الحكيم يتجاوز حلفاءه ويستعين بتحالف القوى العراقية لإنجاح التسوية

27 ديسمبر 2016
الحكيم قدّم تعهّدات بتنازلات كثيرة (حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -

لم يحصل رئيس التحالف الوطني الحاكم في العراق، عمّار الحكيم، على تأييد من داخل تحالفه لإنجاح مشروع التسوية السياسية التي أطلقها كرؤيا لعراق ما بعد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وعلى ما يبدو فإنّ مكونات كبيرة من تحالف الحكيم قد خذلته في هذا المشروع، الأمر الذي دفعه للجوء الى تحالف القوى العراقية، محاولًا طمأنتهم كمكون سني، وكسبهم لأجل إنجاح المشروع.

وعلى الرغم من حاجة تحالف القوى إلى المشروع وأي مشروع متعلق بالمصالحة، إلا أنه بدا متمسّكا برأيه ومتشدّدا في الحصول على ضمانات للمكون الذي يمثله، ساعيًا الى الاستفادة من تجارب الماضي، والتي شهدت تجاهلًا كاملًا لمطالباته وطروحاته لحقوق المكون.

وقالت النائبة عن التحالف، انتصار الجبوري، والتي حضرت الاجتماع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الاجتماع الذي عقد بمنزل الجبوري، والذي حضره أغلب نواب وأعضاء تحالف القوى، كان اجتماعًا إيجابيًّا نوعًا ما"، مبينة أنّه "بعد إقرار قانون الحشد، ومن ثم عرض التسوية على تحالف القوى في اليوم نفسه، أحس التحالف وكأنّه يتجه نحو سياسة لي الأذرع، وتطبيق كل ما يريده من قوانين ومن مشاريع وفقًا لرؤيته الفردية".

وأضافت أنّ "اللقاء بالحكيم، وضع النقاط على الحروف، وقد أكد الحكيم أنّ مشروعه هو مشروع لكل العراقيين المشتركين في الوطن وليس لمكون معين"، مبينة أنّ "تحالف القوى رحب بالفكرة، لكنّه طلب الحصول على ضمانات وتعهدات وتطمينات وتنازلات من قبل التحالف الوطني على كل النقاط التي سيتم طرحها".

وأوضحت: "لا نريد الحصول على مجرد وعود غير قابلة التنفيذ، وأنّ هذا المشروع هو رؤيا للعراق لمرحلة ما بعد داعش وتنظيمها وحل مشاكلها لضمان عيش وأمن مجتمعي في البلاد"، مبينة أنّ "الحكيم أبدى استجابة كبيرة لمطالبنا ووعد بتحقيقها كلها".

وأشارت إلى أنّ "تحالف القوى طالب بمهلة ليست طويلة لإعداد ورقة لمطالبه الرئيسية، والتي ستكون محور النقاش والدراسة كنقاط رئيسية في التسوية"، مبينة أنّ "المهلة لن تكون طويلة، وسيعلن تحالف القوى عن موقفه الرسمي وعن تلك النقاط قريبًا".

من جهته، أكد مسؤول قريب من مكتب الجبوري، أنّ "لقاء الحكيم مع تحالف القوى يختلف عن أي حوارات سابقة بشأن التسوية، وهو بداية لتقارب واضح".


وقال المسؤول، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "الحكيم خُذل من داخل تحالفه بشأن المشروع، الأمر الذي دفعه إلى لقاء تحالف القوى، والتحاور معهم، محاولًا كسبهم لتعويض خسارته بتحالفه"، موضحًا أنّ "الحكيم بدا واضحا في الاجتماع، وقدّم تعهدات بتنازلات كبيرة لأجل كسب تحالف القوى".

وأوضح أنّ "من بين الأمور التي تعهد بها الحكيم، هو تعديل بعض فقرات قانون مليشيا الحشد، الذي يعد نقطة خلاف رئيسية بين الجانبين، وأنّها ستعدّل بشكل يرضي تحالف القوى ويدخل قوات عشائرية فيها"، مضيفًا: "تعهّد (الحكيم) بالسعي لحسم موضوع النازحين وعودتهم إلى مناطقهم، وحسم موضوع المعتقلين الذين اعتقلتهم المجاميع المسلحة، كبادرة حسن نية من التحالف الوطني، للبدء بالمشروع".

وأكد أنّ "الجانبين اتفقا على تشكيل لجان مشتركة، ستنتظر إعداد تحالف القوى لورقته، ومن ثمّ ستعمل اللجان على دراستها والاتفاق بشأنها، ومن ثم دمجها بالمشروع"، مرجحًا "حصول توافق قريب بين الجانبين بشأن المشروع، ليتم العمل عليه من قبل الطرفين".

يأتي ذلك في وقت أعلن فيه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، عقب اجتماع له برئيس الحكومة حيدر العبادي الاثنين، عن رفضه مشروع التسوية السياسية، مؤكدًا أنّ العراق يحتاج الى مشروع تسوية ومصالحة مجتمعية.

من جهته، عدّ النائب عن ائتلاف المالكي، وهو جزء من التحالف الوطني، قاسم العبودي، أنّ "مشروع التسوية الذي أعلن عنه الحكيم لا يرقى لمستوى الطموح، ولا يكفي لمرحلة ما بعد داعش".

وقال العبودي، في تصريح متلفز، إنّ "المشروع ضيق جدًّا ويتحدث عن ضمانات وتعهدات من قبل أهالي المناطق المحرّرة بعدم الانضمام لداعش"، مشدّدًا على أنّ "مرحلة ما بعد داعش هي مرحلة خطيرة، وتحتاج إلى توحيد الرؤى بين مكونات الشعب العراقي، وتوحيد المواقف، وحتى الاحتفالات الدينية والعطل الرسمية، وما إلى ذلك من أمور تصب في صالح التوافق والوئام بين مكونات الشعب".

وأكد أنّ "التسوية التي عرضها الحكيم لا تعالج كل هذه القضايا الأساسية، الأمر الذي يجعل منها تسوية قاصرة عن تحقيق أهدافها، وفرص نجاحها ضعيفة جدًّا".

يشار إلى أنّ الحكيم التقى، الاثنين، رئيس البرلمان، سليم الجبوري، في منزله ببغداد، مع تحالف القوى العراقية، وعقد الجانبان اجتماعًا ركّز على بحث مشروع التسوية الذي طرحه الحكيم في وقت سابق، بينما لم يعلن تحالف القوى موقفه الرسمي حتى الآن إزاء المشروع.



المساهمون