الإنجليزي.. الفقراء والأغنياء

18 يونيو 2015
خرّيجو جامعات أميركية أقروا بصعوبة الامتحان (فرانس برس)
+ الخط -
يمكن القول إن ما ارتكب بحق طلبة الثانوية العامة (التوجيهي) في الأردن، خلال امتحان اللغة الإنجليزية، جريمة تستحق التوقف أمامها طويلاً لمحاكمتها ومحاكمة مرتكبيها والفرحين بحدوثها، وذلك حتى قبل أن يصار إلى صدور نتائج التحقيق الذي ستجريه الوزارة بخصوص الامتحان، بناءً على تحصيل الطلبة الذي سيظهر بعد تصحيح الأوراق، ومقارنته بتحصيلهم خلال الدورة الماضية، للحكم إن كان هناك خلل أم لا.

في الأردن يعتبر (التوجيهي) أكثر المراحل التعليمية حساسية وخطورة، حيث يشكل اجتيازه طوق النجاة للطامحين للانخراط في التعليم العالي، ويكفي أن يكون لدى الأسرة طالب توجيهي حتى تعلن حالة الطوارئ طول السنة الدراسية، وتعيش عاماً مرعباً تتخلله مشاعر الخوف والدعاء والأمنيات والانتظار. ما حدث في الدورة الحالية للتوجيهي أن بادرت وزارة التربية والتعليم إلى إرعاب الطلبة من خلال امتحان اللغة الإنجليزية الذي فاق مستوى غالبية الجالسين على مقاعد الامتحان، فخرجوا منه غاضبين مستائين، والأخطر يائسين بعدما أيقن الكثير أن الرسوب حليفهم وأن حلم الجامعة تبخر، وهو ما سينعكس حتماً على أدائهم لما تبقى من الامتحانات، ليصبح التحقيق الوزاري المؤجل ليس أكثر من إبر مخدرة ستسكن أوجاع أحلام الطلبة وعائلاتهم دون أن تعالجها.

المؤذي أن ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر"، شنوا هجوماً على الطلبة المتذمرين من الامتحان، محملين الطلبة المسؤولية الكاملة عن الفشل المتوقع، ومصفقين للوزارة، من دون أن يلقوا اهتماماً لشهادات قدمها خريجو جامعات أميركية ممّن يجيدون الإنجليزية بشكل يفوق العربية تقر بصعوبة الامتحان، مقارنة بواقع مستوى التعليم في المدارس الحكومية التي يصبح أحياناً وجود مدرس لغة إنجليزية في بعضها حلماً. ربما لا يجد الطلبة من أبناء الأغنياء الملحقين بمدارس خاصة تعتمد اللغة الإنجليزية لغة أولى في التعليم مشكلة في الامتحان، لكن ما ذنب جيوش الفقراء المكدسين في المدارس الحكومية تحت سياط التعليم المجاني منزوع الجودة في تحميلهم ما يفوق طاقتهم، في الوقت الذي ترفع فيه الوزارة راية إصلاح التعليم، فعليها أن تدرك أن الإصلاح يبدأ من القاعدة لا من الهرم.
دلالات