سجال طقوس "حفل العرش" المغربي

31 يوليو 2015
فتح بنكيران باب الجدال في تصريحاتٍ سابقة (الأناضول)
+ الخط -
كما درجت "العادة" في المغرب في السنوات الأخيرة، يتحوّل "حفل العرش" السنوي إلى مادة جدل سياسية، في ظلّ ارتفاع الأصوات المعارضة لطقوس الاحتفالات. وفي الذكرى السنوية الـ16 لجلوس الملك محمد السادس على كرسي الحكم في 1999 خلفاً لوالده الملك الحسن الثاني، كانت التصريحات السابقة لرئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، حول طقوس الحفل قد أشعلت الجدال مجدداً.

وبدأت فعاليات "يوم العرش" أمس الخميس، على أن تنتهي اليوم الجمعة. وفي الطقوس يترأس العاهل المغربي الحفل في ساحة القصر، وهو يمتطي صهوة جواده، أو يركب سيارته المكشوفة، ويصطف أمامه مئات الأشخاص، من مسؤولين حكوميين، وولاة ومحافظي مختلف الأقاليم بالبلاد، للتعبير عن الولاء للعرش، والبيعة للملك.

غير أنه وفي السنوات الأخيرة، ازداد النقاش حول طبيعة الحفل، لاعتبار البعض أن "طقوسه تحطّ من الكرامة الإنسانية، بسبب الانحناء للملك"، بينما يصرّ البعض الآخر على اعتبارها "عادات عريقة تميّز تاريخ المغرب".

وكان بنكيران قد أكد أخيراً، في لقاء مفتوح بمدينة سلا، أنه "لا يزال مقتنعاً بما كان ينادي به حين كان حزبه (العدالة والتنمية) في صفوف المعارضة"، مشيراً إلى أنه "ينادي بمراجعة تلك الطقوس وتطويرها، على أن يتم ذلك بالتوافق مع الملك".

اقرأ أيضاً: الانتخابات المقبلة في المغرب "تتأنث"

وسبق للعاهل المغربي أن جدّد تمسكه بالطقوس الملكية المتبعة في البلاد منذ عقود خلت، حين قال في حوار نادر لمجلة "باري ماتش" الفرنسية في عام 2004، بأن "البروتوكول الملكي إرث ثمين من الماضي". وأبدى حرصه على "المحافظة على هذه الطقوس، فالتقاليد البروتوكولية تمثل جزءا لا يتجزأ من كياني".

وعن الطقوس، يقول الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني، لـ"العربي الجديد"، إنه "لم يعد مقبولاً في هذا العصر، مشاهدة طقوس بالية لا معنى لها عدا تكريس عقلية التبعية، والمسّ بكرامة الإنسان، من خلال اصطفاف مسؤولين وأعيان في صفوف طويلة ومتوالية، من أجل الانحناء للملك، أو تقبيل يده".

وأكد عبد المومني أنه "لا يوافق الحديث عن ضرورة تعديل أو تطوير طقوس حفل الولاء، أو طقوس تقبيل يد الملك، بل يطالب بإلغائها كلياً، لكونها لا تتماشى مع روح العصر، كما تسيء إلى صورة المغرب في الخارج". ولفت إلى أن "هذه الطقوس لا تناسب وضعية بلد يطمح إلى القطع مع إرث الماضي".

وكان عشرات الشخصيات السياسية والإعلامية والحقوقية، قد وقّعوا العام الماضي بياناً اعتبروا من خلاله أن "طريقة إثبات الروابط بين المواطن والدولة، يجب أن تتمّ في إطار من احترام كرامة هؤلاء المواطنين، بعيداً عن طقوس الإذلال والطاعة التي تتضمنها المناسبة السنوية لهذه الطقوس".

وفي المقابل، تظهر يعض الأصوات التي تحاول التقليل من تصوير تلك الطقوس على أنها مناقضة لحقوق الإنسان، أو تمسّ بكرامة المغاربة، حتى أن البعض يرى في الأمر "تعلّقاً بطقوسٍ هي من صميم عادات المغاربة منذ عقود كثيرة، تدلّ على علاقة الملك برعيته".

ويقول الناشط المدني محمد كرموح، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "طقوس حفل البيعة ترتبط بعمق التاريخ المغربي، وهي عادات تميز حضارة بالبلاد". ورأى أن "بعض الجهات بالغت في موضوع الانحناء، ليتم تصويره وكأنه يمس بكرامة المواطنين، بينما يُعرف عن المغاربة تبجيل آبائهم أو من هم أكبر منهم سناً، أو من يتكلّف بشؤونهم ورعايتهم".

وبالنسبة لكرموح، ومن يوافقه الرأي، فإن "حفل الولاء الذي لا يدوم سوى دقائق معدودات لا يضرّ أحداً، ومن يشارك فيه من مسؤولين محليين وأعيان ونخب سياسية، يقومون بذلك عن طيب خاطر من دون أن يفرضه عليهم أحد. وحفل الولاء هو تجديد علني سنوي لعهد البيعة لملك البلاد".

اقرأ أيضاً: المغرب يلوذ بالسياح المحليين للصمود أمام انحسار الوافدين

المساهمون