احتجاجات قرقنة التونسية: الأمن ينسحب والمعارضة تطالب بـ"التنمية"

15 ابريل 2016
انسحب الأمن لصالح قوات الجيش (Getty)
+ الخط -
انسحبت القوات الأمنية اليوم الجمعة، من جزيرة قرقنة، بمحافظة صفاقس، جنوب تونس، تاركة مهمة حماية مؤسسات الدولة لعناصر الجيش، فيما دعا نواب المعارضة الحكومة للإيفاء بوعودها التنموية في المنطقة التي شهدت أمس اشتباكات، بين قوات الأمن ومعتصمين كانوا يطالبون بالعمل في شركة (بتروفاك) البترولية.

وأشار مسؤول من مكتب الإعلام بوزارة الداخلية في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى "سحب الوحدات الأمنية مؤقتاً من المنطقة"، مبيناً أن "وحدات الجيش التي حلت بقرقنة ستسعى إلى تأمين المؤسسات والمنشآت".

وقد تجددت الاشتباكات اليوم بين قوات الأمن ومعتصمين كانوا يطالبون بالتشغيل في شركة "بتروفاك" البترولية.

وأوضحت وزارة الداخلية، في بيان، أن "مجموعة تتكون من نحو 250 شخصاً، هاجمت وحدات أمنية كانت متمركزة في محيط ميناء سيدي يوسف بقرقنة، بالحجارة والزجاجات الحارقة، الأمر الذي نجم عنه حرق سيارتين".

كذلك جرى "إلقاء سيارة أمنية أخرى في البحر بالميناء، وتعمدت المجموعة حرق مركز الأمن الوطني بمنطقة العطايا، بالإضافة إلى حرق مكتبين تابعين للحرس الوطني بمقر ميناء سيدي يوسف"، طبقاً لبيان الداخلية.

وقال النائب عن ولاية صفاقس، شفيق عيادي، إن "نواب المنطقة يحاولون تخفيف حالة الاحتقان بجزيرة قرقنة"، مضيفاً أنه "تم تفريق المعتصمين أمام مقر شركة بتروفاك لإنتاج الغاز بالقوة، وتم تعطيل الإنتاج لمدة 78 يوما".

وفي حين طالب النائب قوات الأمن بالانسحاب من المنطقة، أكدت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أنه "تم إطلاق سراح جميع الموقوفين من المعتصمين في محاولات لتهدئة الأوضاع التي شهدت تصاعداً".

وقال الكاتب العام للاتحاد المحلي للشغل، محمد علي عروس، لـ"العربي الجديد"، إن "من بين المطالب العاجلة إطلاق سراح جميع الموقوفين من الشباب العاطلين عن العمل، وإيقاف جميع الملاحقات العدلية التي طاولت المحتجين"، داعياً "السلطات التونسية إلى الإنصات إلى هموم الأهالي تفادياً لأي تصعيد قد يحدث".

سياسياً، أعرب رؤساء الكتل البرلمانية عن قلقهم إزاء ما يحدث في جزيرة قرقنة، من تصاعد للاحتجاجات ولجوء الدولة للتعامل أمنياً مع المتظاهرين.

ودعا نواب المعارضة الحكومة لـ"الإيفاء بوعودها التنموية من جهة وسحب قوات الأمن المتمركزة بالمكان تفادياً لوقوع اشتباكات مع الأهالي".

واتفقت جميع الكتل النيابية على اختلافها على أن "الخيار الأمني لم يكن ناجعا، وأنه كان على الحكومة أن تستمع للمحتجين وتحاول إيجاد قنوات للتفاوض معهم بدل اللجوء لقمع المسيرات والمظاهرات وعزل الجزيرة وقطع طرق الوصول إليها، مما حال دون وصول المواد التموينية إليها".

كذلك، وجه نواب المعارضة انتقادات لأداء وزير الداخلية، معتبرين أن "الحكومة لجأت للعنف حين نفدت منها وسائل المماطلة والتسويف في حل المشاكل الاجتماعية".

وأوضح النائب عن الكتلة "الديمقراطية الاجتماعية"، عدنان الحاجي، لـ"العربي الجديد" أن "ما يحدث في قرقنة اليوم شبيه بما حدث في الحوض المنجمي عام 2008، حينما قمعت السلطة التحركات السلمية من أجل العمل والتنمية، وعمدت إلى التعتيم الإعلامي عما يحدث، وقطعت الطريق أمام المساندين والمحتجين".

واعتبر أن ما يجري هناك هو "الخطأ القاتل للحكومة، والتي فضلت العنف على الحوار؛ لأنها لا تملك حلولاً رغم أن الحلول ممكنة".



من جهته، بيّن النقابي البارز عدنان الحاجي أن "الحلول مطروحة، لكن إذا ما تم التعامل مع الأمر في إطار السعي فقط لإخماد التحركات حتى لا يقوم حراك بكامل البلاد، فإن ذلك لن يؤدي إلى نتيجة".

أما النائب عن التيار الديمقراطي المعارض عن محافظة صفاقس، نعمان العش، فقد أكد لـ"العربي الجديد" أن "الاحتقان لا يشمل جزيرة قرقنة فقط بل تشهده أغلب المناطق"، مشيراً إلى أن "هناك اتفاقا سابقا بين المحتجين والحكومة في ما يخص بعث شركة بيئية للإحاطة بالمحتجين وتشغيلهم، لكن الحكومة لم تنفذه ما ولد احتقاناً قوبل بعنف مفرط وصل حد إطلاق الغاز المسيل للدموع عشوائياً ما نتج عنه اختناق الأهالي".

فيما صعّد رئيس كتلة الجبهة الشعبية المعارضة، أحمد الصديق، من وتيرة النقد لوزارة الداخلية، حيث وصف البيانات الصادرة عنها ضد المحتجين بـ"البائسة والمضحكة".

إلى ذلك، دعا نواب الائتلاف الحاكم، الحكومة إلى الحوار مع الاتحاد العام التونسي للشغل والمحتجين من أجل تهدئة الأوضاع، معبرين عن أسفهم لما آلت إليه الأوضاع من استعمال للقوة ضد الأهالي وتوتر الأجواء.