سياسيون تونسيون: التهدئة الاجتماعية والسياسية تتطلّب توافقاً وطنياً

20 ابريل 2016
احتجاجات اجتماعية وتبادل الانتقادات بين الحكومة والمعارضة بتونس (Getty)
+ الخط -
تعالت العديد من الدعوات للتهدئة السياسية وتصفية الأجواء في تونس، بعد سلسلة من الاحتجاجات شهدها البلد في الآونة الأخيرة، "لكي يتم التركيز على الإصلاحات الكبرى والملفات الحارقة، وتحصين البلد في مواجهة الإرهاب"، بحسب دعاة التهدئة.

ويرى مراقبون أن تونس تمر بوضع أمني دقيق، في ظل حرب متواصلة على الإرهاب، وأن الإضرابات الاجتماعية أنهكت كاهل الاقتصاد، فيما يعتقد مناصرو الحكومة أن الصراعات الحزبية، والدور السلبي للمعارضة، عاملان لم يساعدا الحكومة على المضي بسرعة نحو الإصلاحات الهيكلية التي تتطلبها المرحلة، الأمر الذي يرفضه المعارضون، مؤكدين أن الحكومة ضعيفة ولم تقدم شيئا.

وكان الوضع الذي تمر به تونس، والبحث عن سبل التهدئة الاجتماعية والسياسية، من أبرز ما تم التباحث بشأنه في لقاء رئيس الجمهورية التونسية، الباجي قائد السبسي، مع الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، حسين العباسي، ثم مع راشد الغنوشي، رئيس حركة "النهضة".

وقال القيادي في الحركة، عبد الحميد الجلاصي، إنّ تونس أمامها تحديات كبيرة، "فلئن حصل نوع من الاطمئنان السياسي بعد إرساء الدستور، وترسيخ الديمقراطية، فإن هناك قضايا جوهرية وملفات كبرى لابد من الالتفات إليها، ولعل أبرزها الاستحقاقات التنموية، والنجاح في الحرب ضد الإرهاب"، موضحا، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ البلد لديه وصفة ناجحة لتحقيق التهدئة الاجتماعية والسياسية، وهي التوافق، مبينا أنه سبق لتونس أن نجحت في إرساء حوار وطني، مكّنها من تحقيق نجاحات سياسية.

وقال الجلاصي إن بلاده إذا أرادت اليوم النجاح في الاستحقاق التنموي، والنهوض بالتشغيل، "فإن ذلك لن يكون بعصا سحرية، بل بالتوافق السياسي"، قبل أن يشدد على أنّ الاحتجاجات الاجتماعية نار تحت الرماد، و"أن الحكومة وحدها لا تستطيع تحقيق المطالب الاجتماعية، والقيام بالإصلاحات الضرورية، بل لابد من توّفر رأس المال، ومساعدات من أصدقاء تونس، وتوفير المناخ للاستثمار، فلا أحد يجازف بالاستثمار في ظل وجود مناخ متوتر، كما أن عديد الاستثمارات غيرت وجهتها إلى المغرب، لأن الظروف في تونس لم تكن مشجعة على الاستثمار".

واعتبر المتحدث ذاته أنّ المطالب الاجتماعية مشروعة، و"لكن المرفوض هو التوظيف السياسي لهذه المطالب. فدور المعارضة اليوم يختلف عما كان عليه قبل الثورة، وعليها بالتالي أن تساهم في الاستقرار وفي التهدئة لتتحقق المطالب"، مشيرا إلى أنّ التجاذبات الحزبية تهدّد تونس، و"أن بعض الأطراف، للأسف، كالجبهة الشعبية مثلا، تدعي مساندة المحتجين، وكأن بقية الأحزاب لا تفعل، ومطلوب منها تقديم مقترحات بنّاءة للخروج من الأزمة الحالية، ومن ثقافة الاحتجاج إلى البناء".

ولفت القيادي في "النهضة" إلى أن التهدئة الاجتماعية والسياسية تتطلب حوارا واسعا يجمع الحكومة والأحزاب والمنظمات المهنية، "من أجل البناء والإصلاح، وهذا الأمر يتطلب، أيضا، جرأة من الحكومة، ومصارحتها للشعب التونسي، ليشعر أنّ الإصلاح بدأ بالفعل، وأن القاطرة بدأت تتحرك، بعيدا عن التجاذبات السياسية، والبحث عن تموقعات حزبية"

ويرى القيادي في "الحزب الجمهوري"، عصام الشابي، أنّها ليست المرة الأولى التي تطلب فيها رئاسة الجمهورية التهدئة الاجتماعية والسياسية، مبينا أن "السلطة كلما عجزت عن القيام بالإصلاحات التي تنادي بها الفئات الضعيفة إلا وتطالب بالتهدئة".

وقال الشابي، لـ"العربي الجديد"، إن التهدئة الاجتماعية والسياسية تكون بسياسة تنموية جديدة، تبعث الثقة لدى الفئات المحرومة، معتبرا أن الحكومة ليس لها ما تقدم، فإما أن تكون قادرة على العمل، أو أن تعلن فشلها، مضيفا أنه لا وجود لتهدئة سياسية، قبل أن يتساءل: "هل معنى ذلك إلغاء التعددية السياسية، أم أنّ الائتلاف الحاكم منزعج من انتقادات المعارضة، فإن كان هذا هو المقصود فالأمر يعتبر بمثابة رجوع إلى الوراء".

وأكدّ القيادي في "الحزب الجمهوري" أن تونس في حاجة إلى توافق، وإلى البحث عن خطة إنقاذ وطني، وأن "الوقت حان لكي يتواضع القائمون على الحكم ويقروا بأن مشاكل البلاد أصعب من أن يعالجوها بمفردهم"، داعيا إلى الجلوس على طاولة الحوار "لأن التهدئة لا تكون إلا بتوافق وطني، وعن طريق حكامة جدية، لقيادة هذه المرحلة"، حسب قوله.

من جهته، أكدّ القيادي في "التيار الديمقراطي"، محمد عبّو، لـ"العربي الجديد"، أنّ المطلوب، قبل الحديث عن تهدئة اجتماعية، وسياسية، تحقيق نتائج ملموسة يشعر بها الناس، "ففي الحكومات السابقة كان الوضع لا يسمح بتحقيق المطالب نتيجة الصراعات السياسية، ولكن بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، والمرور إلى انتخابات تشريعية ورئاسية، كان على الأطراف الحاكمة، وأحزاب الائتلاف الحكومي، أن تحقق نتائج ملموسة".

وأوضح عبو أن ما حصل بعد الانتخابات كان مخالفا للتوقعات، ومخيبا لآمال الناس، "فالبطالة في ارتفاع، والتنمية لم تتحقق، مع غياب واضح لأي بوادر لإصلاحات جذرية"، مؤكدا على أن رئاسة الجمهورية اختارت إثارة مشاكل جانبية من شأنها أن تعمق الصراعات الداخلية، "كطرح قانون المصالحة، في الوقت الذي تعاني فيه الطبقات الكادحة من الفقر ومن التهميش"، مبينا أنه لا توجد أي رغبة في كشف ملفات الفساد، ولا في التغيير، "ليبقى الطرف الأضعف هو الذي يطلب منه دائما التحلي بالصبر، وأن يراعي دقة المرحلة"

وأكد القيادي في "التيار الديمقراطي" أن واجب الدولة أن تبادر بالإصلاح، وبتجسيد ما وعدت به، لا أن تكتفي بالمطالبة بالتهدئة.

المساهمون