السيسي ورموز مبارك: لعبة القط والفأر وصراع الدوائر

04 أكتوبر 2016
من تظاهرة معارضة لعودة رموز نظام مبارك(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
شهدت الساحة المصرية في الآونة الأخيرة، ظهوراً مكثفاً لعدد من رموز نظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك، بصورة لم تكن معهودة منذ تولى رئيس النظام الحالي، عبدالفتاح السيسي، منصبه. وارتبط إبعاد رموز النظام السابق عن الأضواء، بموقف السيسي السلبي، الواضح والمعلن، من رموز عهد مبارك وتخوفه من سيطرتهم على مفاتيح المجالات الاقتصادية والإعلامية، ومحاولته خلق طبقة جديدة من رجال الأعمال والإعلاميين، تدين له بالولاء ولا تعمل لصالح رموز نظام مبارك.

وكان رجل الأعمال المقرب من مبارك، أحمد عز، الذي كان رئيساً لأمانة التنظيم بالحزب الوطني المنحل، قد نشر الأسبوع الماضي مقالاً بصحيفة "المصري اليوم"، المملوكة لرجل الأعمال، صلاح دياب، والتي يمتلك رجل الأعمال نجيب ساويرس أسهماً فيها. وأثار المقال تساؤلات عديدة حول خلفية رسالة التفاؤل والنصائح الاقتصادية، التي أسداها عز للنظام الحالي، مع العلم بأنه من النادر أن يقدم عز على خطوة كهذه. وهو لم يكتب من قبل أي مقال صحافي إلاّ في عام 2010 بعد انتخابات مجلس الشعب، التي قاد فيها الحزب الحاكم.

ولا يمكن هنا تجاهل حقيقة أن الصحف المصرية حالياً لا تخرج إلى النور قبل الموافقة عليها من قبل الأجهزة الأمنية والسيادية، وتحديداً ممثلي الاستخبارات العامة والأمن الوطني. ويتواجد هؤلاء دائماً في المطابع ودور توزيع الصحف الرئيسية، وهي الأهرام والأخبار والجمهورية، التي تتولى الطباعة والتوزيع، أو التوزيع فقط لجميع الصحف الخاصة، ومن بينها "المصري اليوم". وهو ما يؤكد أن مقال أحمد عز حصل على الضوء الأخضر للتداول، على الرغم من أنه كان العام الماضي من الشخصيات المحظور مشاركتها في العمل السياسي. وتم منعه من أي ظهور إعلامي قبيل انتخابات البرلمان، واستخدم النظام القضاء لمنعه أيضاً من الترشح.

وأثيرت تساؤلات مشابهة بسبب افتتاح الإعلامي، عمرو أديب، برنامجه على قناة "أون إي" الجديدة، المملوكة لرجل الأعمال، أحمد أبوهشيمة، المقرب للغاية من مكتب السيسي، بحوار مع رجل الأعمال، حسين سالم، الذي توصلت الحكومة إلى مصالحة مالية متواضعة معه أخيراً، بإسقاط الاتهامات الموجهة إليه بالكسب غير المشروع ورفع التحفظ على أمواله والسماح له بالسفر مقابل تنازله عن ممتلكات قيمتها تناهز 5 مليارات ونصف المليار جنيه. واللافت أن أديب، الذي يعتبر أكثر إعلامي أجرى السيسي معه مداخلات هاتفية منذ توليه الرئاسة، روج بشدة خلال حلقته إلى فكرة "التصالح مع رموز نظام مبارك". وطالب بالالتفات عن دعوات محاسبتهم ومحاكمتهم بحجة أن "البلاد تحتاج أموالاً، ولن تستفيد شيئاً من المحاسبة الجنائية". وهو ما قد يفسر بأنه رسالة طمأنة من النظام الحاكم لرجال الأعمال المنتمين إلى نظام مبارك للمسارعة إلى المصالحة بدفع الأموال مقابل إسقاط العقوبات، في ظل تهافت السيسي على كل قرش لإنعاش خزانة الدولة المأزومة.


ثمة تحركات تحدث في الخفاء بين السيسي ورجال مبارك. وتصفها مصادر حكومية على صلة بالطرفين، بـ"لعبة القط والفأر". السيسي، على ما يبدو، قد وجد نفسه في حاجة إلى الأموال التي يسيطر عليها رموز نظام مبارك. ويعتقد أنها كفيلة بإنعاش خزينته. وفي الوقت ذاته، لا يريد أن يكرس لصالحهم أي دور سياسي أو اجتماعي. وفي المقابل يرى عز ورفاقه من وزراء ورجال أعمال مبارك أن الأزمة الاقتصادية التي تعاني البلاد منها هي فرصتهم الوحيدة للانقضاض، وكسب مساحات إعلامية وسياسية فقدوها تدريجياً خلال السنوات الخمس الماضية.

دعم سري من دوائر في النظام
تؤكد المصادر الحكومية على أن تحركات رموز نظام مبارك تحظى بتأييد دوائر معينة في الأجهزة المسماة بـ"السيادية". وعلى الرغم من أن السيسي أحكم سيطرته على إدارة جهازي الاستخبارات العامة والرقابة الإدارية، وبات يستخدمهما بشكل أساسي ومعلن في إدارة المشهد السياسي، بل وفي العمل التنفيذي المنوط أساساً للوزارات، إلاّ أن هناك دوائر في جهاز الاستخبارات تحديداً ناقمة عليه. والسبب يتمثل في استبعادها من المشهد لصالح الجيل الجديد، الذي دفع السيسي به إلى مصاف القيادة، ومعظم أفراده قادمون من الاستخبارات الحربية، الجهاز الذي كان يعمل به السيسي.

كما أن الاستبعاد الملحوظ لجهاز الأمن الوطني، واقتصار دوره على إعداد التحريات في القضايا، ومحاربة "الإخوان المسلمين" والجماعات الإسلامية، وحرمانه من التدخل في إدارة الملف السياسي، أثار غضب عشرات من قيادات الجهاز التي وجدت نفسها بلا عمل أو بلا تأثير.

انكشفت هذه التقاطعات بين عمل وقرارات الدوائر في العديد من الوقائع السابقة، وعلى رأسها ترشيح القاضي السابق الذي كان مقرباً من نظام مبارك، سري صيام، لرئاسة مجلس النواب ودعمه من قبل شخصيات مقربة من السيسي. وازداد الخلاف مع رفض الدائرة الاستخباراتية-الرقابية لذلك الترشيح، إلى حد شن حملات صحافية ضده. وهو ما انتهى بتهميش صيام ثم دفعه إلى الاستقالة من البرلمان. وترى المصادر أن "هذه الدوائر الغاضبة هي التي تعطي الضوء الأخضر لتحركات رموز نظام مبارك، ليس فقط على المستوى الإعلامي، بل أيضاً على مستوى التحرك في الشارع، وكذلك في دفع صحافيين وإعلاميين للترويج لأفكار تغضب السيسي ودائرته الاستخباراتية-الرقابية، منها عدم ترشحه لفترة ولاية ثانية، وأن يكتفي بالفترة الحالية التي تنتهي في 2018، دون أن يمدها بتدخل برلماني لتعديل الدستور".

وتشدد المصادر على أن هذه الدوائر المناوئة للسيسي من داخل النظام "ليست محدودة القدرات"، مشيرة إلى أن "الغضب الشعبي المتنامي ضد السيسي، والسخرية المتصاعدة من تصريحاته وسياساته، لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي، توفر أسباباً وجيهة لزيادة نشاط هذه الدوائر، وترويجها لرموز نظام مبارك، التي كانت تجمعها بها مصالح مباشرة قبل ثورة 2011". وتوضح المصادر أن تحركات رموز النظام السابق في حد ذاتها ليست مشروطة بخروج جمال مبارك من محبسه واحتمالية ممارسته دوراً سياسياً في المستقبل، لأن هناك طموحات شخصية لكل رجل أعمال أو سياسي من هؤلاء. وهي طموحات تصفها المصادر بـ"الذاتية" التي لا يشترط أن تكون مرتبطة بصعود جماعي أو بتوجيهات فوقية.

طموحات شخصية
أحمد عز، على سبيل المثال، يبدو راغباً في لعب دور سياسي اقتصادي لحسابه الشخصي. وعلى الرغم من العلاقة الوطيدة التي كانت تربطه بجمال مبارك، إلا أنه لم يتواصل معه بشكل شخصي منذ خروجه من السجن، على عكس رجال أعمال آخرين تربطهم بجمال علاقات عمل، وذلك بحسب مصدر مقرب من عز، وكان من القائمين على حملته الترويجية قبل انتخابات مجلس النواب السابقة. ويؤكد المصدر أن عز "يدرك أن مصلحته في أن يتحرك بعيداً بخطوة أو اثنتين عن جمال مبارك، لا سيما أن جمال يواجه مشاكل قانونية معقدة تمنع عودته بسهولة إلى المشهد السياسي، كما أن عز يحاول استخدام اسمه وسمعته في مجال الصناعة لإجبار الدولة على التعامل معه، على الرغم من أنها لا تود ذلك، وهو يعلم". وقدم المصدر مثالاً بدخول عز كأحد الرعاة الأساسيين لاحتفالات السيسي بافتتاح تفريعة قناة السويس الجديدة منتصف العام الماضي، إذ كان يراهن على هذه الرعاية كـ"عربون محبة" ليمهد لنفسه طريق الدخول للبرلمان. لكن السيسي أغلق أمامه كل الأبواب، بما في ذلك ساحة المحاكم، مع أن عز لم يصدر ضده أي حكم جنائي في قضايا الكسب غير المشروع التي لا تزال معلقة. وحصل على البراءة في جميع القضايا الأخرى.


ويتوقع المصدر المقرب من عز أن "يبقى اتهامه بالكسب غير المشروع معلقاً لمساومته وابتزازه للحصول على الأموال في صورة تصالح، على طريقة حسين سالم، أو تبرعات لصندوق تحيا مصر. ولكن هذا لم يحدث حتى الآن لسبب إجرائي معلن هو عدم وصول تقارير الخبراء عن ثروة عز"، بحسب المصدر الذي أضاف أن "السبب الحقيقي غير المعلن هو أن انتهاء عز من هذه القضية سيفتح له باب المشاركة السياسية، في اليوم التالي لدفعه الأموال".

لكن الأمر بهذه الصورة يبدو معقداً في مواجهة السيسي. من ناحية، هو في حاجة إلى الأموال، ومن ناحية أخرى لا يريد لشخص مثل عز، يملك المال والخبرة اللازمين للانتشار السياسي والجماهيري ولتجنيد مرشحين أقوياء للبرلمان بل واستمالة نواب حاليين، أن ينازعه سلطته. ويدرك السيسي أن عز سيكون شوكة في حلق الحكومة، التي اختار رئيس النظام المصري أن تكون مكونة من شخصيات ذات خلفيات عسكرية أو وظيفية من قلب الحكومة، على عكس نمط حكومات رجال الأعمال، وهو النمط المفضل لعز وجمال مبارك.

ويرى المصدر المقرب من عز أن "مقاله الأخير ترويجي من الدرجة الأولى، فهو من ناحية يقول للسيسي إن لديه حلولاً ولديه أفكاراً تستحق المناقشة، ومن ناحية أخرى يقول للمواطنين إنه في الصورة وهناك دوائر راضية عن ظهوره"، مشيراً إلى أن "الضجة التي أثيرت حول المقال - حتى داخل الأوساط الحكومية - كانت مطلوبة"، ومؤكداً أن عز لم ينزعج منها.

رصد تحركات عز وجمال
في المقابل، يقول مصدر قضائي بوزارة العدل إن جهات سيادية رصدت تحركات واجتماعات بين عز وعدد من رجال الأعمال الموالين له، وصحافيين بارزين قدامى، كانوا أعضاء في الحزب الوطني أو من المعارضين لسياسات السيسي. وتهدف هذه المبادرات إلى تشكيل جبهة سياسية وإعلامية موحدة للهجوم على السيسي وحكومته، والترويج لعودة نظام ما قبل ثورة 2011، بحسب المصدر. ويؤكد أن رصد هذه التحركات بدأ بالبحث في خلفية ظهور عدد من المقالات المنتقدة للسيسي، والتي كتبها صحافيون ينتمون إلى معسكر مبارك، أبرزهم رئيس تحرير جريدة "الجمهورية" الأسبق، محمد علي إبراهيم. ويضيف المصدر أن البحث كشف شروع رجال الأعمال الموالين لعز في إنشاء مشاريع إعلامية صغيرة، عبارة عن مواقع إلكترونية وصحف ورقية بتراخيص أجنبية قيد التأسيس.

ويوضح المصدر القضائي أن "الرصد لم يكشف، حتى الآن، أية مخالفات قانونية يمكن استغلالها للبطش بعز وأتباعه". لذلك فإن النظام الحاكم "لجأ إلى طريقة الرد الإعلامي من خلال تسليط الكتّاب والصحف المقربين من دائرة السيسي للهجوم على المروجين لعودة النظام السابق، أو أتباعه المنتقدين للسيسي، وتركيز الهجوم على نقطة ارتباطهم بمبارك وتأييدهم المطلق له قبل عدة سنوات"، وفق المصدر نفسه.

وحول علاقة هذه التحركات بجمال مبارك تحديداً، يقول المصدر القضائي إن "جمال مبارك ممنوع من الترشح للانتخابات على الأقل حتى 2019 بموجب الحكم القضائي الصادر ضده في قضية فساد القصور الرئاسية مع والده وشقيقه علاء. إلاّ أن هذا لم يمنع ظهور صفحات مجهولة الأصل على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج له كرئيس مقبل عام 2018، وهو ما تخضعه السلطات حالياً للفحص لمعرفة من وراء هذه الصفحات". ويشير المصدر إلى أن "الأجهزة السيادية رصدت اتصالات أخرى بين جمال مبارك وعدد من رجال الأعمال المشهورين، الذين كانت تربطهم علاقات عمل به قبل 2011، وهناك مخاوف من استغلالها لأغراض سياسية". ويضيف "لكن الأكيد، حتى الآن، أن جمال لم يصل إلى حجم انتشار واتصالات أحمد عز"، ذاكراً أنه "يجب ألا ننسى أن عز كان قاب قوسين من خوض معركة البرلمان، وفي تشكيل مجلس النواب الحالي أعضاء تابعون له دون أن يعلنوا ذلك، وهناك شكوك في أنه قد اخترق الأكثرية النيابية المسماة "دعم مصر"، وفق المصدر نفسه.


ثمن التصالح
وبالتوازي مع هذه التحركات السياسية والرصد المكثف والمخاوف الرسمية، يستمر نظام السيسي في فتح قنوات للتفاوض على تحصيل الأموال من رموز النظام السابق، مستخدماً سياسة العصا والجزرة. لكن يقوم بذلك من دون التفريط في كل الأوراق التي لديه. وإذا كان التصالح مسموحاً في قضايا الكسب غير المشروع، إلا أنه من الوارد أن تحرك قضايا أخرى ليس فيها تصالح.

في هذا السياق، علمت "العربي الجديد" من مصادر خاصة بجهاز الكسب غير المشروع، بأن هناك مفاوضات جادة حالياً تجري بين رئيس الجهاز، المستشار عادل السعيد، ورجل الأعمال رشيد محمد رشيد، الذي كان أول وزير في عهد مبارك يترك مصر خلال ثورة 2011، على الرغم من أنه كان مرشحاً في ذلك الوقت لتولي رئاسة الوزراء، إلى جانب زميله السابق أحمد شفيق. وتكشف مصادر عن أن رشيد الذي يأتي في المركز الأول من حيث حجم الأموال والأصول التي يمتلكها في الخارج بين رموز نظام مبارك، يصر خلال التفاوض على عدم محاسبته على أي قرش كسبه قبل توليه المنصب الوزاري. وهو ما يصعب عملية المفاوضات التي يستهدف الجهاز منها تحصيل مبلغ يناهز المليار ونصف المليار جنيه مصري، مقابل السماح له بالعودة لمباشرة القضايا الأصغر المنسوبة إليه، والتي تشير التوقعات إلى حصوله على البراءة فيها بعد إدانته غيابياً، وفق المصادر.

وترى المصادر أن "رشيد هو الأكثر جدية بين رموز النظام المقيمين في الخارج لإغلاق ملف الكسب بالتصالح بغية رفع اسمه من قوائم الترقب. وهو نفس الهدف الذي تصالح من أجله حسين سالم. لكن رموز النظام الكبار الموجودين داخل مصر لا يزالون يماطلون في رد مستحقات الدولة، وعلى رأسهم رئيس مجلس الشورى الأسبق صفوت الشريف". وترجع المصادر هذا الأمر إلى "أسباب سياسية بحتة"، مشيرة إلى أن "رموز النظام الطامحين للعودة للعمل السياسي يشككون في نوايا الدولة، ويشعرون بأن القانون الذي سنّه السيسي، العام الماضي، للتصالح في جرائم الكسب وغيره من القوانين المقترحة حالياً لتسهيل إصدار أحكام حضورية، لا غيابية، بمجرد حضور وكلاء الهاربين منهم "مصيدة" لتحصيل أي قدر من الأموال منهم، وفي المقابل استمرار مقاضاتهم في وقائع أخرى، أو غلق المجال السياسي أمامهم وبالتالي فلن يكون هناك ثمن ملموس لما يدفعونه، وهو ما يدفعهم للمماطلة في الإجراءات القانونية".

وتعكس تقديرات المصادر حجم أزمة الثقة بين السيسي ورموز نظام مبارك، خصوصاً من رجال الأعمال، وهو ما يطفو على السطح، بين الحين والآخر، في صورة هجوم على النظام من داخله، أو من قبل مقربين منه تابعين أو داعمين لهؤلاء الرموز. وتشير هذه الوقائع إلى أن السيسي لا يزال يحتفظ بنفس نظرة معلمه، المشير حسين طنطاوي، تجاه رجال أعمال عهد مبارك. هو لا يثق بهم، ولا يستسيغ عملية تداخل المال مع السياسة. ولا يرحب بدمجهم مرة أخرى في الحكم. وفي الوقت ذاته، يريد تحقيق أقصى استفادة مالية من القضايا المنسوبة إليهم بالتصالح والتسوية، دون اهتمام يذكر بالمحاسبة وعقاب الفاسدين.

تجميد وضع شفيق
شأنه شأن عز، يسعى المرشح الرئاسي الأسبق، أحمد شفيق، المقيم بالإمارات، إلى العودة للواجهة السياسية بأية طريقة. تارةً يناور من خلال دعم مرشحين للبرلمان. وتارةً أخرى يقوم بترويج أنه بصدد الترشح للرئاسة. ناهيك عن إقدامه أحياناً على التصعيد والهجوم على سياسات السيسي. وذلك كله بدعم من شخصيات إماراتية كبرى، وبطموح شخصي وغيرة محمومة. فشفيق يعتبر أنه كان الأحق بوراثة منصب الرئيس بعد الإطاحة بجماعة "الإخوان المسلمين"، باعتباره امتداداً لنظام مبارك، وباعتباره أكثر خبرة حكومية من السيسي، وباعتباره ممثلاً لجيل أسبق من السيسي في الجيش. وترجح مصادر بحزب الحركة الوطنية، التابع لشفيق، أن سبب حرص السيسي على إرضاء حكام دولة الإمارات، من خلال تخصيص أراض ومشاريع وتسهيلات استثمارية لرجال الأعمال الإماراتيين ورعاية لمصالح الإمارات الاستراتيجية وحلفائها في ليبيا وفلسطين، يكمن في تخوفه من فرض شفيق عليه أو دعمه في أية معركة سياسية محتملة مستقبلاً بينهما.

ولذلك، إن أبواب مصر لا تزال مغلقة أمام شفيق منذ وصول السيسي إلى السلطة. وعلى الرغم من أنه لا توجد لشفيق أية قضايا في المحاكم المدنية، إلاّ أن اسمه لا يزال على قائمة المطلوبين، بسبب اتهامات له حركتها سراً النيابة العسكرية في قضايا كسب غير مشروع، انتقلت من جهاز الكسب الخاص بالمدنيين التابع لوزارة العدل، إلى النيابة العسكرية بموجب قانون كان قد أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة قبيل انتخاب محمد مرسي رئيساً للجمهورية. وبحسب مصادر مطلعة فإن هذه القضية "لا تزال مركونة"، أي لم يجر تحريكها بعد. وهو ما يعني استمرار طلب شفيق كمتهم على ذمتها، الأمر الذي يمثل "ورقة تخويف" يتحصن بها السيسي من أخطار شفيق، إلاّ أنه خلصت التحقيقات إلى تبرئة شفيق. في هذه الحالة، سيصبح الرجل، في اليوم التالي، الشخصية السياسية التي تشكل خطورة متوقعة على حكم السيسي.