبق، توني بلير، وإدارته المسؤولة عن اتخاذ قرار المشاركة في الغزو، من دون تحميل بلير وفريقه المسؤولية المباشرة عن كل الخسائر البشرية والمادية، التي نجمت عن مشاركة بريطانيا في الحرب بدون سند حقيقي.

من جهتها، طرحت صحيفة "الغارديان"، إذا ما كان تحقيق "تشيلكوت" سيكشف عن جوانب غامضة في غزو العراق، أم أنه سيبرئ المتهمين. فيما استبعدت صحيفة "تلغراف"، من جانبها، قبول الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية ملاحقة توني بلير بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

وقالت "تلغراف"، السبت الماضي، إنها توصلت إلى رسالة من محكمة الجنايات الدولية (ICC) تفيد بأن المحكمة ستحقق في محتوى تقرير "لجنة تشيلكوت" بخصوص مشاركة الجنود البريطانيين في جرائم حرب، لكن قرار مشاركة بريطانيا في الغزو يظل خارج نطاق اختصاصها.