هدنة يمنية هشة من دون شروط حكومية

11 يوليو 2015
مسلّح حوثي في صنعاء (فرانس برس)
+ الخط -

لا يبدو أن الهدنة في اليمن التي بدأت منتصف ليل أمس، ستنجح في وقف الاقتتال في البلاد، وهو ما تُرجم في خطاب لزعيم جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) عبدالملك الحوثي، الذي أعلن أمس أنه ليس لديه أمل كبير بنجاحها. وقال الحوثي، في كلمة له بمناسبة "يوم القدس العالمي"، إن "تجربتنا في الهدنة السابقة كانت مريرة"، رابطاً "نجاح الهدنة الحالية بالتزام النظام السعودي ورهن بتوقّف العدوان كلياً".

ورفع زعيم الحوثيين من نبرته مهدداً "بالإقدام على خطوات استراتيجية كبيرة لمواجهة العدوان السعودي إذا استمر، خطوات تؤسس لمراحل مهمة على مستوى المنطقة"، معلناً أن "استمرار العدوان على اليمن سيحتم علينا التعبئة العامة على كل المستويات لمواجهته"، وداعياً "كل المكونات السياسية اليمنية إلى سد الفراغات في السلطة والاهتمام بالشأن الأمني".

وبدا واضحاً أن الهدنة المعلنة تواجه تعقيدات ميدانية في جبهات القتال الداخلية ومخاوف من كل طرف من استغلال الهدنة من قبل الآخر. وكشف مسؤول رئاسي، لـ"العربي الجديد"، تفاصيل الساعات الأخيرة للهدنة، موضحاً أن "الأمم المتحدة أعلنت بيانها حول بدء هدنة غير مشروطة، وتقدمت بالشكر للرئيس عبد ربه منصور هادي على موافقته على الهدنة، لكنها تجاهلت أغلب الشروط التي قدمها في رسالته التي وجّهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في الثامن من يوليو/ تموز الحالي".

وأضاف المسؤول، الذي اشترط عدم ذكر اسمه لكونه غير مخوّل بالتصريح، أنه "تمّ إبلاغ الحكومة بأن المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، حصل على تعهّدات وضمانات من الحوثيين وحزب الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، بإلزام المقاتلين الموالين لهم بالالتزام بالهدنة ووقف إطلاق النار، ولم يتم إبلاغها بالالتزام بأي من الشروط الأخرى، التي وضعتها، لتطبيق الهدنة، كما لم يتم توضيح طبيعة الضمانات المقدمة". وأكد بأن "الحكومة، ومن باب إظهار حسن النوايا، وحرصاً على التخفيف من الأوضاع الإنسانية التي تتدهور كل يوم، لم تجد أمامها سوى الالتزام بالإعلان الأممي، على الرغم من تجاهل العديد من الشروط التي وضعتها".

اقرأ أيضاً: مليشيات الحوثيين تتهم صحافيين بالإرهاب!

وفي السياق، وجّه هادي رسالة إلى الأمم المتحدة، علمت "العربي الجديد" أنها "تضمّنت تسعة شروط للهدنة، بدءاً بالتزام الحوثيين وحلفائهم وعدم التعرّض للمساعدات الإنسانية، ثم البدء بالانسحاب من محافظات عدن، وتعز، مأرب، وشبوة، كي لا يكون تواجد الحوثيين فيها مدعاة لاندلاع القتال مرة أخرى".

وتشترط الرسالة بأن "تضع الأمم المتحدة آلية فاعلة لمراقبة التزام الحوثيين والإعلان عن أي تجاوزات من قبلهم، وأن يتم توزيع المساعدات من قبل الجانب الأممي فقط، لضمان عدم استيلاء الحوثيين عليها، وضمان عدم استفادتهم من المشتقات البترولية، والإفراج عن وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي وجميع السجناء السياسيين والمحتجزين تعسفياً".

إلى ذلك، تتضمن الرسالة شرطاً يمكن أن يُسقط الهدنة، من خلال تأكيدها على أنه "في حالة قيام مليشيات الحوثيين والقوات الموالية لها بتحركات وعمليات عسكرية في أي منطقة باليمن، فإن لقوات التحالف أن تتحرّك بشكل فوري ومن دون أي إعلان للتصدي لأي تحركات أو عمليات عسكرية في أي منطقة باليمن، وكذلك استمرار الحظر البحري والجوي لضمان عدم وصول إمدادات عسكرية، وأخيراً أن تكون الهدنة لمدة خمسة أيام قابلة للتمديد فترتين أُخريين ما لم يكن هناك أي خروقات من قبل الحوثيين وحلفائهم".

ولم يتضمّن بيان الأمم المتحدة الخاص بإعلان الهدنة إقراراً بوجود شروط، على العكس من ذلك، أكد أن الهدنة غير "مشروطة"، وأشار في المقابل إلى ضرورة إعداد آلية "لسحب القوات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين واستئناف العملية السياسية الشاملة طبقاً لقرار مجلس الأمن 2216". وكشف البيان أن "هذه الإجراءات ستُشكّل جزءاً من الاتفاقات اللاحقة التي ستتطلّب مزيداً من المشاورات".

ميدانياً، تواجه "الهدنة" صعوبات جمّة في التطبيق، إذ أعلنت "المقاومة الشعبية" في عدن وتعز أن القبول بالهدنة مشروط بانسحاب الحوثيين من المدينتين، وبينما لم تُعلَن استجابتهم لهذا المطلب، من المتوقع حصول العديد من الخروقات، الأمر الذي قد يجعل الهدنة نسخة من سابقتها، والتي توقفت فيها الغارات الجوية ولم تتوقف الأعمال العسكرية إلا بشكل محدود في جبهات المواجهات، الأمر الذي منع دخول المساعدات الإنسانية.

كذلك بات الحوثيون والموالون لصالح على أبواب حضرموت، المحافظة النفطية الأهم، التي بقيت بعيدة عن الصراع مع الجماعة خلال الفترة الماضية، غير أن جزءاً منها تحت سيطرة تنظيم "القاعدة"، الأمر الذي يغري الحوثيين وحلفاءهم نحوها بحجة محاربة الإرهاب.

وشهد يوم أمس الجمعة مواجهات في جبهتي عدن وتعز خصوصاً، واتهمت مصادر في المقاومة الحوثيين بحشد العديد من الآليات على مداخل مدينة تعز، قبل ساعات من بدء الهدنة، الأمر الذي اعتُبر مؤشراً على سعيهم لاستغلالها لتنفيذ هجمات.

اقرأ أيضاً وزير الخارجية السعودي: نواجه مشاغبات إيران في اليمن

المساهمون