إسرائيل تواصل تخطيطها لتغيير الواقع التاريخي في القدس

17 ديسمبر 2016
القدس تتعرض للأسرلة والتهويد (توماس كويكس/ فرانس برس)
+ الخط -
فيما بدا أنه محاولات لاسترضاء أوساط اليمين المتطرف الإسرائيلي مع اقتراب موعد إخلاء البؤرة الاستيطانية "عمونا"، التي أقيمت على أراض فلسطينية خاصة قرب رام الله وسط الضفة الغربية، أوعز رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى جهات الاختصاص في بلدية الاحتلال بالقدس المحتلة، وإلى لجان التنظيم والبناء في فلسطين المحتلة بتوسيع عمليات الهدم لمنازل المواطنين المقدسيين، وللفلسطينيين في بلدات الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948.


يأتي هذا، في وقت جدد فيه الفلسطينيون تنديدهم بخطط بناء واسعة جداً في محيط القدس المحتلة بشطريها الشرقي والغربي على نحو سيغير الطابع الجغرافي والديمغرافي وحتى التاريخي للمدينة المقدسة، بما يفضي في النهاية إلى تحويل الوجود الفلسطيني المقدسي في القدس إلى وجود هزيل جداً، وسط بحر من المستوطنين يربو على المليون.

وقال خبير الاستيطان في القدس، جمال عمرو، لـ"العربي الجديد"، إن "أخطر حلقة من هذا المشروع الجديد، ما بات يعرف ببوابة القدس الاقتصادية، وهو مشروع تهويدي، سيقام على مساحة 211 دونماً من أراضي القرى الفلسطينية كدير ياسين، ولفتا، والنبي صمويل، وبيت اكسا، وبيت سوريك، وغيرها من القرى الواقعة شمال غرب القدس".

وأضاف: "هذا المشروع حال تنفيذه يهدف إلى تغيير وتشويه وجه المدينة المقدسة وطابعها العربي والإسلامي، ويتكامل معه سلسلة طويلة من المشاريع الاستيطانية القديمة وأبرزها مشروع زاموش الاستيطاني ومشروع 2020 و2030، والذي سيفضي في النهاية إلى بناء (القدس الكبرى)، الممتدة من مستوطنة (مودعين) و(بيتار عيليت) في الغرب، ومستوطنة (معاليه أدوميم) من الشرق، ومجمع (عتصيون) من الجنوب، وحتى مشارف رام الله في الشمال".

ولا ينفصل هذا المشروع بأي حال عن خطط البناء الاستيطاني المكثف في محيط البلدة وداخلها والسيطرة على مزيد من العقارات، في وقت شرع الاحتلال بتنفيذ مشاريع بناء ضخمة على مشارف بلدة سلوان جنوب الأقصى، بعد أن استكمل بناء مستوطنة رأس العمود المعروفة بـ(معاليه هزيتيم)، فيما يستكمل حالياً بناء مشروع استيطاني آخر في حي الشيخ جراح بالقدس على أنقاض جزء كبير من بيت المفتي.

ويرى وزير شؤون القدس ومحافظها، المهندس عدنان الحسيني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن جميع هذه المشاريع والخطط التي يطرحها الاحتلال لن تغير من الحقيقة الراسخة بشأن عروبة وإسلامية المدينة المقدسة.

بيد أنه استدرك قائلاً: "مع ذلك، فإن ما يطرح يستوجب وقوف الدول العربية والإسلامية عند مسؤولياتها التاريخية حيال ما تتعرض له القدس من أسرلة وتهويد من قبل حكومة يمينية موغلة بالتطرف، بل إنها ازدادت تطرفا بانتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث تعتقد أن الأخير يدعمها دون ضوابط أو محددات".

وفيما تشير مراكز حقوقية وأهلية فلسطينية إلى ازدياد ملحوظ في عمليات الهدم التي تمارسها سلطات الاحتلال، يتوقع القائمون عليها ارتفاعاً في وتيرتها خلال الأيام والأسابيع المقبلة، وزيادة أكبر في عمليات الهدم خلال العام القادم. وهو ما يذهب إليه، مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، زياد الحموري، في حديث لـ"العربي الجديد"، الذي يرى توجهات خطيرة بهذا الشأن بعد توجيهات نتنياهو الأخيرة بمضاعفة عمليات الهدم في القدس والداخل الفلسطيني.

ووفقا لمعطيات مركز معلومات واد حلوة، فإن عمليات الهدم منذ مطلع العام الجاري، وحتى الآن، قاربت المائتين، ما بين مسكن ومنشآت اقتصادية، فيما سلمت إخطارات هدم خلال الأسبوعين الأخيرين لعشرات المباني في بلدات وأحياء مختلفة من المدينة المقدسة.

وفي مقابل سياسة الهدم الممنهجة بحق المقدسيين، صادقت بلدية الاحتلال منذ مطلع العام الجاري وحتى الآن، على عدد كبير من مخططات البناء الاستيطاني في القدس الشرقية المحتلة. وتقضي تلك المخططات ببناء أكثر من ثمانية ألاف وحدة استيطانية جديدة، ونحو أربعة آلاف وحدة استيطانية أخرى جديدة أضيفت إلى مستوطنات قائمة، وفق دائرة الخرائط التابعة لجمعية الدراسات العربية، ومركز أريج للأبحاث التطبيقية.

المساهمون