استراتيجية النظام المصري لوأد تظاهرات 25يناير: اعتقالات واستعانة بالسلفيين

18 يناير 2016
الاعتقالات تطال خصوصاً العناصر الفاعلة (بلال وجدي/الأناضول)
+ الخط -
لم تتوقف محاولات النظام المصري الحالي للتضييق على كل القوى المعارضة ورافضي الانقلاب على الرئيس المعزول محمد مرسي، وتحديداً قبل ذكرى ثورة 25 يناير/ كانون الثاني.
وتشنّ قوات الأمن المصرية، منذ الشهر الماضي، حملات اعتقال واسعة في مختلف المحافظات المصرية، وتحديداً للعناصر الفاعلة التي قد يكون لها دور في الحشد للتظاهرات المتوقّع خروجها في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير. ويتخوّف النظام المصري من تظاهرات قوية خلال ذكرى الثورة، بعد حملات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، للدعوة لإسقاط السيسي، بعد فشله في كل الملفات وعدم القدرة على حل الأزمات العالقة. وتصاعدت حدة الغضب ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الفترة الماضية، في ظل الفشل الكبير في حل الأزمات الاقتصادية التي تشهدها مصر منذ توليه سُدة الحكم قبل ما يزيد عن عام ونصف.

وشنّت قوات الأمن الشهر الماضي، حملة على مقاهي منطقة وسط البلد في محافظة القاهرة، حيث ألقت القبض على عدد من النشطاء وأعضاء الحركات الثورية، في ظل محاولة وأد أي تحرك خلال ذكرى الثورة. وصباح أمس الأول الجمعة، قامت قوات الأمن باعتقال شقيق مرسي، سعيد ونجله، من منطقة العدوة بمحافظة الشرقية، ولكن سرعان ما أفرجت عنهما.

كذلك اعتقلت عدداً من المواطنين، بدعوى مشاركتهم في التظاهرات المعارضة للنظام الحالي، فضلاً عن ضبط بعض العناصر التي "تحرّض" على التظاهر في 25 يناير/ كانون الثاني الحالي. في حين نفّذت قوات الأمن عمليات اعتقالات خلال الأسبوع الماضي، في عدد من المحافظات، تحسباً للخروج في تظاهرات تدعو لإسقاط النظام الحالي في ذكرى الثورة.

وتفيد مصادر في التحالف الوطني لدعم الشرعية، بأن قوات الأمن لم تتوقف في حملاتها لاعتقال رافضي الانقلاب، من خارج جماعة "الإخوان المسلمين" أو التحالف الوطني لدعم الشرعية الموالي لمرسي، بدعوى التحريض على التظاهر وقلب نظام الحكم.

وتقول المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن أغلب المعتقلين ليسوا من أعضاء "الإخوان"، ولكنهم يخرجون في تظاهرات رافضة للوضع الراهن، كما أن بعضهم لم يخرج في تظاهرات منذ فترات طويلة. وتؤكد أن التظاهرات الرافضة للانقلاب والداعية لإسقاط النظام الحالي، لن تتوقف أو تتأثر بحملات الاعتقالات، خصوصاً أن التحرك الآن على الأرض لا يخضع لقيادة أحد بشكل مباشر، بل هو عفوي.

وتوضح المصادر أنه من الصعب تحديد أعداد المعتقلين أخيراً، نظراً لأنهم ليسوا أعضاء في أحزاب أو في الكيانات داخل تحالف دعم الشرعية، وإن كان عددهم يصل إلى العشرات، مشيرة إلى أن قوات الأمن ألقت القبض على الشباب من منازلهم، فضلاً عن اعتقال بعضهم من أماكن عملهم أو من الشوارع بعد نصب كمائن لهم.

اقرأ أيضاً: السيسي يختتم استعداداته الأمنية لذكرى ثورة 25 يناير

وتلفت إلى أن أغلبهم لا يعرف ذووهم مكان احتجازهم، وهو ما يدخل في إطار الإخفاء القسري، كما أن التُهم لن تخرج عن الدعوة لقلب نظام الحكم والتظاهر من دون ترخيص والانضمام لجماعة محظورة، وغيرها من الاتهامات المعلبة. وتشير إلى اعتقال بعض المواطنين خلال زيارة ذويهم في السجون، وتلفيق تهم إليهم، مثلما حدث مع والد المصور الصحافي عمر عبد المقصود، الأسبوع الماضي.

وفي السياق، تكشف مصادر من محافظة الغربية، عن اعتقال قوات الأمن لشخص ثالث من عائلة واحدة، بعد القبض على شقيقه وأحد أقاربه، قبل الدخول لمحل عمله الخاص. وتقول المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن المقبوض عليه ويدعى محمد، تم نصب كمين له من قوات الأمن على مقربة من محل عمله، وقبل الوصول استوقفوه وهو داخل سيارته، وألقوا القبض عليه واحتجزوا السيارة.

وتضيف أن محمد لا يشارك في التظاهرات، فضلاً عن عدم انتمائه إلى جماعة "الإخوان" أو "التحالف الوطني" الموالي لمرسي، وإن كان رافضاً للانقلاب، فيما لا أحد يعرف مكان احتجازه حتى الآن أو التهم الموجهة إليه. وتلفت إلى أن "شقيقه وأحد أقاربه حُكم عليهما بالسجن 10 سنوات، في قضية ملفّقة بزرع متفجرات في طريق قوات الأمن، وأحيلت القضية إلى القضاء العسكري، ويقضيان فترة العقوبة في سجن العقرب حالياً".

وتفيد المصادر بأن عمليات القبض على المواطنين، تتم بالتنسيق بين ما وصفته بـ"جواسيس الداخلية"، الذين ينتشرون في مختلف الأحياء والقرى، لرصد تحركات رافضي الانقلاب أو المعارضين للنظام الحالي، وإبلاغ قوات الأمن. وتشير إلى أن هؤلاء "الجواسيس" يكونون من سكان تلك الأحياء أو القرى، ويتباهون بعلاقاتهم الواسعة مع قوات الأمن، فيما أن أغلب البلاغات والمعلومات كيدية، وبناءً على خصومات شخصية.

وفي سياق استعدادات الأجهزة الأمنية، ومن يتعاونون معها، يطوف نائب رئيس "الدعوة السلفية" ياسر برهامي، المحافظات المصرية منذ مطلع الشهر الحالي، لعقد لقاءات وندوات موسّعة مع الأعضاء والشباب المنتمين لـ"الدعوة" لمنعهم من تلبية الدعوة المتعلقة بالتظاهر في إحياء الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير.

وأكد برهامي في ندوة لأعضاء وشباب "الدعوة السلفية" في محافظة أسوان، الخميس، أن "دعوات التظاهر هي دعوات للتخريب"، بحسب تعبيره أمام المئات من أبناء "الدعوة". وأضاف خلال الندوة: "مش عاوز الشباب ينزل 25 يناير حتى ولو جاءت بدعوات من تيارات إسلامية"، متابعاً: "لأنها حثّ على التخريب والوقوع في المحظور".

وتأتي جولات برهامي في المحافظات على الرغم من الغضب المسيطر على شباب "الدعوة السلفية" بمحافظة الإسكندرية، معقل "الدعوة"، بسبب التضييق الأمني على المساجد الواقعة تحت سيطرتهم، ورفض الأمن اعتلاء قيادات ومشايخ "الدعوة السلفية" للمنابر، في ظل تعنت وزارة الأوقاف المصرية ضدهم ورفضها منحهم تصاريح خطابة.

يأتي هذا فيما اختفى نواب حزب "النور" الـ11 تحت قبة البرلمان المصري الذي انطلقت أولى جلساته في 10 يناير/ كانون الثاني الحالي، وسط تجاهل تام لهم من جانب وسائل الإعلام المصرية. كما رفض رئيس المجلس علي عبد العال منحَ رئيس هيئتهم البرلمانية أحمد خليل، الكلمة أكثر من مرة، وهو ما دفع خليل للاعتراض المكتوب لأمانة المجلس على هذا الإجراء.

اقرأ أيضاً: الأمن يخلي سبيل شقيق مرسي ويتهيأ لمواجهة متظاهري يناير

المساهمون