ضربة نيجيرية للدبلوماسية المغربية

03 يونيو 2015
المغرب كان يأمل تبدل سياسة نيجيريا (Getty)
+ الخط -
أثار موقف الرئيس النيجيري الجديد، محمد بوخاري، من النزاع الدائر حول الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو، وتأييده لمطالب الانفصال، مفاجأة لجزء من الرأي العام في المملكة، بينما اعتبره البعض الآخر منسجماً مع السياسة الخارجية التقليدية لهذا البلد الأفريقي.
وكان الرئيس النيجيري المنتخب حديثاً قد استقبل قبل أيام "الوزير الأول" في جبهة البوليساريو، عبد القادر الطالب عمار، بعد ساعات قليلة فقط من مراسم تنصيبه رئيساً لنيجيريا، حيث اتفق الطرفان على مواصلة دعم مطالب "الشعب الصحراوي" لتحقيق مصيره.
وأكد الرئيس النيجيري الجديد للقيادي في جبهة البوليساريو أن "نيجيريا، بتاريخها العريق في دعم الشعوب وحركات التحرر في أفريقيا، لن تدخر جهداً من أجل ضمان احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والحرية"، وفق تعبيره.
كما أعرب بوخاري عن "أسفه لعدم حصول تقدم حقيقي تجاه تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية خلال السنوات الماضية"، على حد وصفه، قبل أن يطالب الاتحاد الأفريقي بأداء دوره كاملاً في هذا النزاع".


اقرأ أيضاً: بين المغرب والجزائر

وتأتي مفاجأة الرأي العام المغربي من موقف الرئيس النيجيري الجديد، الذي خلف الرئيس السابق غودلاك جوناثان، لكونه كان يأمل في تغيير في السياسة الخارجية لهذا البلد إزاء ملف الصحراء، والتعاطي خصوصاً مع جبهة البوليساريو، بالنظر إلى حرص الملك المغربي محمد السادس على المسارعة إلى توجيه التهنئة لبوخاري بعد انتخابه.
وكان العاهل المغربي قد أكد حينها حرص الرباط على "انطلاقة جديدة للعلاقات مع نيجيريا في احترام تام لثوابتهما الوطنية، وتخطي ما طبع الحقبة السابقة من خلافات وسوء فهم أصبحت متجاوزة، في سياق بروز أفريقيا جديدة تطمح شعوبها، أكثر من أي وقت مضى، إلى تحقيق التنمية الشاملة في ظل الأمن والاستقرار".
ويبدو أن الدعوة التي وجهها المغرب للرئيس النيجيري الجديد لطي صفحة الماضي في دعم أبوجا لمطالب البوليساريو منذ سنة 1984، لم تجد آذاناً صاغية لدى الحكام الجدد لهذا البلد الأفريقي، بدليل إعلان بوخاري تأييد البوليساريو.
وكان العاهل المغربي قد أعلن رفضه قبل بضعة أسابيع، لطلب تقدمت به السلطات النيجيرية لإجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس السابق بدعوى أن "وقتها غير مناسب"، وهو ما فسره مراقبون بأنها ردة فعل إزاء انحيازه لجبهة البوليساريو.
وفيما لم تُبد الجهات الرسمية المغربية حتى اللحظة أي موقف تجاه التطورات الجديدة، اعتبر مراقبون أن الأمر قد لا يكون مفاجئاً إذا تم النظر إلى طبيعة السياسة الخارجية لنيجيريا.
وأوضح أستاذ العلاقات الدولية والخبير في ملف الصحراء، خالد شيات، أن العلاقات الثنائية بين الدول الأفريقية تتضمن أبعاداً إقليمية".
وذكّر شيات أنّ نيجيريا، منذ العام 1984، بنت علاقات متينة في منظومة أفريقية تسيطر على توجهاتها، بشكل متواز مع قوى أفريقية أخرى، مثل الجزائر أو جنوب أفريقيا، مضيفاً أن "فصلها عن هذا المحيط صعب جداً، لأن تكلفته الاقتصادية بالنسبة إليها كبيرة، كما أن مكاسب مثل هذه الخطوة غير مضمونة".
كما لفت أستاذ العلاقات الدولية إلى أن "نيجريا منظومة غير منسجمة في ما يخص بنيتها السياسية الداخلية، ما يعني أن البناء الداخلي لا يعكس بالضرورة المخرجات السياسية المهيمنة على الساحة الدولية".
كما أوضح أنه من العوامل الذاتية في الموقف النيجيري التقليدي، بطء تفاعل الدبلوماسية المغربية مع المصالح الاقتصادية لهذه الدولة. وأشار إلى أن الأمر يستدعي التدخل بخطط في اتجاهين. ووفقاً للشيات، فإنّ "الاتجاه الأول يأخذ بعين الاعتبار المصالح الداخلية المتضاربة سياسياً. والثاني يراعي المصالح المتناقضة إقليمياً ودولياً حول الأدوار المتجددة لنيجيريا في القارة الأفريقية". وخلص شيات إلى أن موقف نيجيريا تجاه قضية الصحراء قابل للتدارك شرط وضع برنامج اقتصادي بديل بالتنسيق مع الدور الأميركي الذي له رؤية متجددة للقارة الأفريقية.

اقرأ أيضاً: المغرب يتجه إلى الجنوب الأفريقي

المساهمون