"تحذيرات" أميركية لروسيا بشأن الأسد... ومعارك جنوب حلب

16 يونيو 2016
يواصل جيش الفتح التقدم بريف حلب(عمر حج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

تتعدد الرسائل السياسية المتبادلة حول الملف السوري، ولو عن بُعد، وخصوصاً بين روسيا والولايات المتحدة، بينما عادت المعارك في ريف حلب الجنوبي لتتصدّر المشهد الميداني على وقع سجال جديد بدأته وزارة الخارجية السورية، أمس الأربعاء، بإدانتها "تواجد مجموعات من القوات الخاصة الفرنسية والألمانية في منطقتي عين العرب ومنبج على الأراضي السورية".
ووفقاً لوكالة الأنباء السورية "سانا"، اعتبرت الخارجية السورية أن "هذا التدخل السافر يشكل انتهاكاً صارخاً لمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة وعدواناً صريحاً على سيادتها واستقلالها". وهو ما استدعى رداً من وزارة الدفاع الألمانية التي نفت الأنباء عن وجود قوات خاصة ألمانية في شمال سورية، مؤكدة أن "مثل تلك المزاعم المتكررة الصادرة عن الحكومة السورية خاطئة، ولم تكن صحيحة قط".


رسائل سياسية

في غضون ذلك، حذر وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أمس الأربعاء، روسيا بشأن ما يجري في سورية، إذ نقلت وكالات أنباء عنه قوله "إن صبر واشنطن محدود جداً، ولا سيما بشأن محاسبة (الرئيس السوري) بشار الأسد". وقال كيري، على هامش زيارة له للنرويج، إنه يتعيّن "على روسيا أن تفهم أن صبرنا ليس بلا حدود. وفي الواقع هو محدود جداً في ما يتعلق بمعرفة ما إذا كانت ستتم محاسبة بشار الأسد أم لا، حول النزاع في بلاده".

وتتمسك موسكو ببقاء الأسد في السلطة، الأمر الذي ترفضه المعارضة السورية بـ"المطلق"، وتتمسك بما جاء في قرارات دولية عن تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات تدير مرحلة انتقالية من دون الأسد، تنتهي بانتخابات برلمانية ورئاسية وفق دستور جديد. وكانت المعارضة السورية علّقت مشاركتها في الجولة الثالثة من مفاوضات جنيف في إبريل/ نيسان الماضي احتجاجاً على استمرار المجازر بحق المدنيين، وعدم تحقيق تقدم جدي في المسار الإنساني المتضمن فك الحصار عن مدن وبلدات محاصرة، وتسهيل دخول مساعدات عاجلة، وإطلاق معتقلين.



وجاء التحذير الأميركي قبل يومين من لقاء مرتقب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، في إطار منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، حيث من المتوقع مناقشة العملية السياسية المتوقفة وإمكانية الدعوة لعقد جولة جديدة من مفاوضات في محاولة للوصول إلى تصور للانتقال السياسي الذي يعرقل سير المفاوضات.
من جهته، حاول وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس الأربعاء، استثمار الاعتداءات التي تعرضت لها الولايات المتحدة وفرنسا قبل أيام، للدفاع عن تدخل بلاده في سورية. واعتبر لافروف، أمام مجلس الدوما الروسي، أن العملية العسكرية الروسية في سورية "أحبطت خطط الإرهابيين لإقامة قواعد تابعة لهم في الشرق الأوسط"، على حد قوله. ولفت إلى أن "شركاء روسيا الغربيين احتاجوا إلى وقت طويل لكي يدركوا خطورة التحديات التي مصدرها تنظيما داعش والنصرة الإرهابيان، وضرورة التنسيق مع روسيا في التصدي لهذه المخاطر"، على حد قوله.
من جهته، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في مقابلة مع وكالة "تاس" الروسية، أنه لا يمكن تحقيق تقدم في تسوية النزاع السوري إلا بالحوار وجهود المجتمع الدولي برمته. ورداً على سؤال حول مدى واقعية الجدول الزمني للتسوية السورية الذي أقره مجلس الأمن الدولي، قال بان كي مون، بحسب موقع "روسيا اليوم"، إن "هذه الوثيقة تبقى معلماً مهماً يدفع طرفي النزاع للتحرك إلى الأمام نحو تحقيق طموحات الشعب السوري".

في غضون ذلك، أكد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أنس العبدة، في حوار مع وكالة "الأناضول" من بروكسل، أنّ "المفاوضات تواجه إشكالية حقيقية في ظل غياب الإرادة الجادة من المجتمع الدولي، ومن الطرف الروسي في الضغط على النظام من أجل التصرف بطريقة أكثر جدية في الوصول إلى حل سياسي في البلاد". واعتبر أن "المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود في ظل غياب التزام واضح من النظام السوري وحلفائه بالهدنة الإنسانية، وبإحراز أي تقدم حقيقي في المسعى الإنساني، وغياب الجدية في مناقشة سبل تحقيق الانتقال السياسي الذي يمثل لب العملية السياسية"، وفقاً لتعبيره. كما اعتبر العبدة أن "النظام السوري وتنظيم داعش الإرهابي، وجهان لعملة واحدة يستهدفان المدنيين، فضلًا عن الثورة والفصائل الثورية المسلحة". 
ولفت إلى أن الاجتماع المقبل للهيئة العليا للمفاوضات (المنبثقة عن المعارضة السورية)، سيحسم الاتفاق على الفريق التفاوضي الذي سيخوض المرحلة المقبلة. 

جبهات ريف حلب الجنوبي

ميدانياً، تستمر المعارك على عدد من الجبهات، ولا سيما في ريف حلب الجنوبي. وتكبدت القوات التابعة للنظام ولإيران، إلى جانب المليشيات التي تساندهما، للمزيد من الخسائر في الأرواح والمعدات، حيث انتقلت من الهجوم إلى الدفاع عن المراكز التي كانت تحاول من خلالها فرض حصار على حلب والوصول إلى بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب (تقطنهما أغلبية من الطائفة الشيعية).

وحققت المعارضة المسلحة خلال اليومين الأخيرين تقدماً وصفه خبراء عسكريون بـ"المهم" و"الاستراتيجي"، إذ أشار ناشطون إلى أن جيش الفتح، التابع لقوات المعارضة، واصل، أمس الأربعاء، التقدم في ريف حلب الجنوبي، حيث سيطر على أجزاء واسعة من قرية خلصة، ما يعني سقوط قريتي زيتان وبرنة تلقائياً بحكم وقوعهما تحت مرمى نيران جيش الفتح، وفق مصادر مطلعة. وأشارت المصادر نفسها إلى أن المعارك التي تدور جنوب حلب ستنهي تطلّع المليشيات المدعومة من إيران للوصول إلى بلدتي كفريا والفوعة، بريف إدلب، عن طريق ريف حلب الجنوبي، وإعادة الوضع العسكري في المنطقة إلى ما كان عليه قبل التدخل العسكري الروسي في سبتمبر/ أيلول الماضي والذي سمح للمليشيات الإيرانية بالتقدم.