حلب بعد انهيار الهدنة... النظام يخطّط لاستعادة ما خسره

26 ابريل 2016
من غارات قوات النظام على حلب (كرم المصري/فرانس برس)
+ الخط -
تستعدّ قوات النظام السوري والمليشيات الحليفة لها من جهة وقوات المعارضة السورية من جهة ثانية، لخوض جولة قتال جديدة في مدينة حلب ومحيطها، ففي الوقت الذي بدأت فيه قوات النظام بالتمهيد المدفعي على جبهات القتال شمال وشرق وجنوب حلب، بالتزامن مع عودة القصف الجوي لمناطق سيطرة المعارضة السورية إلى وتيرته قبل إعلان الهدنة في 27 فبراير/شباط الماضي، تحاول قوات المعارضة تحسين وضعها الميداني وتجهيز نفسها للدفاع عن مناطق سيطرتها.

ومع بداية مناوشات القصف المتبادل بين الجانبين، سقط عشرات المدنيين ضحايا عمليات القصف، التي شنّتها طائرات النظام على الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة شرق مدينة حلب وشمالها، في الوقت الذي قضى فيه آخرون نتيجة قذائف عشوائية أُطلقت من مناطق سيطرة المعارضة وسقطت على الأحياء التي يسيطر عليها النظام وسط حلب وغربها. كما كثفت قوات النظام عمليات القصف المدفعي على خطوط القتال، التي يتوقع أن تسعى قوات النظام والمليشيات الحليفة لها لإحراز تقدم عليها.

في هذا السياق، يشير الناشط الإعلامي حسن الحلبي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "قوات النظام قصفت بقذائف المدفعية، منذ صباح أمس الإثنين، مناطق تمركز قوات المعارضة في بلدة عندان، شمال غرب حلب، والتي تقابل قرية الطامورة، التي سيطرت عليها قوات النظام في شهر فبراير/شباط الماضي، بأكثر من عشرين قذيفة، خلّفت دماراً في المنطقة التي غادرها معظم سكانها في وقت سابق بحكم تحوّلها إلى خط مواجهة بين طرفي الصراع. وتزامن قصف قوات النظام للمنطقة مع اشتباكات عنيفة جرت هناك بين قوات المعارضة من طرف وبين المليشيات المحلية والأجنبية الموالية للنظام من طرف آخر".

وتحظى المنطقة بأهمية استراتيجية عالية بالنسبة للطرفين، لكونها خط دفاع المعارضة الأخير عن الطريق الذي يصل مناطق سيطرة المعارضة بمدينة حلب، عن معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا في ريف إدلب الشمالي. وسيعني نجاح قوات النظام بالسيطرة على عندان، في حال حصل، تمكن قوات النظام من رصد الطريق الذي يفصل مناطق سيطرة المعارضة في حلب عن مناطق سيطرتها في ريف حلب الغربي وصولاً إلى معبر باب الهوى، ما يعني عملياً فصل مناطق سيطرة المعارضة في حلب عن آخر خطوط إمدادها.


ويلفت الحلبي إلى أن "قوات النظام المتمركزة في منطقة حندرات شمال حلب قصف بالمدفعية الثقيلة أيضاً مناطق سيطرة المعارضة في بلدة حريتان، المجاورة لعندان، والواقعة إلى شمالي حلب قرب أوتوستراد الكاستلو، الذي تسعى قوات النظام لقطعه من أكثر من منطقة إحداها هي منطقة الملاح المجاورة لحريتان".

في شرق حلب، قصفت مدفعية النظام المتمركزة في مطار النيرب العسكري إلى الشرق من حلب، أحياء الطراب والجزماتي، التي تسيطر عليها المعارضة في مدخل مدينة حلب الشرقي، بأكثر من ثلاثين قذيفة ما خلّف إصابات بين السكان وأضرارا مادية كبيرة.

وكانت قوات النظام المتمركزة في منطقة جبل عزان، جنوب حلب، قد قصفت بلدة العيس وقريتي البها والشهيد، اللتين تسيطر عليهما المعارضة، بعشرات قذائف المدفعية منذ صباح أمس، وذلك في محاولة للتمهيد لقوات المليشيات الأجنبية، التي تحاول منذ أكثر من أسبوعين تسجيل أي تقدم ميداني على جبهات القتال جنوب حلب، في ظلّ تمتّع قوات المعارضة بوضع جيد نسبياً، مع تمكنها من المحافظة على السيطرة على بلدة العيس وعلى التلال الهامة المحيطة بها.

وتزامن القصف المدفعي المستمر لقوات النظام على معظم خطوط الاشتباك في أطراف حلب الشمالية والشرقية والجنوبية، مع استمرار القصف الجوي على الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في المدينة. كما أدى القصف إلى وقوع مجازر عدة، راح ضحيتها عشرات المدنيين، وكان آخرها القصف الجوي الذي استهدف بثلاث غارات مناطق في حي الصاخور شرق حلب، وخلّف نحو عشرة قتلى، بينهم طفل وامرأة وأكثر من عشرين جريحاً يوم الأحد، الذي شهد أيضاً قصفاً جوياً مماثلاً، استهدف حي المواصلات شرق حلب، وتسبّب بمقل طفل وامرأة، وقصف مماثل على حي المرجة شرق حلب أيضاً تسبب بمقتل رجل.

وعلى الجانب الآخر يستمر سقوط القذائف العشوائية على المناطق السكنية التي يسيطر عليها النظام وسط وغرب مدينة حلب، وأفادت مصادر طبية لـ"العربي الجديد"، أن "ثلاثة أطفال وسيدة قضوا، وأُصيب عشرون آخرون بجراح، نتيجة سقوط أكثر من عشر قذائف يعتقد أن المعارضة أطلقتها على حي السليمانية الذي يسيطر عليه النظام".

وشهدت مناطق حي الشهباء وحي الزهراء وحي الحمدانية وحي الجميلية وحي الإذاعة ومناطق الحريري وشارع النيل وحلب الجديدة تساقطاً لعشرات قذائف الهاون محلية الصنع العشوائية منذ صباح أمس، الأمر الذي خلّف عشرات الجرحى بين المدنيين هرعت سيارات الاسعاف لنقلهم إلى المستشفيات.

ومع تزايد تعقيد الوضع الميداني في حلب، إثر انهيار الهدنة الفعلي بين قوات المعارضة وقوات النظام، أصبح المدنيون الباقون في المدينة الضحية الأبرز لتجدد الصراع العسكري فيها في الوقت الذي يبدو فيه تحقيق أي من طرفي الصراع حسماً في معركة حلب أمراً مستبعداً في المدى المنظور.

المساهمون