"إبادة" أقليات العراق... سجال بين الكونغرس والخارجية الأميركية

17 مارس 2016
مقاتلون أيزيديون في جبال سنجار (سافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -

بموازاة تطوّر قضية تعرض الأقليات في العراق لعمليات استهداف، وتصنيفها بأنها "إبادة جماعية"، تتكاثر الأخبار المتعلقة بخلوّ البلاد من الأقليات الدينية، التي اتخذت من الهجرة خارج البلاد مهرباً نحو الأمان.

في سياق التصنيف، صوّت المشرعون الأميركيون، يوم الإثنين، على تصنيف الفظائع التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق وسورية ضمن خانة "الإبادة". وقد أقرّ مجلس النواب الأميركي، بالإجماع، قراراً غير ملزم بهدف الضغط على إدارة الرئيس باراك أوباما، لتسمية هجمات "داعش" ضد المسيحيين والإيزيديين وغيرهم من الأقليات بـ"جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية وإبادة"، وهو ما ترفضه وزارة الخارجية حتى الآن. وقد منح الكونغرس وزارة الخارجية حتى اليوم الخميس، لاتخاذ قرارها حيال تصنيف "الإبادة"، وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية، جون كيربي، الإثنين، أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري "سيتخذ قراراً قريباً" في هذا الشأن. 

في هذا السياق، يقول غسان متى، وهو مسيحي وقانوني عمل في تحشيد الرأي العام العالمي ضد قضية استهداف الأقليات وخصوصاً المسيحيين في العراق، إن "الأمر أكبر من كونه استهدافا من قبل داعش". ويشير متى، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "جميع المنظمات الدولية تساند قضية الأقليات في العراق، وتعتبر استهدافهم جريمة من جرائم الإبادة الجماعية". ويتابع أن "عمليات التهجير الممنهج سبقت ما قام به داعش"، موضحاً أن "العراق بعد غزوه في 2003، بدأت تظهر فيه علامات الاستهداف ضد المسيحيين بشكل لافت، لاسيما من يسكنون بغداد والبصرة". كما يكشف أنه "جرت عمليات استحواذ على ممتلكات المسيحيين المهاجرين، من قبل الأحزاب الحاكمة في السلطة، ثم بدأت عمليات استهداف الكنائس"، مشيراً إلى أن "الغاية على ما تبدو، تغيير ديموغرافية المناطق، وإخلاؤها من سكانها وإبدالهم بسكان آخرين، وهو ما حصل في بغداد والبصرة، وما حصل كذلك في الموصل".

من جهتهم، اتفق عراقيون ممن يطلق عليهم "أقليات" في أن عودة المهاجرين منهم إلى البلاد تتوقف على مدى توفر الأمان لهم، وضمان عدم المساس بحقوقهم ومواطنتهم، فيما يجدون أنهم اليوم باتوا يرون الهجرة واللجوء في بلدان الغرب الفرصة الوحيدة لبقائهم أحياء.

اقرأ أيضاً العراق: "البشمركة" تسلح أقليات الموصل وتضمهم إلى صفوفها 

يقول زاهر حساني، وهو صابئي مندائي، لا يرغب بمغادرة بغداد، رغم توفر فرصة حصوله على لجوء إنساني في دول أوروبية، إنه بات بلا أقارب. وينوّه في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "جميع إخوتي وأقاربي يعيشون اليوم في دول أوروبا وأميركا"، لافتاً إلى أن "فكرة مغادرة بيتي وبلدي لا أستطيع تخيلها، رغم ما أعيشه وأسرتي من مرارة يومية، وظروف صعبة، كما هو حال باقي العراقيين، إلا أني أرفض مجرد التفكير بالهجرة". ويضيف أنه "لا أتوقع تحسناً يصيب حالنا أو العراقيين عموماً، ما نحتاج له لا يمكن توفره حتى على مدى عشر سنوات، وأعتقد أن قراراً كتصنيف قضية الأقليات بالإبادة الجماعية، سيزيد من انتشار تلك الفئة بين الدول بصفة لاجئين وانتهاء وجودها في بلدنا".

أيزيديون هربوا في وقت سابق من الموصل، يسكنون حالياً في كردستان، إقليم شمال العراق، يؤكدون أيضاً بأنهم لا ينتظرون سوى عودتهم لمناطقهم في الموصل، ويأملون أن تسعى دول التحالف لتحرير مدينتهم. ويبلغ عدد الأيزيديين في العراق حوالي 350 ألف نسمة، يعيش معظم أفرادها في الشمال قرب الموصل (465 كيلومتراً شمال بغداد)، ومنطقة جبال سنجار والقرى المحيطة بها وكذلك قضاء زمار، ويشكلون 70 في المئة من سكان قضاء سنجار ويبلغ عددهم 24 ألف نسمة.

في هذا الإطار، يقول يحيى خليل زادة، وهو أيزيدي من الموصل، لـ"العربي الجديد" إن "مناطقنا وقرانا في الموصل لا تعني لنا مجرد مكان للسكن، إنها تاريخنا وموطن آبائنا وأجدادنا، وفيها أماكن عباداتنا ومزاراتنا، لذلك ينتظر جميع الأيزيديين المهجرين والمهاجرين تطهير الموصل من داعش، وسيعودون جميعهم".

يذكر أن تنظيم "داعش" استولى على مناطق تعود للأيزيديين في الموصل بعد أن سيطر عليها صيف 2014، وعلى أثر ذلك نجحت أعداد كبيرة من الأيزيديين في الهرب، فيما عمل عناصر التنظيم على سبي نسائهم وقتل أعداد من رجالهم، ممن لم يتمكنوا من الهرب.

اقرأ أيضاً: الخندق الكردي في العراق...ملامح حدود انفصال الإقليم

المساهمون