الشرعية اليمنية تنجح باختبار حشد الشارع: خارطة الطريق مرفوضة

04 نوفمبر 2016
حمَل التظاهر في عدن العديد من الرسائل(صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -
على وقع تظاهرات مؤيدة للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ورافضة لخارطة الطريق الأممية للحل في اليمن، شهدتها عواصم أبرز المحافظات التي تسيطر عليها قوات الشرعية اليمنية، وصل المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أمس الخميس، إلى العاصمة صنعاء لإجراء مباحثات مع وفد جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يترأسه علي عبدالله صالح، حول "خارطة الطريق" المرفوضة حكومياً وبدرجة ثانية من قبل الانقلابيين، لكنها تحظى بدعم دولي.
وقد أعاد رئيس الوزراء، أحمد عبيد بن دغر ، التأكيد على موقف الشرعية بقوله خلال لقائه السفير الأميركي، ماثيو تولر، أمس الخميس، إن "الشرعية وإن قبلت شكلاً خارطة الطريق، التي تقدم بها المبعوث الأممي، فإنها ترفضها مضموناً، لتعارضها مع المرجعيات الوطنية، التي اعتمدت أساساً للحوار الوطني وكل حوار"، وهو الموقف نفسه الذي أشار إليه أيضا ًنائب رئيس الوزراء، وزير الخدمة المدنية، عبدالعزيز جباري، الذي قال إن "رفض القوى السياسية لخارطة الطريق جاء لكون المبادرة غير عادلة وتهدف إلى تثبيت الانقلاب وآثاره وتكافئ الانقلابيين".


تظاهرات التأييد للشرعية
وكانت مدينة عدن التي تصفها الشرعية بـ "العاصمة المؤقتة"، الساحة الأبرز للتظاهرات التي نظمتها السلطات المحلية الموالية للحكومة أمس الخميس. واحتشد المشاركون في مدينة عدن في ساحة العروض في مديرية خور مكسر، من أربع محافظات وهي عدن ولحج وأبين والضالع، وتمثل إجمالاً المحافظات الجنوبية التي جرى تسميتها في التقسيم الإداري الفيدرالي بـ "إقليم عدن"، ويتركز فيها، وخصوصاً لحج والضالع، نشاط الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال، فيما تعد أبين المحافظة التي يتحدر منها الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وقد رفع المشاركون صور هادي ولافتات كُتبت عليها عبارات تؤكد الرفض التام لمبادرة المبعوث الأممي، بالإضافة إلى رايات الشطر الجنوبي لليمن سابقاً، ورايات دول التحالف، أبرزها السعودية. وفي الوقت الذي تفاوتت فيه تقديرات مصادر محلية تحدثت إلى "العربي الجديد"، حول حجم المشاركين في التظاهرة في عدن، والذي اعتبرته بعضها حاشداً وقدّرت العدد بالآلاف، بينما اعتبرت مصادر أخرى قريبة من الحراك الجنوبي أنه "ضعيف".
على الرغم من ذلك، فقد حمَل التظاهر في عدن العديد من الرسائل، أبرزها التوجه الرسمي المنظم للتظاهرة، بمشاركة المحافظين، وفي مقدمتهم محافظ عدن، عيدروس الزبيدي. وبحسب البعض فإن دعم التظاهرة من قبل المحافظ يؤشر إلى تقاطع المصالح مع الشرعية التي يمثلها هادي. ومن جهة أخرى، يعكس الحرص الحكومي على خروج التظاهرات وتكليف السلطات المحلية رسمياً بتنظيمها. ولم تواجه التظاهرات أي اعتراض على الرغم من الانتقادات التي واجهتها من قبل الأطراف المنادية بفك الارتباط بين الشمال والجنوب والتي ترفض الاعتراف بالشرعية
من جهتها، شهدت مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت (شرق البلاد) تظاهرة داعمة للشرعية بحضور المحافظ اللواء أحمد بن بريك ومسؤولين آخرين. كما تكرر المشهد نفسه في محافظة مأرب بحضور المحافظ سلطان العرادة. وامتدت التظاهرات إلى مدينة تعز. وقد حملت جميعها رسائل متشابهة لجهة دعم هادي وموقفه الرافض لخارطة الطريق.
وأصدر المشاركون في التظاهرة التي أقيمت في عدن، بياناً، حمل مضامين متعلقة بالشرعية وأخرى بالجنوب على وجه خاص، حيث أكدوا "رفضهم الكامل لمبادرة المبعوث الأممي"، و "إحاطته المقدمة إلى مجلس الأمن حول الوضع في المحافظات الجنوبية المحررة". وقال البيان إن "المبادرة الأممية وإحاطة ولد الشيخ أحمد، مثلتا صفعة قوية لجهود إحلال السلام في اليمن وتجاوزت قرار مجلس الأمن رقم 2216 وما تضمنه من التزامات لإنهاء الانقلاب وعودة الحكومة الشرعية إلى موقعها الطبيعي في رسم مسيرة الأمن والسلام والتنمية في البلاد". وأكد البيان "تأييد المحتشدين والقيادات المحلية للمحافظات المحررة الكامل للرئيس وشرعيته".

ولد الشيخ أحمد في صنعاء
وجاءت التظاهرات التي طغت عليها الصورة الرسمية بحضور المحافظين، لتعطي الموقف الحكومي الرافض للمبادرة الأممية زخماً شعبياً، من شأنه أن يدعم الشرعية خلال المفاوضات. وهو ما يتعزز بتنظيم التظاهرات بالتزامن مع وصول المبعوث الأممي إلى العاصمة صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون والموالون لصالح، وسيعقد فيها لقاءً بوفد الفريقين، للتباحث حول "خارطة الطريق"، وتحضيراً للخطوة المقبلة بعد تأكيد المبعوث الأممي أنه سلمها للأطراف اليمنية.
وعلى الرغم من الرفض الواضح والصريح من قبل الشرعية، لا تلقى الخارطة موافقة مباشرة من قبل الانقلابيين، الذين قدموا عليها العديد من الملاحظات بما جعل البعض يعتبرها رفضاً ضمنياً، غير أن شريكي الانقلاب رأيا في موقفهما أن الخطة قابلة لتكون أرضية يجري التفاوض حولها للوصول إلى حل. ومن المقرر أن ينتقل المبعوث الأممي إلى العاصمة السعودية الرياض، الأيام المقبلة لنقل نتائج زيارته إلى صنعاء.
وتتمتع خارطة الطريق التي يحملها المبعوث الأممي، بدعم دولي كبير، إذ أعلنت بريطانيا أنها ستتقدم بمشروع قرار حول الوضع في اليمن، يتضمن عدداً من النقاط أبرزها الدعوة لوقف إطلاق النار ومطالبة الأطراف باستئناف المشاورات وفقاً لـ"خارطة الطريق"، وهي مطالبات تخشى الحكومة أن تحل محل قرار مجلس الأمن 2216 الذي تعتبره الشرعية مرجعاً لأية عملية سلام. ولا يستبعد مراقبون أن تضطر الحكومة أمام الضغوط الدولية، إلى القبول بخارطة الطريق، إذا ما جرى إسنادها بقرار دولي يجعل منها أكثر إلزاماً لمختلف الأطراف.
وفي الوقت الذي يبدو فيه الدعم الدولي لخارطة الطريق واضحاً، تظهر العديد من المؤشرات المعززة بنصوص في الخطة، أن الموقف السعودي الذي يعد حاسماً في مسألة قبول الشرعية، لا يمانع من التعامل الإيجابي مع الخطة أو عدم رفضها مبدئياً على الأقل، خصوصاً مع تضمنها لبنود ترى الرياض أنها تدعم تأمين حدودها، على غرار مطالبة الحوثيين وحلفائهم بالانسحاب 30 كيلومتراً عن الحدود السعودية.
وفي السياق نفسه، نقلت وكالة "رويترز"، أمس الخميس، عن دبلوماسي يعمل في الأمم المتحدة وصفته بالبارز قوله "على حد علمي قبل السعوديون بخارطة الطريق... وحقاً قاموا بعمل جيد للغاية بعيدا عن الأنظار لتشجيع هادي على أن يقترب بدرجة أكبر من فكرة قبول الخطة".