"داعش" يوسّع جبهاته العراقية... ووفود العبادي "التطمينية" تفشل خليجياً

09 يونيو 2016
تعرّضت ثكنات الجيش والحشد لهجمات "داعش" (إدريس أوكودوشو/الأناضول)
+ الخط -
يسعى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلى فتح جبهات مغلقة منذ أشهر في مناطق عراقية عدة، بهدف تخفيف الضغط على مقاتليه في مدينة الفلوجة، التي تدخل المعارك على أسوارها أسبوعها الثالث.

آخر تحركات "داعش"، كانت في شمال بيجي في محافظة صلاح الدين، أمس الأربعاء، حين هاجم التنظيم معقلاً للقوات العراقية، في سياق توسيع الجبهات. لتكون بيجي مع مدن عراقية أخرى، سبق أن تحرّرت بدعمٍ أميركي، أسيرة هجمات التنظيم في الأسبوع الأخير. وقد أكدت مصادر أمنية ومحلية عراقية، أمس، خروج أجزاء من بيجي عن سيطرة القوات الحكومية ومليشيات "الحشد"، معلنة عن إرسال تعزيزات أمنية لاستعادة هذه الأجزاء. ووفقاً لمصادر أمنية عراقية، فإن العشرات من مقاتلي التنظيم هاجموا ثكنات ومقرات عسكرية وأخرى تابعة لمليشيا "بدر" و"حزب الله العراق" في مناطق الهنشي والأسمدة، فضلاً عن قريتي الشويش والمسحك، ومشارف قرية البو جواري، شمال وشمال شرق بيجي. وبحسب المصادر ذاتها، فإن "ما لا يقلّ عن 11 ثكنة للجيش والمليشيات دُمّرت، كما أحرق التنظيم عددا من عربات الهمفي والهمر، وعربات نقل من طراز نيسان وتويوتا تابعة لمليشيات الحشد".

ويشير الضابط من اللواء الرابع بالفرقة الخامسة التابعة للجيش العراقي راضي محمد، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "أجزاء من شمال بيجي خرجت عن السيطرة، وباتت تحت يد داعش، والطيران المروحي تدخل لإسناد الموقف". ويبيّن أن "التنظيم يستخدم أنفاقاً في التسلل إلى داخل عمق المدينة، ولا نعلم طريقة وصوله إلى هذه المنطقة". ويلفت إلى أنه "من غير المعلوم بقاءهم في تلك المناطق أو انسحابهم، فلم يتم التحرك إلى تلك المناطق حتى الآن بعد انسحاب من تبقى من قوات منها".



وقد هاجم "داعش"، بالإضافة إلى بيجي، مدن هيت وكبيسة ثم الرمادي، بواسطة سيارات مفخخة وعشرات المسلحين، أدت إلى خروج أجزاء من هيت وكبيسة عن السيطرة، ووقوع منطقتي الهنشي والشويش، شمال بيجي، تحت حكم "داعش" مجدداً. أما الرمادي، فبدت أقلّ استقراراً، بشكل دفع مراقبين إلى التنبؤ بقرب سقوطها مجدداً، بعد عودة التنظيم لمناطق شمال وشمال شرق الرمادي وسيطرته على ريف الرمادي.

في هذا السياق، تفيد مصادر عسكرية رفيعة في وزارة الدفاع ببغداد، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بأن "التنظيم شنّ خلال الأيام الستة الماضية 32 هجوماً خاطفاً على مناطق داخل المدن التي خسرها أخيراً، وتمكن من إيقاع خسائر في صفوف القوات العراقية والمليشيات".

ويقول العميد سعد فاضل الطائي، من قيادة العمليات المشتركة في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "التنظيم يسعى لفتح جبهات جديدة وسحب جزء من الزخم بمحيط الفلوجة إلى مناطق أخرى". ويضيف أنه "نجح في ذلك إلى حدّ ما، لكن ليس كما كان يتوقع، إلا أن الخوف من سقوط بلدات أو مهاجمة بلدات والسيطرة على أجزاء منها وارد جداً".

من جهته، يؤكد ضابط بوزارة الدفاع في مديرية الاستخبارات أن "معلومات مهمة وردت بشأن إمكانية ضرب موجة تفجيرات عنيفة بغداد خلال أيام، وسط عجز عن معالجة التهديد". ويردف الضابط أن "داعش لن يُسلّم الفلوجة بسهولة، وقد يعمد إلى استخدام أوراق كثيرة كمهاجمة مدن مهمة، مثل بغداد وسامراء".

ويبيّن الضابط، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الإجراءات الحالية في بغداد كلها وضعت تحسباً لموجة تفجيرات بسيارات مفخخة وانتحاريين، بعد ورود معلومات من أجهزة تحليل ورصد المعلومات الأمنية في جهاز الاستخبارات العراقي".

خلال ذلك تستمر معارك الفلوجة لليوم السابع عشر على التوالي، وسط ترجيحات رفع الحكومة العراقية لعديد القوات المهاجمة إلى 40 ألف مقاتل. في هذا الإطار يلفت قائد عمليات الفلوجة، الفريق عبد الوهاب الساعدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "المعارك تركزت، يوم الثلاثاء، على ضرب نقاط ضعف التنظيم، ومحاولة جرّه لمناطق قتل"، مبيّناً أن "القوات العراقية ما تزال خارج أسوار الفلوجة لكنها ستدخلها قريباً". وتُرجّح مصادر عسكرية عراقية، من بينهم العقيد الركن محمد الهلالي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن يكون عديد القوات المهاجمة للفلوجة قد ارتفع إلى أكثر من 40 ألف مقاتل".

ويوضح الهلالي أن "القوات النظامية يمكن معرفة عددها، لكن هناك موجات بشرية من المليشيات تصل كل يوم لمحيط الفلوجة للقتال، وأرجح أن يكون المجموع قد فاق أربعين ألف مقاتل، 60 في المائة منهم مليشيات وقوات غير نظامية".



في هذه الأثناء، ينوّه رئيس لجنة الأمن والدفاع في حكومة الأنبار المحلية، راجع بركات العيساوي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "معركة الفلوجة باتت تنحرف عن مسارها من محاربة الإرهاب إلى حرب طائفية، بشعارات تمزق البلاد ولا تحرّرها". ويضيف العيساوي أن "هناك من ألبس المعركة غير ردائها، وكلنا نتمنى القضاء على داعش، لكن عندما يُستَغل هذا الشعار والهدف لقتل الأبرياء على الهوية والطائفية فهو ما لن نرضاه". ويؤكد "رفع دلائل ووثائق وصور تبيّن جرائم المليشيات وانتهاكاتها بحق السكان الفارين إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي، بعد أن تعهّد مسبقاً بعدم المسّ بالمدنيين وحياتهم وأموالهم"، وفقاً لقوله.

في سياق منفصل، تواصل ثلاثة وفود عراقية رسمية جولة عربية وخليجية، تحديداً إلى مصر والكويت والأردن وسلطنة عمان والسعودية وقطر والإمارات، وسط تأكيدات على فشل مهام تلك الوفود، بحسب تسريبات حكومية من بغداد. ويشير سعد الحديثي، المتحدث باسم رئيس الوزراء حيدر العبادي، إلى أن "مهمة الوفود هي شرح الموقف من معركة الفلوجة والانتهاكات التي حصلت". ويبيّن في بيان صحافي، أن "الوفود ركّزت على إيضاح الأمور في ما يتعلق بالعمليات العسكرية في تحرير المدن، ومنها مدينة الفلوجة، لتوضيح الموقف بشكل كامل في ما يتعلق بما يثار من وجود تجاوزات أو انتهاكات، كونها حالات ليست منهجية، بل تُعبّر عن أشخاص وأفراد مسيئين، في مقابل مئات حالات البطولة التي قدمتها القوات المسلحة في تحرير المدنيين والتعامل معهم"، وفقاً لقوله. ويكشف الحديثي أن "الوفود الرسمية طلبت دعماً من تلك الدول للعراق في إغاثة النازحين وإعادة الاستقرار لمدنهم بعد تحريرها".

وتؤكد مصادر سياسية من بغداد، أن "الوفود الثلاثة التي أرسلها العبادي إلى دول عربية مختلفة، وهي وفد برئاسة وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، ووفد برئاسة وزير الدفاع خالد العبيدي، ووفد برئاسة وزير التخطيط سلمان الجميلي".

ووفقاً للمصادر نفسها، فإن "الوفود لم تلقَ أي تجاوب لطرحها من رؤساء الدول التي زارتها، خصوصاً في ما يتعلق بالمسألة الطائفية وجرائم وانتهاكات مليشيات الحشد وعمليات التطهير الطائفي والتغيير الديموغرافي التي تنفذها في العراق والدور الإيراني". وينوّه وزير بحكومة العبادي، إلى أن "الوفود الثلاثة وجدت الجواب نفسه: نريد أفعالا لا كلاما، وأن سياسة التهميش والإقصاء والاستهداف الطائفية واضحة بالعراق، ولا يمكن القبول بجعل الحرب على داعش وسيلة انتقام وإبادة".