آمال ضعيفة على جنيف اليمني... وتأجيل تقني إلى الاثنين

13 يونيو 2015
"المقاومة" قلبت موازين المعارك (فرانس برس)
+ الخط -
تدل المؤشرات الأولية على أن فرص نجاح مفاوضات جنيف، التي تنطلق بعد غد الاثنين في مقر الأمم المتحدة الأوروبي في المدينة السويسرية، ليست بكبيرة لناحية احتمالات التوصل إلى حل للأزمة اليمنية، إذ إن هذه المفاوضات لن تستطيع أن تجمع الطرفين المتنازعين إلى طاولة واحدة، على الأقل في أيامها الأولى، فيما تقول الأطراف الجنوبية الموالية للشرعية إن المليشيات الحوثية وحلفاءها باتت تتراجع ميدانياً، وإن هذه المفاوضات تأتي لإخراجها من أزمتها.

ويفترض أن يجمع مؤتمر جنيف طرفي الأزمة، الحكومة الشرعية والأحزاب المناصرة لها من جهة، وجماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، وحليفها حزب "المؤتمر الشعبي العام"، الذي يترأسه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى، هذا إن توجه الطرف الأخير إلى المدينة الأوروبية. واضطرت المنظمة الدولية الى تأجيل بدء اللقاءات إلى الاثنين، بعدما كانت مقررة غدا الأحد، بسبب تأخر وصول وفد الحوثيين وجماعة صالح، بينما غادر ليل الجمعة السبت وفد الحكومة الشرعية. ورست الخيارات شبه النهائية على تقسيم الأطراف المشاركة في المؤتمر، إلى قسمين: الأول الحكومة ومؤيدوها، ويضم سبعة ممثلين، والآخر يمثل الحوثيين وحلفاءهم بنفس العدد، على أن تبدأ محادثات منفصلة يرعاها المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مع كل طرف على حدة في غرفة عمل منفصلة لكل فريق.


وحسب مصادر سياسية لـ "العربي الجديد" فإن هذا التقسيم هو ما أبلغ به ولد الشيخ أحمد الأطراف المعنية، بعد أن طال الجدل حول طبيعة التمثيل، وهل يكون الحوار بين اصطفافين أم يكون بين أطراف سياسية حول طاولة مستديرة؟ وواجهت الصيغة الأخيرة التي تم إقرارها، انتقادات من الحوثيين لا ترقى إلى الرفض، بينما دعا الحزب الاشتراكي، أحد الأحزاب السياسية الفاعلة في الساحة اليمنية، إلى مراجعة صيغة التمثيل.

 اقرأ أيضاً: ما يجب على الأمم المتحدة في اليمن

وبينما لم يعلن الحوثيون وحزب صالح عن أسماء وفدهم حتى مساء أمس الجمعة، أكدت مصادر في حزب المخلوع، مغادرة قيادات منه، بينها الأمين العام المساعد ياسر العواضي، إلى إحدى العواصم العربية، ومن المتوقع أن تنضم إليه قيادات أخرى مقيمة خارج البلاد، وتنطلق للمشاركة في جنيف. وكان العواضي، قد أعلن في تصريح الخميس، أنه ما لم تتغير المعطيات خلال الـ24 ساعة فـ "لا جنيف"، إثر تأخر الدعوة رسمياً من قبل الأمم المتحدة.

وفي السياق، من المتوقع أن يشارك عن الحوثيين في جنيف، الوفد الحوثي الذي يقوم بزيارة حالياً إلى روسيا، بعد أن زار عُمان لأكثر من أسبوع، حيث أجرى مفاوضات سرية. ويتألف الوفد من قيادات في الجماعة، أبرزها رئيس المكتب السياسي للجماعة صالح الصماد، والمتحدث باسمها محمد عبد السلام.

وسبق للحكومة أن أعلنت أسماء ممثليها في جنيف، وهم وزير الخارجية رياض ياسين، ووزير حقوق الإنسان عز الدين الأصبحي، ‏ووزير المياه والبيئة فهد سليم كافين، والقيادي في "المقاومة الشعبية" الجنوبية أحمد الميسيري، ‏والأمين العام لحزب "الرشاد" السلفي اليمني عبد الوهاب محمد الحميقاني، والأمين العام لحزب ‏"البناء والتنمية" عبد العزيز جباري، وأحد مشايخ محافظة صعدة المناوئين للحوثي، ‏عثمان مجلي.


والملاحظ أن الوفد الممثل للحكومة وحلفائها، كان من الصف الثاني، بينما غاب الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه خالد بحاح، وقادة الأحزاب المؤثرة المؤيدة له، مثل حزب "التجمع اليمني للإصلاح". في المقابل، تقول الأطراف الجنوبية إن المتغيرات على الأرض تصب لصالح "المقاومة"، فيما مليشيات الحوثي والمخلوع، بدأت تتراجع بشكل كبير، وباتت منهارة في كل الجبهات.

 اقرأ أيضاً: جنيف اليمني... حوار في الوقت الضائع

ويشير مصدر سياسي يمني لـ "العربي الجديد"، إلى أن "الحوثيين وصالح كانوا رافضين للحوارات من الأصل، ولكن تغيّر المعادلة على الأرض هو الذي أجبرهم على البحث عن حلول وتقديم تنازلات، وإن كانت ليست وطنية لأنها تنازلات لأطراف دولية على حساب المصلحة الوطنية لغرض تحقيق انتصار سياسي، بعد ضغط حلفائهم الإقليميين".

في السياق نفسه، يعتبر عضو حوار الرياض، زيد السلامي، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "عقد جنيف في هذه المرحلة جاء بضغط روسي للتخفيف عن مليشيات الحوثيين والمخلوع وإنقاذهما من الانهيار، بعد توسّع رقعة المواجهات وقوة المقاومة في أكثر من جبهة، حتى أن هناك معلومات عن مقاومة في المربع الزيدي الذي هو معقل المليشيات".


ويقول السلامي إن "هناك تسارعاً لتأمين منطقة لعودة الحكومة الشرعية إليها في الأيام المقبلة، وتكثيف القصف على قاعدة العند واشتداد المعارك يأتي في هذا السياق". ويرى أن "لا داعٍي لمؤتمر جنيف، طالما أن مليشيات الحوثي والمخلوع، تتمرد على كل الاتفاقيات والقرارات الأممية، فاليمن ليس بحاجة لمزيد من الوثائق، بل هو بحاجة إلى تنفيذ مخرجات الحوار والقرارات الأممية السابقة، ولأن تتحمّل كل القوى السياسية المسؤولية وتقف صفاً واحداً، لمواجهة المليشيات، وإجبارها على التحوّل من جماعة مسلّحة، إلى كيان سياسي يؤمن بالدولة والديمقراطية".

اقرأ أيضاً هادي: مؤتمر جنيف لتنفيذ القرار الأممي 2216

ميدانياً، تواصل "المقاومة" في تغيير موازين القوى في المعارك لمصلحتها، مع تراجع الحوثيين وحلفائهم، وبات الحديث عن تصدير "المقاومة" إلى معاقل المليشيات. وفقد الحوثيون الكثير من العوامل التي كانت تساعدهم في تحقيق المكاسب وتمنحهم تفوّقاً على الأرض، كالخلايا النائمة وسلاح القناصة والأسلحة الثقيلة، فضلاً عن خيانات مسؤولين وقيادات عسكرية وأمنية ومشايخ، كانوا يسلمون المناطق والمدن والمعسكرات للحوثيين، إضافة إلى قصف الأحياء السكنية، وفرض حصار إنساني واتخاذ الناس دروعاً بشرية. لكن تجاوز "المقاومة" لكل تلك العوامل، قلب الطاولة على مليشيات الحوثيين والمخلوع، وبدأت "المقاومة" تسيطر على مناطق ومدن، لا بل وصل الأمر حسب مصادر في "المقاومة" لـ "العربي الجديد"، إلى إجبار المليشيات خلال اليومين الماضيين، على الإفراج عن عشرات الأسرى، كانت تحتجزهم المليشيات في قاعدة العند الجوية كدروع بشرية.

اقرأ أيضاً: مؤتمر جنيف.. واقع الحرب اليمنية وأوهام السلام
المساهمون