"الرؤية" المصرية الجديدة تجاه غزة: حسابات اقتصادية وسياسية

06 نوفمبر 2016
مصر تريد أنّ تستفيد من القطاع اقتصادياً(سيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -
بات الحديث عن سياسة مصرية جديدة ومختلفة تجاه قطاع غزة، يتكرر في الأوساط الرسمية والشعبية، وعلى ألسنة السياسيين، بمن فيهم حركة "حماس"، التي تحكم القطاع منذ نحو عشر سنوات. ويعزو مراقبون هذا التغير إلى الصراع الذي برز بين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس والنظام المصري الذي فشل في إقناع أبو مازن بالتصالح مع القيادي المطرود من حركة "فتح" محمد دحلان، الذي يعتبر ضيفاً دائماً على النظام المصري. ووفق ما هو معلن حتى الآن، فإنّ مصر ستفتح معبر رفح البري ثمانية أيام شهرياً، إضافة إلى مناقشتها أفكاراً مختلفة حول التبادل التجاري والاقتصادي مع غزة. لكن السلطة الفلسطينية، ومعها حركة "فتح"، تشكك في كل الخطوات المصرية الأخيرة، وحذّرت في بعض الأوقات من التساوق معها، مثل المؤتمرات التي يجري الإعداد لها بمعرفة دحلان ومقربين منه.

رسمياً، أكدّ عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، خليل الحية قبل أيام، أنّ هناك رؤية مصرية جديدة تجاه قطاع غزة، "هدفها مد الجسور للتخفيف من وطأة الحصار المفروض على السكان، على الصعيدين الاقتصادي وحركة الأفراد". وتعهد الحية بأنّ تعمل "حماس" على إنجاح "الرؤية المصرية الجديدة والخطوات الإيجابية التي يجري التحضير لها تجاه القطاع". ويقول الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى الصواف، إن هناك سياسة جديدة واختلافاً في العلاقة بين النظام المصري الحالي وقطاع غزة، مرتبطاً بأسباب سياسية عديدة، منها معاقبة عباس لرفضه التصالح مع القيادي المفصول دحلان. ويضيف الصواف، لـ"العربي الجديد"، إن هناك محاولات مصرية تهدف إلى إظهار أن دحلان يقف وراء التسهيلات الأخيرة مع غزة، فضلاً عن أن جزءاً من التغير يعود للوضع الاقتصادي السيئ في مصر، والذي يهدف للاستفادة من وجود حركة تجارية مع غزة. ويبين أن إقامة منطقة تجارية مع غزة والحركة التجارية من التبادل مع غزة التي لن تقل عن أربعة مليارات دولار أميركي، ستعود إلى الناتج القومي المصري في ظل وجود حاجة ماسة لديها للعملة الأجنبية. ويشير إلى أن جزءًا من حالة التغير ترجع لوجود رغبة لدى النظام المصري لقيادة المنطقة العربية، وهو أمر لن يتحقق إلا عن طريق الورقة الفلسطينية والعودة للعب دور محوري ومركزي في الملف الفلسطيني، كما كان في السابق.



وعن مدى إمكانية تغير العلاقة بين النظام الحالي و"حماس"، يرى الكاتب والمحلل السياسي أن التحول الحالي في السياسة المصرية مع غزة سينعكس على الحركة، ومن شأنه تحسين العلاقات بعد أن ثبت براءة "حماس" من أي دور في مصر وسيناء. ويؤكد الصواف أنّ جميع الأطراف تعلم أنه من الصعب تمرير أي شيء في قطاع غزة المحاصر من قبل الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2006، من دون وجود أي دور لحركة "حماس" التي تسيطر على غزة منذ منتصف عام 2007. ويلفت إلى أن النظام المصري حاول ابتزاز قطاع غزة و"حماس" عبر طلب أثمان من الحركة تتمثل في تدخل ذراعها العسكرية، كتائب القسام، في سيناء، إلا أن رفض الحركة المستمر لهذا المطلب أدى إلى تنازل مصر عنه.

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي، هاني حبيب، الذي زار مصر أخيراً، مع الصواف، بأن هناك سياسة مصرية جديدة في التعامل مع قطاع غزة، تتمثل في اتباع الدبلوماسية الشعبية، بدلاً من الدبلوماسية الرسمية، بعد فشل الرباعية العربية في القيام بمهمتها بالصلح بين عباس ودحلان. ويقول حبيب، لـ"العربي الجديد"، إن حالة التغير في الموقف المصري لا تقتصر فقط على المشهد الفلسطيني. ويرى أن الورقة الفلسطينية، التي كانت مهمشة في السابق، باتت الآن مرغوبة من قبل النظام المصري لتحسين دوره في المنطقة العربية ومحاولة إثبات عدم وجود دور للقاهرة في المساهمة في الحصار المفروض على القطاع. ويشير حبيب إلى أن القاهرة نفضت يدها من إمكانية أن تؤدي مبادراتها السابقة لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني، وستتعامل مع الأمر الواقع، وبالتالي سيكون هناك تحسن واختلاف في العلاقة بين النظام المصري وحركة "حماس" في غزة. ويلفت إلى أنّ مصر تريد أنّ تستفيد من القطاع اقتصادياً في ظل الأزمة التي تعاني منها، عبر السماح بحركة البضائع والأفراد من خلال معبر رفح البري، الأمر الذي سيؤدي إلى تحسن في اقتصادها وانتعاش في القطاع.