عون يلجأ للشارع: مطالبي أو الانفجار

05 يوليو 2015
من احتفال سابق للتيار الوطني الحر (حسين بيضون)
+ الخط -
نجحت الماكينة الدعائيّة للتيار الوطني الحر في إعادة الاعتبار لـ"المظلوميّة المسيحيّة" في أذهان مناصري التيار. ففي الوقت الذي كانت الانتخابات الداخليّة هي الهاجس الأساسي لكوادر التيار، بحيث يُمكن أن تُهدّد وحدته، جاءت قضية "حقوق المسيحيين" لتطغى على حديث الانتخابات. كما رفع النائب ميشال عون شعار التحرّك في الشارع، وهو ما قد يكون مخرجاً لتأجيل الانتخابات بهدف إلغائها لاحقاً، بسبب الخلافات الداخليّة، بحسب ما تشير بعض المصادر العونيّة. في المقابل، يُشير أحد النواب العونيين لـ"العربي الجديد"، إلى أن التحضيرات للانتخابات لا تزال قائمة "لكن إذا انشغلنا بأمور أخرى، قد يتم تأجيل الانتخابات".

إذاً، انطلق عون من شعار أن "المسيحيين معرضون لخطر الوجود"، وربط الأمر بأن "ثعالب السياسة اللبنانية يدها على كل حقوق المسيحيين وعلى مواقعهم في السلطة"، كما قال خلال احتفال للتيار الوطني الحرّ. واعتبر عون أن إقصاء "المسيحيين عن السلطة بدأ مع تمديد ولاية المجلس النيابي"، ورأى أنهم "لا يريدون رئيساً للجمهورية يمثل اللبنانيين، بل رئيساً لا يمثل أحداً ويكون مرهوناً للخارج". وكان نواب التيار الوطني الحرّ قاطعوا جلسات مجلس النواب الـ24 الأخيرة لانتخاب رئيس للجمهوريّة (حضروا الجلسة الأولى)، وهو ما أدى إلى فقدان النصاب وعدم انتخاب رئيس. وفي استكمال لتلويحه السابق بالدعوة إلى الفيدراليّة، قال عون إن "الأسبوع المقبل سيحصل التحوّل الكبير في السياسة اللبنانية، لأن هناك العديد من الحلول للأزمة. لذلك من لا يريد أن يعيش معنا لن نعيش معه، ومن يريد أن يمد يده (يعتدي) علينا، سنمد يدنا عليه. استعدوا نفسياً لما سيحصل، نحن لا نطلب منكم لا دفع الأموال، ولا إراقة الدماء، إنما إرادة شعبية تجسدونها بموقف".

في الشكل، يطرح عون ضرورة استعادة حقوق المسيحيين، وهو يرى أن الطريق لذلك يجب أن يمرّ عبر تعيين العميد شامل روكز (صهر عون) قائداً للجيش، وهو الأمر الذي أكّده النائب آلان عون، مضيفاً أن "المشكلة مع المسيحيين ليست مشكلة أسماء، بل بإقرار المرجعية التي تقرر هذا الأمر". وقال عون لـ"العربي الجديد"، إن الخيارات كلها مفتوحة في هذه المرحلة. ورداً على سؤال عن انتشار طرح المطالبة بمؤتمر تأسيسي بين شباب التيار، اعتبر أن "الجميع يذهب بخياراته إلى الحد الأقصى حالياً".

اقرأ أيضاً: اجتماع الحكومة اللبنانية ينهي التعطيل... وعون يهدد بـ"التفجير"

بدوره، اعتبر أمين سرّ تكتّل التغيير والإصلاح، النائب إبراهيم كنعان، أن الموضوع تجاوز التعيينات العسكرية، "وبات أخطر من ذلك. نحن أمام تحدي وجودنا أو عدم وجودنا. التجاوز الذي حصل في جلسة الحكومة الأخيرة لا يُمكن السكوت عنه"، كما أبلغ "العربي الجديد". ويؤكّد كنعان أن التيار سيسير بتحركاته بشكلٍ تصعيدي، إذا لم يحصل التراجع عن خطوة إقرار أحد بنود جدول أعمال الحكومة في ظلّ غياب وزراء التيار الوطني الحرّ، "فما حصل يستهدف وجودنا في الدولة، وهو موضوع كياني وسابقة إذا لم نرفضها وسيؤدي إلى تكريسها، فهي حقوق لا يُمكن التنازل عنها". ورأى كنعان أن هذه التحركات لا يوجد ضوابط لها في حال عدم الاستجابة.

وفي حين يرفض المسؤولون العونيون الحديث علناً عن أفق التحركات، أبلغت كوادر عونية مشاركة في عملية التعبئة "العربي الجديد"، بأن العودة إلى الشارع التي يدعو إليها "الجنرال" ستصل إلى حدود إقامة اعتصام مفتوح في ساحة رياض الصلح، في محيط السراي الحكومي في العاصمة اللبنانيّة "في حال عدم الاستجابة لمطالبنا". الملفت هو عودة خطاب "التقسيم" إلى الواجهة بين كوادر التيار الوطني الحرّ. فطرح الفيدراليّة الذي يتبناه عون، وطرحه في جلسات مع قوى سياسيّة أخرى، لا ينطلق من ضرورة تطوير النظام اللبناني، بل من واقع "عدم القدرة على العيش سويّاً"، وهو ما يعني التقسيم وليس الفيدراليّة.

وفي هذا السياق، علمت "العربي الجديد" أن القوى الحزبية المسيحيّة الأخرى فوجئت بخطاب عون "الذي يرفع سقف خطابه السياسي إلى حدوده القصوى بهدف تحقيق مصالح شخصيّة من دون الاهتمام بالأخطار الحقيقية التي تُهدد المسيحيين في لبنان"، بحسب ما قال أحد المسؤولين في أحد الأحزاب المسيحيّة، مفضّلاً عدم ذكر اسمه. وأضاف بأن الأولوية اليوم "بالنسبة للمسيحيين هي الحفاظ على وحدة اللبنانيين وتوحدّهم بهدف مواجهة أي خطر آتٍ من خارج الحدود، أما عزل المسيحيين والعودة إلى خطاب عام 1989، فهو سيكون أمراً قاتلاً للمسيحيين وسيؤدي إلى نتائج أسوأ من تلك التي حصلت في ذلك العام". والمقصود بأحداث العام 1989 هو تشكيل عون لحكومة عسكرية، في ظل حكومة مدنية ومواجهته القوى الأخرى ورفضه اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية، وهو ما انتهى باحتلال الجيش السوري لقصر رئاسة الجمهوريّة و"هروب عون إلى السفارة الفرنسية" في حينها. اللافت أن عون نفسه استعاد هذا الخطاب عندما قال ليل أول من أمس: "نحن اليوم لسنا أضعف ممّا كنّا عليه في 13 تشرين (أكتوبر 1990 تاريخ إطاحة عون من قبل الجيش السوري)، فقد كنا نعيش بربع بعبدا (مقر الرئاسة شرقي بيروت)، ولم يخرجنا سوى الطائرات والدبابات، أما اليوم فما من أحد يستطيع أن يحذفنا من البلد". ويرى معارضو عون في الأحزاب المسيحيّة أنه يُكرر تجربة عرقلة تأليف الحكومة بهدف توزير صهره جبران باسيل، "والأغلب ستُلبي القوى الأخرى مطالبه لمنع البلد من الانفجار".

لكن مصادر رئاسة الحكومة اللبنانيّة تُصرّ على دعوة مجلس الوزراء للانعقاد يوم الخميس، وبأن الدعوة شرعيّة، وأن لا غطاء سياسي لتحركات عون من قبل القوى السياسيّة الأخرى، خصوصاً رئيس مجلس النواب نبيه بري.
المساهمون