جرائم غزو العراق تطارد بريطانيا: رسائل اتهامية لـ300 جندي

10 يناير 2016
تظاهرة أثناء التحقيق مع بلير حول الحرب(دان كيتوود/فرانس برس)
+ الخط -
يعود ملف المشاركة البريطانية إلى جانب الولايات المتحدة في غزو العراق عام 2003 إلى الواجهة، بعدما وجّه فريق التحقيق المعني بالنظر في قضايا جرائم حرب، أخيراً، رسائل إلى نحو 300 جندي بريطاني يمكن أن يكونوا قد ارتكبوا جرائم في العراق. وقالت متحدثة باسم فريق التحقيق الجنائي الذي أنشأته الحكومة البريطانية للنظر في مزاعم القتل، وسوء المعاملة، والتعذيب خلال هذه الحرب، إنّ اللجنة أرسلت خطابات إلى المئات من قدامى المحاربين ممن يُعتقد أنهم تورطوا في جرائم حرب أثناء الخدمة في العراق. وحذّرت اللجنة من احتمال تقديم بعضهم للمحاكمة.

وتشمل مهمة لجنة التحقيق المعروفة باسم "IHAT"، التحقيق في أكثر من 1500 حادثة قتل، ومنها على الأقل 280 حالة يُعتقد أن الضحايا فيها عراقيون قتلوا بصورة غير قانونية. وتزامن تحرّك اللجنة مع تصريحات المحامي العسكري السابق، اللفتنانت كولونيل، نيكولاس ميرسر، أكّد فيها، أنّ بعض الجنود البريطانيين قاموا فعلاً بتعذيب عراقيين. وقال ميرسر، والذي شغل منصب كبير المستشارين القانونيين للجيش البريطاني في العراق عام 2003 لصحيفة "الإندبندنت"، إنّه "لا يمكن إخفاء هذه الحالات تحت السجادة أو نفض اليد عنها".

وعلى الرغم من أنّ وزارة الدفاع البريطانية تصرّ على براءة جنودها من كل التهم المنسوبة لبعضهم، وتقول إنّ أفراد وضباط القوات البريطانية يلتزمون بالقانون في كل الأماكن والظروف التي يتواجدون فيها أو يعملون في ظلّها، فقد دفعت لغاية الآن ما يقارب الـ20 مليون جنيه إسترليني مقابل تسويات خارج المحاكم لنحو 323 قضية تتعلق بتصرفات القوات البريطانية في العراق. وهذا ما جعل ميرسر يتساءل عن الأسباب التي دفعت وزارة الدفاع إلى تسوية هذه المطالبات، ودفع تعويضات خارج المحاكم، إذا كان جميع أفراد قواتها المسلحة يتمتعون بأعلى مستوى من المسؤولية ولا يرتكبون أعمالاً خارجة عن القانون.

وتصبّ رسائل لجنة "IHAT"، المزيد من الزيت على ملف التحقيق في شرعية المشاركة البريطانية في غزو العراق عام 2003، ولا سيما أنّ لجنة "السير جون شيلكوت" المكلّفة بالتحقيق في هذا الملف، أخفقت في الإعلان عن نتائج تحقيقها الذي بدأ عام 2009.

اقرأ أيضاً: توني بلير...اعتذار بكلفة مئات آلاف الضحايا واعتراف بحجم الكارثة

وكانت عائلات القتلى البريطانيين في حرب العراق أعربت، في ديسمبر/كانون الأوّل الماضي، عن قلقها من تغيير وتعديل محتمل في التقرير النهائي عن الحرب الذي طال انتظاره من قبل الأجهزة الأمنية قبل نشره. كما عبّرت عن "خيبة أملها" بعد إعلان شيلكوت، رئيس لجنة التحقيق، أنّه لن يتم نشر التقرير حتى الصيف المقبل، أي بعد نحو سبع سنوات من إطلاق التحقيق.

ومن المُنتظر أن توجّه لجنة "السير جون شيلكوت" اللوم حول دور بريطانيا في الحرب على العراق لدائرة تتجاوز رئيس الوزراء آنذاك، توني بلير وأقرب مستشاريه. وتشمل الدائرة عدداً من الوزراء والمسؤولين الأمنيين والعسكريين البريطانيين، بينهم وزير الخارجية البريطاني آنذاك، جاك سترو، ورئيس جهاز المخابرات الخارجية "أم آي 6"، السير ريتشارد ديرلوف، ورئيس لجنة الاستخبارات المشتركة، السير جون سكارليت، ووزير الدفاع جيف هون، ووزيرة التنمية الدولية كلير شورت، وعدد من كبار المسؤولين في وزارتَي الدفاع والخارجية، ومكتب رئيس الوزراء.

ولم تجد كلمات الاعتذار التي أدلى بها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، عبر شاشة "سي أن أن"، حول غزو العراق، إلّا الكثير من التنديد والسخرية على امتداد الطيفَين السياسي والإعلامي في بريطانيا. وقد اعتبر كثير من المعلقين، "اعتذار بلير" بمثابة حملة دعائية استباقية، ومحاولة مبكرة منه للرد على الانتقادات التي ستوجّه له في ثنايا تقرير لجنة "شيلكوت".

كما حذّر ساسة وإعلاميون بريطانيون الرأي العام من "خبث بلير الذي يحاول التنصل من المسؤولية، وإلقاء الكرة في ملعب الأجهزة الأمنية". واعتبر هؤلاء أن مسؤولية بلير لا ينبغي أن تقف عند حدود قرار غزو العراق، بل يجب أن تمتد إلى كل النتائج التي ترتبت على ذلك القرار الخاطئ. بما في ذلك، الخراب الواقع في العراق، وبروز تنظيم "داعش" وأخواته من التنظيمات المتشددة، وصولاً إلى الحرب السورية، وانفجار أزمة اللاجئين التي تعاني بريطانيا وأوروبا من تداعياتها المختلفة.

اقرأ أيضاً جندي بريطاني شارك باجتياح العراق: لستُ حاقداً على المسلمين

المساهمون