العراق: تحضيرات لمشروع وطني عابر للطوائف

28 اغسطس 2015
معظم المشاركين في المشروع سيكونون من جيل الشباب(Getty)
+ الخط -
يبدو أنّ موجة التظاهرات الشعبية ضد الاصطفافات الطائفية والقومية في العراق، بدأت تهيئ الأرض استعداداً لتغيير سياسي في البلاد يتخذ طابعاً وطنياً. 

فقد علمت "العربي الجديد" من مصادر سياسية عراقية أنّ مشروعاً وطنياً عابراً للطوائف والقوميات يجري التحضير لولادته قريباً، ويضم كفاءات عراقية ووجوها سياسية جديدة.
ووفقاً لمصدر سياسي عراقي، تحدّث من بغداد لـ"العربي الجديد"، فإنّ المشروع السياسي الذي يتم إعداده يهدف لتجاوز حالة "التخندق" الطائفي والديني والقومي في العراق وإعادة العناوين الوطنية للعمل السياسي في البلاد، عبر تجمّع يضم شخصيات عراقية من مختلف الطوائف والديانات، وله قاعدة شعبية واسعة.

ويضيف المصدر أنّ "المشروع الذي لا يزال في طور الإعداد، سيولد من بغداد ويسعى لأن يكون الوجه المدني الوطني للعراقيين في الانتخابات المقبلة"، مبيّناً أنّ "الوضع العام في العراق أصبح مناسباً لولادة حزب جديد يقود التغيير وحالة الرغبة الشعبية في إنهاء الوضع القائم منذ 13 عاماً". ويرفض المصدر الإفصاح عن معلومات أكثر حول المشروع، إلّا أنه يؤكّد أنّ "المشروع لا يزال في خطواته الأولى ومعظم المشاركين فيه سيكونون من جيل الشباب".

في هذا السياق، يقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بابل، وسام جابر الخلف لـ"العربي الجديد"، إنّ "العراق بحاجة ماسة لمثل تلك المشاريع وأي ولادة جديدة سيستقبلها الشارع العراقي برحابة صدر وتجاوب"، مبيّناً أنّ "الأحزاب التي تسلّمت المشهد بعد الاحتلال الأميركي سنية أو شيعية، لم تغيّر لا بسياستها ولا نهجها ولا حتى بالشعارات المتكرّرة التي ترفعها كل مرة في الانتخابات، ولا تنفّذ شيئاً منها، لذا بات الشارع من كل الألوان يبحث عن شيء جديد". ويرجّح الخلف أنّ "الصبغة الوطنية ستواجه صعوبات في البداية، لكنها ستنجح بالتأكيد".

وتشير التقديرات الحالية إلى وجود 41 حزباً وحركة سياسية في العراق، من بينها 39 دينية وقومية، باستثناء اثنين، واحد للحزب الشيوعي العراقي وآخر للتيار المدني المستقل.
وفي حين تحفّظت شخصيات عراقية عن الإدلاء بأي معلومات عن المشروع لـ"العربي الجديد"، مشيرة إلى أنّه "لا يزال في مهده ويجري الإعداد له برويّة وقد لا يخرج إلى العلن، إلا في الوقت الذي يتفق القائمون عليه"، يفصح مصدر آخر لـ"العربي الجديد"، عن أنّ أكاديميين ومثقفين سيكونون عموده الفقري، وتم الحرص على "عدم ضم أي شخصية جدلية أو مثيرة للخلافات الفئوية أو تلك التي حاولت سابقاً وثبت فشلها، أو الشخصيات التي كان لها دور في احتلال العراق أو الفتنة الطائفية وما تلاها، وتلك التي حملت السلاح ضد العراقيين".

اقرأ أيضاً: لجنة النزاهة البرلمانية تلاحق الفاسدين رغم الضغوط السياسية

ويأتي ذلك، بالتزامن مع إقرار البرلمان العراقي، أمس الخميس، قانون الأحزاب والحركات السياسية في البلاد والمعطل منذ 11 عاماً بسبب خلافات حول بعض فقراته، أهمها مصادر تمويل الحزب ونشاطه السياسي الداخلي والخارجي. ونال القانون إجماع غالبية أعضاء البرلمان، وحمل بنودا مهمة، أبرزها منع امتلاك الحزب أجنحة أو مليشيات مسلّحة ومنع نشاطات الأحزاب داخل المؤسسة العسكرية والأمنية والحكومية أو استغلال المنصب في ذلك.

كما اشترط القانون على من يؤسس حزباً أن يكون عراقي الجنسية وأكمل الـ25 عاماً من عمره وألّا يكون محكوماً بقضايا متعلقة بالقتل المتعمّد والمخلّة بالشرف أو الإرهاب أو الفساد المالي والإداري أو جرائم دولية. كما اشترط القانون ألّا تؤسس الأحزاب من قبل المنتمين لحزب "البعث" المنحلّ بدرجة عضو عامل وما فوق. وتنال تلك الصيغة من القانون موافقة غالبية السياسيين العراقيين. وفي حال دخل القانون حيّز التنفيذ، فإن على تسعة أحزاب سياسية التخلي عن أجنحتها العسكرية المتمثلة بالمليشيات أبرزها حزب "الدعوة"، مليشيا "بدر"، المجلس الأعلى، الأحرار، الفضيلة والإصلاح والرساليون.

من جهته، يؤكّد الخبير السياسي، مهنّد الربيعي، أنّ "التوافق السياسي على قانون الأحزاب جاء بفضل خطة الإصلاحات التي أطلقها العبادي". ويقول الربيعي لـ"العربي الجديد"، إنّ "إصلاحات العبادي فتحت الباب أمام تقليل الفجوة بين الكتل السياسيّة، والتي رأت حزماً من قبل رئيس الوزراء بتطبيق الإصلاحات مهما كلّف الأمر، ما دفعها إلى التوافق على القوانين المعطّلة، التي كانت مسار خلاف بين الكتل".

ويشير الربيعي إلى أنّ "إصلاحات العبادي دفعت البرلمان إلى تقديم إصلاحات مهمّة، وبالتالي ستنعكس صورة الإصلاح والتوافق على الواقع السياسي وحتى الأمني في البلاد". ويعرب الربيعي عن تفاؤله بـ"إقرار كافة القوانين المهمّة التي تمسّ الشارع العراقي"، لافتاً إلى أنّ التوقّعات الحالية تشير إلى ولادة أحزاب وحركات جديدة في ضوء القانون الذي عبّد الطريق السياسي في البلاد أكثر من قبل.  

يشار إلى أنّ قانون الأحزاب في العراق تم تعطيله منذ العام 2004، ولم تستطع الكتل السياسية التوافق بشأنه، فيما بقي العمل وفقاً لقانون بريمر، في إشارة إلى الحاكم المدني في العراق إبان الاحتلال الأميركي، الذي نظّم عمل الأحزاب في البلاد.

اقرأ أيضاً: دعم أممي لإصلاحات العبادي ومعصوم يلمّح لتعديلات دستورية

المساهمون