الحملة الروسية الأعنف: كسر ريف اللاذقية ومجزرة تلاميذ بحلب

11 يناير 2016
معظم ضحايا مجزرة حلب أطفال (برّاء الحلبي/فرانس برس)
+ الخط -
ارتفعت وتيرة الهجمات الجوية الروسية في ريف اللاذقية الشمالي، خلال اليومين الماضيين، ما أتاح لقوات النظام والمليشيات المتحالفة معه، إحراز تقدمٍ جديد هناك، باتت معه مناطق المعارضة السورية في جبل الأكراد، تواجه تهديداً غير مسبوق منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات مضت. بموازاة ذلك، ارتكبت الغارات الروسية، أمس الإثنين، مجزرة في مدرسة في بلدة عنجارة في ريف حلب الغربي (شمال سورية)، راح ضحيتها 35 مدنياً، معظمهم من الأطفال، فضلاً عن عدد من الجرحى، بحسب الناشط الإعلامي علاء الحلبي.

وفي الساعات الـ48 الماضية، دارت معارك عنيفة بين فصائل المعارضة المسلّحة وقوات النظام والمليشيات، في محيط بلدة سلمى، المعقل الأهم للمعارضة في ريف اللاذقية الشمالي. ويحمل هذا الموقع أهمية معنوية خاصة في جبهة الساحل، بالغة الخصوصية، لكونها الأقرب جغرافياً لعمق حاضنة النظام الشعبية الأبرز في عموم سورية. وكثّفت المقاتلات الحربية الروسية غاراتها الجوية على مواقع سيطرة المعارضة في جبل الأكراد، خلال اليومين الماضيين، إذ إنّ النظام وحلفاءه يبدون اندفاعاً كبيراً في تلك الجبهة (وغيرها بطبيعة الأحوال، وخصوصاً حلب ودرعا) لتحسين مواقعهم، قبيْل جولة المفاوضات السورية برعاية أممية، والتي من المقرر أن تبدأ أواخر الشهر الحالي في مدينة جنيف السويسرية.

ويتركز هجوم النظام، منذ يومين، في محيط سلمى من أربعة محاور؛ قلعة كفردلبة، جبهة دورين، وسهلة حسيكو، جبهة الكوم، وجبل النوبة، جبهة كوفليكا وغزالة. ويؤكد رئيس ديوان فرع المدفعية والصواريخ البحرية والساحلية، المنشق عن النظام، الخبير العسكري عثمان أسبرو، أنّ "النظام وبعد أن احتل جبل النوبة (ريف اللاذقية)، أخيراً، أحكم الحصار على قرية سلمى الاستراتيجية أكثر من أي وقت مضى. وخلال الـ72 الساعة الماضية، احتل تلة كدين المشرفة على قرية المغيرية، والتي تعد أيضاً نقطة استراتيجية تحكم السيطرة النارية على بعض النقاط التي تحمي خط الدفاع الأول عن سلمى".

ويضيف أسبرو في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الساعات الـ48 الماضية، شهدت هجوم الطيران الروسي بمئات الغارات الجوية على قرية سلمى، تمهيداً لاقتحامها براً"، مشيراً إلى أن "جميع تلك الغارات فشلت باختراق أي من محاور سلمى". ويؤكد الخبير العسكري في تلك الجبهات، أنّ "كثافة الغارات الجوية، أخيراً، تهدف لإحداث خرق لاقتحام مصيف سلمى، فهو (أي النظام) يحاول ويحضّر منذ أيام لهذه العملية". ويطالب أسبرو، " كبرى الفصائل في سورية التوجه فوراً بسلاحها الثقيل إلى المنطقة حتى لا تسقط تلك القلعة الصامدة منذ أربع سنوات، لأن بسقوطها لن يبقى للمعارضة في جبل الأكراد أي وزن أو ثقل عسكري جغرافياً".

كما وجّه ناشطون إعلاميون وعسكريين في جبهة الساحل، خلال اليومين الماضيين، نداءاتٍ مماثلة لضرورة حضور مؤازرات فورية لجبهات القتال في جبل الأكراد، وخصوصاً بلدة سلمى، التي سيطرت عليها المعارضة في يونيو/حزيران 2012. ومن ذلك الوقت، لم يتمكن النظام من التقدم نحوها، إلى حين بدء الغارات الروسية في سورية أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، إذ فتح النظام بعدها بنحو أسبوع جبهة الساحل، ونجح لاحقاً في السيطرة على قرى عدة ومرتفعات جبلية بالغة الأهمية، ومنها برج القصب وجبل النوبة، أخيراً.

إلى ذلك، تواصل الهجمات الجوية الروسية استهداف الأحياء السكنية ومرافق المدنيين الخدماتية في مناطق سيطرة المعارضة، إذ قتلت غارة روسية، أمس الإثنين، 35 مدنياً، معظمهم أطفال، ومعلّمة، في ريف حلب الغربي. ويقول الناشط الإعلامي، علاء الحلبي لـ"العربي الجديد"، إنّ "طائرة حربية روسية استهدفت بالصواريخ الموجّهة حيّاً سكنياً ومدرسة في قرية عنجارة، راح ضحيتها، بحسب آخر حصيلة موثّقة، أكثر من خمسة وثلاثين مدنياً، معظمهم أطفال". ويؤكد الناشط، المتواجد في ريف حلب، أن "غارة روسية أخرى استهدفت قرية معارة الأرتيق في ريف حلب الشمالي الغربي، أدت إلى مقتل شخص واحد وسقوط عدد من الجرحى المدنيين".

اقرأ أيضاً:  100 يوم على التدخل الروسي: 1730 قتيلاً في سورية

وشهدت ساعات الفجر الأولى، أمس الإثنين، "اشتباكات بين قوات النظام وفصائل المعارضة على جبهة حي الراشدين شرقي مدينة حلب، سقط خلالها قتلى وجرحى من قوات النظام"، إذ كانوا يحاولون التقدم هناك، مستفيدين من غطاءٍ جوي روسي كثيف. ويؤكد نشطاء ميدانيون، أنّ عناصر "الفصائل الإسلامية استطاعت السيطرة على قرية قره مزرعة في ريف حلب الشمالي، بالإضافة إلى قرى أخرى عقب طرد تنظيم داعش ومقتل ما لا يقل عن 15 عنصراً منه، خلال المواجهات".

في غضون ذلك، شهد وسط البلاد، أمس الإثنين، سقوط قتلى مدنيين في ريف حمص الشمالي، إذ يؤكد مدير "مركز حمص الإعلامي"، أسامة أبو زيد لـ"العربي الجديد"، أن "خمسة شهداء وعشرات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، سقطوا جراء الغارات الجوية التي استهدفت مدينة الرستن".

أما في درعا، جنوبي سورية، فقد شنّت المقاتلات الحربية الروسية نحو إحدى عشرة غارة في مناطق متفرقة في المحافظة، فيما تواصلت المعارك العنيفة في محيط الشيخ مسكين، في الريف الشمالي لدرعا. ويقول الناشط الإعلامي أحمد المسالمة لـ"العربي الجديد"، إن "الطائرات الروسية شنّت ست غارات في مدينة الشيخ مسكين"، مشيراً إلى أن "قوات النظام تقدمت في معارك جنوب اللواء 82، وسيطرت على عدد من المنازل هناك"، مؤكداً في الوقت عينه، "استمرار الاشتباكات بشكل عنيف بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة على كافة الجبهات في المدينة".

ويؤكد الناشط المنحدر من المحافظة، أن "أربعَ غارات جوية نفذها الطيران الروسي على بلدة ابطع، وغارتين في مدينة نوى، فيما قصفت قوات النظام المتمركزة في مطار الثعلة، مدينة بصرى الشام بالقذائف المدفعية والقنابل العنقودية".

اقرأ أيضاً: تعز ومضايا... نموذجان لسلاح تجويعي يحترفه حلفاء إيران

المساهمون