مناقشة ميزانية الحقيقة والكرامة بتونس: رئيسة الهيئة تحت المجهر

07 ديسمبر 2016
دعوات صريحة لاستقالة رئيسة الهيئة (فتحي بلايد/ فرانس برس)
+ الخط -

لم تخيّب الجلسة الصباحية، لليوم الأربعاء، لمناقشة ميزانية هيئة الحقيقة والكرامة توقعات الملاحظين، ووضعت المداخلات رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين تحت مجهر النقد والتجريح أحياناً، وبدا الخلط جليا بين العدالة الانتقالية وشخص الرئيسة التي لم ينف النواب من المساندين والمناهضين معا، أنها ارتكبت عدة أخطاء، في وقت ينتظر أن ترّد بن سدرين على جميع الانتقادات.

 وتراوحت المداخلات بين الدعوة إلى تصحيح مسار العدالة الانتقالية وتقويمه، وبين انتقاد تسيير بن سدرين للهيئة وما طاولها من انشقاقات، لتوجه إليها دعوات صريحة بالاستقالة من منصبها.

وبلا مفاجآت، جاءت مداخلات نواب كتلتي نداء تونس والحرة الأكثر حدة في التعاطي مع هيئة الحقيقة والكرامة، فيما بدت تدخلات نواب حزب النهضة بذات الحدة في الدفاع عن هذه الأخيرة، والتعويل على احراج حلفائهم في الحكم بتذكيرهم بعذابات الضحايا.

وقال حسين الجزيري في مداخلته إن "حركة النهضة التي عانت الاستبداد والظلم بكل أشكاله، ونكل بقياداتها، ومن بينهم نواب موجودون بالبرلمان الذي يحاكم فيه مسار العدالة الانتقالية، فضّلت سنة 2013 التخلي عن الحكم حقنا للدماء، وحتى لا يتقاتل التونسيون مرة أخرى"، مشيراً إلى أنه "لا توافق حقيقياً قبل تصفية إرث الماضي، وأن النهضة اشتاقت للمعارضة".

وبدت مداخلة الجزيري كتحذير ضمني لشركاء الحكم من أن النهضة قادرة على مغادرة الائتلاف والعودة للمعارضة، إذا لم يلتزم النداء ببنود التوافق، وفي مقدمتها عدم ضرب مسار العدالة الانتقالية ورئيسة الهيئة التي بدا وكأنها تحظى بحماية خاصة من الحزب.

 وأوضح الجزيري لـ"العربي الجديد" أن "جراح النهضة من الماضي لا تزال حية وقد أذكتها جلسات الاستماع، وقد عوّلت أيضا على أن يساهم مسار العدالة الانتقالية في تصفية الأجواء وبن سدرين تمثل العدالة الانتقالية، وإذ تقبل النهضة النقد الموجه إليها، غير أنها تعتبر أن التونسيون يحتاجون هذه الهيئة سياسيا واجتماعيا وأخلاقيا".

ودعا الجزيري النواب المنتقدين لها بالتحلي بقليل من الأخلاق في تعاطيهم معها.

وفي الوقت الذي سعى فيه نواب النهضة والكتلة الاجتماعية لتقديم الدعم للهيئة متجندين للدفاع عنها، قدم نواب النداء والحرة وآفاق معطيات حول شبهة الفساد المالي والإداري وسوء التصرف، محاولين في الآن ذاته درأ تهمة ضرب مسار العدالة الانتقالية عن أحزابهم.

وقال النائب عن نداء تونس، حسن العماري، في هذا الصدد إن "الهيئة تتصرف وكأنها أعلى من الدولة والقانون وإمكانيات البلاد المالية".

وأبرز أن الهيئة رمت بقرارات المحكمة الإدارية، ولم تطبقها كما لم تقبل برقابة البرلمان عليها، وقدمت تقارير محاسبية مغلوطة ومنقوصة وضخمت ميزانيتها، وفي حين تشكو الدولة أزمة في موارد المالية العمومية تطالب الهيئة بميزانية مضاعفة مرتين".

وانتقد النائب عن الكتلة الحرة، مصطفى بن أحمد، جلسات الاستماع التي "تنقصها الإحاطة النفسية للضحايا" على حد تعبيره، مشيرا إلى أن "التاريخ لا تكتبه شهادات عاطفية، وإنما تحوله إلى مشهد مسرحي"، على حد قوله.

وفي ذات السياق، اعتبر النائب المستقل وليد جلاد أنه على رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين الاستقالة من مهامها حتى تنهي الجدل حول سوء إدارة الهيئة لملف العدالة الانتقالية.

وبرر ذلك في حديث لـ"العربي الجديد" بأن "الرئيسة ليست شخصية جامعة، بل مرفقة لمن حولها، وانطلقت في ذلك لصلب الهيئة التي أقيل منها ثلاثة أعضاء، واستقال أربعة آخرون اتفقوا جميعا على استبدادها"، مبيّناً أنه "من باب المسؤولية وحفاظا على مسار العدالة الانتقالية وحتى يكون مصدر توافق وطني يجب أن تتخلى بن سدرين عن مهامها".

وينتظر أن تشرع الجلسة هذا المساء في الاستماع إلى ردود بن سدرين على كل هذه الانتقادات.

 

دلالات