إسرائيل توظف هجوم نيس لتحفيز هجرة يهود فرنسا

25 يوليو 2016
7 آلاف يهودي فرنسي يهاجرون سنوياً لفلسطين(جاك غيز/فرانس برس)
+ الخط -
منح الاعتداء الذي استهدف مدينة نيس الفرنسية أخيراً، فرصة للاحتلال الإسرائيلي لتبرير تكثيف حملاته من أجل إقناع اليهود الفرنسيين بالهجرة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأسهمت حقيقة أن ثمانية عشر من بين القتلى في الاعتداء هم يهود، في منح ماكينة الدعاية الإسرائيلية الكثير من الوقود لتسويغ دعوة يهود فرنسا، لا سيما في نيس، للهجرة.

فقد قال وزير التعليم نفتالي بينيت، المسؤول عن إدارة العلاقة مع الجاليات اليهودية في العالم، إن ما حدث في نيس يدل على أنه لا مكان ليهود العالم "إلا في إسرائيل، لا سيما في المناطق التي تتعاظم فيها مخاطر الإرهاب".

وفي مقابلة أجرتها معه الإذاعة العبرية قبل أيام، اشار بينيت إلى أن الحكومة الإسرائيلية اتخذت بالفعل قرارات عدة لتسهيل هجرة اليهود الفرنسيين لإسرائيل بعد الاطلاع على طابع المشاكل التي يواجهها هؤلاء اليهود بعد وصولهم إلى إسرائيل.


لكن إيرز ليو دانئيل، الذي عمل لعشر سنوات في مجال تهجير اليهود إلى إسرائيل، رأى أنه يتوجب استنفاد الطاقة الكامنة ليس فقط في مخاوف اليهود الفرنسيين من الهجمات التي ينفذها "الإرهابيون المسلمون"، بل "علينا استغلال فزعهم من إمكانية فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية المقبلة من أجل دفعهم للهجرة".


وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" قبل أيام، توقّع دانئيل أن يمثّل فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية المقبلة "مسوغاً كبيراً" لدفع اليهود الفرنسيين للهجرة، مشيراً إلى أن كلاً من الحكومة الإسرائيلية والوكالة اليهودية مطالبتان ببذل كل الجهود الهادفة إلى إقناع اليهود باختيار إسرائيل كوجهة لهم.

وحسب دانئيل، فإن الحكومة الإسرائيلية مطالبة بتقديم "مغريات" لإقناع اليهود الفرنسيين بالتوجه لإسرائيل، وعلى رأسها تسهيلات ضريبية، والاستثمار في البنى التحتية في المناطق التي عادة ما يختار اليهود الفرنسيون الإقامة فيها داخل إسرائيل، لا سيما مدينة نتانيا، شمال تل أبيب.

وطالب دانئيل الحكومة الإسرائيلية بحل مشكلة الاعتراف بشهادات بعض المؤسسات الأكاديمية الفرنسية، التي تعيق اندماج اليهود في سوق العمل في إسرائيل، إلى جانب إبداء مرونة في منح جوازات السفر حتى "عندما يضطر اليهود للعودة إلى فرنسا من أجل العمل".

وحسب دانئيل، فإنه يتوجب على مبعوثي الوكالة اليهودية وإسرائيل في فرنسا أن يحرصوا على تقديم إسرائيل على أنها "بوليصة تأمين ثمينة يتوجب على اليهود استغلالها".



وفي مقال آخر نشرته الصحيفة، أشار الباحث الإسرائيلي دانيل بن حاييم إلى أن 35 ألف يهودي فرنسي هاجروا إلى إسرائيل في العقد الأخير، منهم 20 ألفا في السنوات الثلاث الأخيرة. وحسب بن حاييم، فإن الضائقة الاقتصادية التي تمر بها فرنسا تحفز ليس اليهود للهجرة، بل عموم الفرنسيين.

ولكن هناك مؤشرات على أن التذرع بالأوضاع الأمنية لإقناع اليهود بالهجرة من فرنسا لا تثير انطباع نسبة كبيرة منهم. فقد أدت الأوضاع الأمنية المتدهورة في إسرائيل حالياً، لا سيما في أعقاب تفجّر الهبّة الفلسطينية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى تجذر قناعة لدى الكثير من اليهود الفرنسيين بأن إسرائيل لا تشكل مكاناً آمناً. وقد نقلت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية أخيراً عن يهودية فرنسية قولها إنها لا يمكن أن تفكر بالهجرة إلى إسرائيل على اعتبار أن الأوضاع فيها "أسوأ مما هي عليه في فرنسا".

وفي السياق، دعا البرفسور المحاضر في جامعة تل أبيب، موشيه تسيرمان، في مقال نشرته صحيفة "ميكور ريشون" أخيراً، يهود أوروبا إلى عدم الهجرة إلى إسرائيل بسبب الأوضاع الأمنية. وقال تسيرمان: "إسرائيل هي الدولة التي يُقتل فيها العدد الأكبر من اليهود".

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت قبل نحو عام أنها بصدد تطبيق خطة تهدف إلى تهجير 50 ألف يهودي فرنسي في غضون خمسة أعوام. وحسب معطيات وزارة الاستيعاب الإسرائيلية، فإن عدد اليهود في فرنسا يتجاوز 560 ألفاً، يهاجر منهم عادة سبعة آلاف شخص سنوياً لإسرائيل.

وتدل المعطيات الرسمية الإسرائيلية على أن ثلاثة آلاف من اليهود الفرنسيين الذين هاجروا إلى إسرائيل عادة ما يعودون إلى فرنسا سنوياً بسبب صعوبات في الاندماج لظروف اقتصادية أو اجتماعية.

وتبيّن أن اهتمام الحكومة الإسرائيلية وتحديداً الأحزاب المشاركة فيها لتهجير يهود فرنسا، لا ينبع فقط من اعتبارات صهيونية، بل من اعتبارات سياسية داخلية أيضاً. فنظراً إلى أن أغلبية اليهود في فرنسا من ذوي الأصول الشرقية (السفارديم)، ومعظمهم متدينون، يكاد جميعهم يصوّتون لصالح الأحزاب اليمينية بشقيها العلماني والديني. وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أخيراً، أن حركة "شاس" حصلت في الانتخابات الأخيرة على أكبر عدد من أصوات اليهود الذين هاجروا من فرنسا، في حين حصل كل من حزبي "البيت اليهودي" و"الليكود" على نسبة جيدة من أصواتهم.

المساهمون