الحوثيون بعد عدن: التراجع إلى الشمال والتفاؤل بالتغيّرات الإقليمية

17 يوليو 2015
عدن نقطة الصراع الرئيسية التي دفعت بالتحالف للتدخل(فرانس برس)
+ الخط -
في ظلّ استمرار تقدّم "المقاومة الشعبية" والجيش اليمني الموالي للشرعية، بات واضحاً أن الموازين الميدانية في عدن، نقطة الصراع الأولى في اليمن، قد تغيّرت. وبات على الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، التعامل مع واقع جديد، بعد قرابة أربعة أشهر من الحرب، حاولا فيها الصمود وتحدي غارات دول التحالف الداعمة للشرعية.
وكان لافتاً مجيء التطورات الميدانية المتسارعة في مدينة عدن، بعد فشل "الهدنة" التي أقرّتها الأمم المتحدة، الأمر الذي يمكن ربطه بتراجع الحوثيين في عدن، إذ كان الحوثيون يأملون بأن تتمكن الأمم المتحدة من التوصل إلى مخرج في العمليات العسكرية للتحالف العربي، إلّا أنّ الفشل الأممي وعجزه عن تحقيق أي تقدم في هذا الجانب، دفع بالحوثيين إلى التراجع خطوة إلى الوراء، تحت ضغط الخسائر المتواصلة بشكل يومي. ومع ذلك، فقد أظهرت ردود فعل الحوثيين أنهم صُدموا بالفعل نتيجة التطورات في عدن.
بحسب تصريحات المسؤولين في دول التحالف والحكومة والمعطيات المختلفة، فإنّ "تحرير عدن"، إذا ما وصل إلى النهاية، فإن التركيز التالي سيكون على بقية المحافظات الجنوبية، لحج، أبين، شبوة، الضالع. وهذه المحافظات قد ينسحب منها الحوثيون والموالون لصالح تأثراً بالتطورات في عدن وتزايد الضربات أو أملاً في أن يسهم ذلك في الحل السياسي.
وعلى عكس ذلك، فإن المراقبين والمحللين العسكريين يتوقعون أن يسعى الحوثيون والموالون لصالح إلى التمسك بالمحافظات الشمالية، بحيث يتم دعم وتعزيز الجبهات في مأرب وتعز، وفي المحافظات التي يسيطرون عليها. والأرجح أن انسحاباً من المحافظات الجنوبية التي باتت تشكل جبهات استنزاف لهم لا أكثر، يمكن أن يقوي قبضتهم في الشمال، ما لم تكن هناك خطة متزامنة للتحالف الدولي لتحرير مدن مثل تعز ومأرب.
ويستفيد الحوثيون في هذا الصدد، من أمر مهم لم يعد بالإمكان إخفاؤه، وأصبح عدد كبير من الناشطين المعارضين للحوثيين يتحدثون عنه، وهو النغمة المناطقية المصاحبة للتطورات في الجنوب، والتي تعتبر ما جرى تحرراً من "الشمال" وليس ضمن مشروع موحّد لإعادة الحكومة الشرعية، وهذا الأمر يربك قوى "المقاومة الشعبية" في الشمال.
من جهة ثانية، وبحسب الآراء التي تلمّستها "العربي الجديد" من حوثيين، فإن لديهم آمالاً ضئيلة بأن تتغيّر الموازين الإقليمية بعد توقيع الاتفاق النووي بين طهران والغرب، إذ يمكن أن يؤثر الاتفاق على نسبة الضغوط الدولية التي تُمارس على السعودية لإيقاف الحرب، وغير ذلك من المواضيع المرتبطة بالأولويات الدولية في محاربة الإرهاب، بينما يقدّم الحوثيون في خطابهم الإعلامي أنفسهم كجماعة تحارب "القاعدة" و"داعش".

اقرأ أيضاً: المحافظات الشمالية تنتظر دورها بعد انتصارات عدن

ومن الممكن أن يؤثر تحرك من هذا النوع على الحوثيين ويدفعهم إلى الصمود ليس في المحافظات الشمالية فقط، بل في المحافظات الجنوبية أيضاً. لكن الأمر الذي ترجّحه مختلف المعطيات الميدانية، هو أن الحوثيين وحلفاءهم يتكبّدون خسائر كبيرة مع استمرار الحرب، وأن الجنوب بات جبهة استنزاف يحاولون الخروج منها بما يحافظ على ماء الوجه، أو بما يقطع الطريق على حلفاء السعودية، وهذا ما يكشفه سعيهم للتواصل مع قيادات في الحراك الجنوبي منذ أسابيع والتفاوض معها لاستلام الجنوب.
من جهة ثانية، فقد كانت عدن نقطة الصراع الرئيسية التي دفعت بالتحالف العربي إلى التدخل. وليس مستبعداً بعد أن يتم تحريرها، أن تتحرك المياه السياسية الراكدة، نتيجة التوازن الذي فرضته الأحداث الميدانية والإنهاك المتواصل لمختلف الأطراف، وفي مقدمتها الانقلابيون.
إجمالاً، فإن الخيار المرجح أن يذهب إليه الحوثيون، بحسب المعطيات، هو التراجع جنوباً مع التمسك بالمحافظات الشمالية، ما لم يحصلوا على إشارات من حلفائهم الإقليميين، ممثلين بإيران، تدفعهم للمواصلة في الجنوب، والاعتماد على الجهود السياسية مجدداً لإيقاف العمليات العسكرية للتحالف الدولي.
في المقابل، جددت الخارجية الروسية التأكيد على أن "لا حل للأزمة في اليمن إلّا عبر الحوار"، داعية المجتمع الدولي إلى تقديم أكبر قدر ممكن من المساعدات الإنسانية للسكان في اليمن. وقالت الخارجية الروسية في بيان نشرته على موقعها الرسمي، يوم الأربعاء، "نعتقد أنه من المهم والملحّ عمل كل شيء لوقف دائرة العنف في اليمن، وتحقيق سلام وحل ثابت للأزمة هناك عن طريق حوار جامع يضع في عين الاعتبار مصالح جميع اليمنيين". ودعت موسكو المجتمع الدولي للسير على خطاها وتقديم أكبر قدر ممكن من المساعدات الإنسانية لسكان اليمن.

من جهته، أكّد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ضرورة وقف الحرب في اليمن والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى اليمنيين المحتاجين والمتضررين. وأوضح البيت الأبيض في بيان له، يوم الأربعاء، أنّ الرئيس باراك أوباما اتصل بالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، بعد الاتفاق بشأن النووي الإيراني، وتحدث معه حول وقف الحرب على اليمن وإيصال المساعدات الإنسانية.

اقرأ أيضاً: "المقاومة" والجيش يؤمّنان منافذ عدن... وعودة قريبة لهادي