لبنان 2016: انتخاب عون وعسكرة حزب الله سورياً والصحافة

26 ديسمبر 2016
انتخب عون بعد عامين من الشغور(حسين بيضون)
+ الخط -

يمكن وصف عام 2016 في لبنان بمرآة الوضع السوري، إذ انعكس فيها تقدم "محور الممانعة" على حساب الشعب السوري سياسياً في لبنان. فمع نهاية العام الحالي وصل الحليف المسيحي الأول لحزب الله، ميشال عون، إلى موقع رئاسة الجمهورية (31 أكتوبر/تشرين الأول)، بعد تسوية سياسية صاغها مع حزب القوات اللبنانية وتيار المستقبل.

وعلى الرغم من أن بداية العام شهدت نعي رئيس مجلس النواب نبيه بري، لمساعي انتخاب الرئيس، لكن انتخاب عون تلاه سريعاً تشكيل الحكومة الأولى في العهد الرئاسي، برئاسة سعد الحريري في 17 سبتمبر/أيلول، وهو العائد إلى لبنان بعد ابتعاد قسري فرضته "التهديدات الأمنية". وسبق إنجاز هذا الاستحقاق بعد عامين ونصف من الشغور الرئاسي، إجراء الانتخابات البلدية في مايو/أيار، والتي سجلت فوزاً خجولاً للوائح الأحزاب على لوائح المجتمع المدني.

وفي الشأن الأمني، كانت تفجيرات القاع، الخرق الأمني الأبرز، التي نفذها انتحاريون وأدت لمقتل مدنيين في يونيو/حزيران. إلى جانب استهداف مواكب شعبية لحركة أمل في زحلة البقاعية في أغسطس/آب، والتي أدت لسقوط جرحى ووفاة متسولة سورية مُسنة كانت على الطريق.

وسجل عام 2016 تنفيذ الجيش لمجموعة عمليات ضد التنظيمات المتشددة المنتشرة في جرود بلدة عرسال على حدود لبنان الشرقية مع سورية. منها اشتباك اندلع في مارس/آذار بين دورية عسكرية وعناصر من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أدى إلى مقتل عسكريين اثنين من الجيش. وفي أبريل/نيسان تمكن الجيش اللبناني من قتل أمير "داعش" في عرسال، فايز الشعلان، المُلقب بـ"أبو الفوز" وتوقيف المسؤول الأمني للتنظيم في المنطقة، السوري محمد موصلّي، الملقب بـ"أبو ملهم". كما نجح الجيش في توقيف أحد قادة "داعش"، عماد ياسين، في مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان، خلال عملية أمنية في سبتبمر/أيلول.

على صعيد العلاقات الدولية، برز اسم حزب الله كالطرف الدائم في مختلف أزمات لبنان مع محيطه العربي ومع المجتمع الدولي. بدءاً من مهاجمة الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، للمملكة العربية السعودية في مناسبات عدة، ثم تعليق المملكة تقديم هبتين بقيمة 4 مليارات دولار أميركي وتصنيف الحزب "إرهابيا" في مجلس التعاون الخليجي، والجامعة العربية في مارس/آذار. واعتراض وزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق، على وصف الحزب بـ"الإرهابي"، في المقررات النهائية للدورة الثالثة والثلاثين من مؤتمر وزراء الداخلية العرب، المنعقد في تونس، مبرراً موقفه بـ"صون ما تبقى من مؤسسات دستورية في البلد"، وتسجيل العراق تحفظه على القرار.

وقد لقيت قرارات المملكة ترحيبا خليجياً تمثل بتبني مجلس التعاون للقرارات في فبراير/شباط، وترحيل عشرات اللبنانيين من الكويت والسعودية والبحرين والإمارات في الفترة الممتدة بين فبراير ومارس/آذار. وفي أبريل/نيسان أصدرت محكمة إماراتية حكما يقضي بسجن ثلاثة لبنانيين، أحدهم يحمل الجنسية الكندية، ستة أشهر وإبعادهم، وذلك بعد إدانتهم بتهمة تشكيل مجموعة تابعة لحزب الله.






كما برزت مشاركة حزب الله العسكرية والسياسية في التطورات العراقية، والتي أكدها تصريح للأمين العام لـ"حركة النجباء" أكرم الكعبي، في أغسطس/آب قال فيه إن "عناصر من حزب الله اللبناني موجودة حالياً في العراق كمستشارين عسكريين لقوات الحشد الشعبي". وفي الخليج اتهم المتحدث باسم قوات التحالف العربي والحكومة اليمينة، حزب الله، بدعم الحوثيين.

دولياً، برزت مسألة تطبيق العقوبات المالية الأميركية على حزب الله، وتعاون المصارف اللبنانية مع السلطات الأميركية في تطبيقها من خلال إغلاق كافة الحسايات المصرفية لأعضاء ومؤسسات الحزب في لبنان. وكانت البداية في يناير/كانون الثاني مع إصدار وزارة الخزانة الأميركية، قراراً بفرض عقوبات مالية على رجلي الأعمال اللبنانيين حمدي زهرالدين، ومحمد نور الدين مالك شركة "ترايد بوينت إنترناشيونال"، بتهمة تبييض الأموال لمصلحة الحزب، ودعمه مالياً.

وتوالت سبحة العقوبات، التي وصفها الحزب بـ"حرب الإلغاء التي يعززها المصرف المركزي في لبنان". وفي إطار هذه الحرب تم تفجير عبوة ناسفة عند مدخل الفرع الرئيسي لمصرف "لبنان والمهجر"، في يونيو/حزيران من دون تبني أي جهة لتفجيرها، ولم يتطرق أي حزب أو جهة رسمية إلى الحديث عن ملف التحقيق في الحادثة. 

وعلى صعيد الحرب مع إسرائيل، أعلن حزب الله مطلع 2016 عن "تفجير عبوة ناسفة على طريق زبدين ــ كفرا في منطقة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة المحاذية للحدود السورية ــ الفلسطينية، بدورية إسرائيلية مؤللة، ما أدى إلى تدمير آلية من نوع هامر وإصابة من بداخلها". وأطلق بيان للحزب تسمية "مجموعة الشهيد سمير القنطار" على الفرقة التي نفذت العمليّة، في إشارة إلى أنها رد على اغتيال القنطار في سورية في العشرين من شهر ديسمبر/كانون الأول 2015. ورد الجيش الإسرائيلي على العملية بقصف مدفعي محدود استهدف بلدات جنوبية لبنانية.

وفي الشأن السوري، ومشاركة حزب الله في المعارك إلى جانب قوات النظام، خسر الحزب قائده العسكري مصطفى بدر الدين، في مايو/أيار بعد قصف مدفعي طاول مركزا قياديا قرب مطار دمشق الدولي. ونعى الحزب أيضاً لاعب كرة قدم لبناني شارك في القتال ضمن صفوف الحزب في مدينة حلب، وهو لاعب نادي "العهد"، قاسم شمخة البالغ من العمر 19 عاماً.

وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني نظم الحزب عرضاً عسكرياً بمشاركة سرية مدرعات، ضمت آليات روسية وأميركية الصنع، في مدينة القصير في ريف حمص.

داخليا، برزت الخلافات الحكومية في عهد الرئيس تمّام سلام، وإقرار حل ربحي لأزمة النفايات قضى بإنشاء مكبَّين للنفايات داخل البحر المتوسط، شمالي وجنوبي العاصمة بيروت. وسجل العام تزكية وزير الخارجية جبران باسيل لرئاسة "التيار الوطني الحر" خلفاً لوالد زوجته، رئيس الجمهورية ميشال عون، وتزكية الرئيس سعد الحريري لرئاسة "تيار المستقبل"، وتزكية ابن عمته، أحمد الحريري، لمنصب الأمين العام للتيار.

وهي تزكيات تمت في ظل خلافات تنظيمية، تخللها فصل مقربين من باسيل لناشطين في "التيار الوطني الحر".

على الصعيد القضائي، برز تغليظ الحكم بحق مستشار رئيس النظام السوري، والوزير السابق ميشال سماحة، الذي يستكمل عقوبة 13 عاما سجنا بتهمة التحضير لتفجيرات واغتيالات في لبنان. وذلك بعد أن أخلى القضاء العسكري سراحه، وحالت الضغوطات السياسية دون تبرئته وإغلاق ملفه.

وزار لبنان هذا العام شخصيات عربية وأجنبية، أبرزها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ووزراء خارجية قطر وإيران ومصر وفرنسا وتركيا. كما زار البلاد وزير الدولة السوري لشؤون رئاسة الجمهورية ومفتي النظام لتقديم التهنئة بإجراء الانتخابات الرئاسية. وشكلت زيارة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج، ثامر السبهان، قبيل انتخاب عون رئيساً أولى بوادر رفع المقاطعة الخليجية عن لبنان.

عام سيئ للحريات والإعلام

وشهد عام 2016 صرف عشرات الإعلاميين من صحف المستقبل، والسفير، وعدد من المحطات، مع إعلان ناشر السفير عن نيته إغلاق الصحيفة مطلع عام 2017. كما شهد العام إغلاق مكاتب قناة العربية بشكل كامل في لبنان، والحديث عن توجه لإغلاق مكاتب صحيفة الحياة. وتعرض عشرات الصحافيين لاعتدءات من قبل ناشطين حزبيين ومن قبل القوى الأمنية والعسكرية اللبنانية. كما تم استدعاء صحافيين للتحقيق على خلفية عملهم، وتم اقتحام مكاتب صحيفة الشرق الأوسط من قبل مُحتجين على رسم كاريكاتوري اعتبروه إساءة للبنان. وخسر العالم العربي عام 2016 المغنية اللبنانية صباح، والموسيقار ملحم بركات.

وكان حادث تسلل طفل فلسطيني إلى مطار بيروت وركوبه طائرة متجهة إلى إسطنبول في سبتمبر/أيلول الماضي، من دون أن يُقدم جواز سفر أو حجزا، هو ما جدد الحديث عن الحاجة لتطوير البنى التحتية في المطار، وملء الشواغر الأمنية والإدارية فيه.