اليمن: الهدنة الإنسانية تنتظر موافقة الحوثيين على الشروط

08 مايو 2015
وقف إطلاق النار مشروط بالتزام الحوثيين (الأناضول)
+ الخط -

تزامن الطلب المقدّم إلى مجلس الأمن الدولي من بعثة اليمن الدائمة لدى الأمم المتحدة بتدخّل بري عاجل، بعد المجزرة التي ارتكبتها قوات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في مدينة التواهي في عدن الجنوبية، والتي راح ضحيتها عشرات القتلى من النازحين، مع تحركات أممية مكثّفة لتحقيق هدنة إنسانية في اليمن، قد تمهّد الطريق لتسوية سياسية شاملة للأزمة اليمنية، وهو ما دفع بدبلوماسيين لدى المنظمة الدولية إلى استبعاد الاستجابة للطلب اليمني.

ففي الوقت الذي بدأ فيه وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، منذ مساء يوم الأربعاء محادثات مهمة في الرياض استكملها أمس الخميس مع القيادات السعودية واليمنية حول مقترح إيقاف العمليات العسكرية لإفساح الطريق أمام المنظمات الإنسانية للقيام بأعمال الإغاثة في اليمن، علمت "العربي الجديد" أن المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عاد إلى الرياض للقاء الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ونائبه خالد بحاح قادماً هذه المرة من باريس، بعد محادثات أجراها هناك مع مسؤولين فرنسيين بشأن الأزمة اليمنية. وسيُجري ولد الشيخ أحمد اليوم الجمعة محادثات جديدة مع المسؤولين السعوديين قبل أن ينتقل إلى دول خليجية أخرى لاستكمال مشاوراته.

وذكر مصدر مطلع في الأمم المتحدة لـ"العربي الجديد" أن ولد الشيخ أحمد يحمل معه إلى دول الخليج هذه المرة مقترحات جديدة رفض المصدر الإفصاح عن طبيعتها، لكن من المرجح أنها لن تخرج عن نطاق ما طرحه وزير الخارجية الأميركي على المسؤولين السعوديين وعلى الرئيس اليمني في الرياض من الحاجة إلى هدنة إنسانية يمكن استغلالها لإجراء حوار للحل الشامل.

وأكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أمس الخميس بعد لقائه كيري، أن السعودية تفكر في إعلان وقف لإطلاق النار لمدة خمسة أيام في اليمن للسماح بإيصال المساعدات الانسانية. وقال الجبير، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأميركي، "أطلعت معاليه على تفكير المملكة بأن يكون هناك وقف لإطلاق النار لمدة خمسة أيام في اليمن للتنسيق مع المنظمات الدولية لإيصال المساعدات الاغاثية في اليمن، على أن يلتزم الحوثيون وحلفاؤهم بذلك وألا يتعرضوا لهذه الجهود وألا يقوموا بأعمال عدوانية في اليمن".

من جهته، دعا كيري جميع الأطراف في اليمن، ولا سيما الحوثيين، للقبول بوقف إطلاق النار المؤقت. وأضاف "ندعو بقوة الحوثيين واولئك الذين يدعمونهم إلى استخدام كل نفوذهم لعدم تفويت هذه الفرصة لتوفير احتياجات الشعب اليمني، وإيجاد حل سلمي للمضي قدماً في اليمن". وشدد على أن وقف إطلاق النار "مشروط بالتزام الحوثيين".

كما التقى كيري الرئيس اليمني في الرياض، وأكد دعم الحكومة الأميركية للشرعية الدستورية في اليمن ممثلة بهادي، وكذلك الحفاظ على وحدة وأمن واستقرار اليمن واستكمال العملية السياسية الانتقالية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.

من جهته، شدد هادي أثناء اللقاء على أهمية الالتزام بالمرجعيات التي توافق عليها جميع اليمنيين بمختلف توجهاتهم السياسية، والتي تعدّ الأساس لمجمل العملية السياسية والمتمثلة في الشرعية الدستورية والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات العلاقة.

وكان من اللافت حضور بحاح جلسة المباحثات بين هادي وكيري، الأمر الذي يؤكد أن دور الرجل لا يقتصر على أن ينوب عن الرئيس اليمني في القضايا التي يتعذر على الأخير المشاركة فيها، بل أصبح دوره يشمل كذلك قضايا لا تزال من صلب اهتمامات هادي.

وشارك في اللقاء الذي جمع هادي بكيري أيضاً وزير الخارجية رياض ياسين، على الرغم من أن وزير الخارجية في حكومة الكفاءات عبدالله الصايدي، كان قد وصل إلى الرياض بطلب من بحاح بغرض معالجة القصور في إدارة الدبلوماسية اليمنية بعد ظهور تباينات بين بحاح وياسين، لكن الأخير وفقاً لما يردده سياسيون يمنيون مقيمون في الرياض لا يزال متشبثاً بالمنصب.

اقرأ أيضاً: قمة "سعودية أميركية يمنية" بالرياض لبحث التطورات اليمنية

وكان كيري قد عقد أيضاً اجتماعاً مع ولي العهد السعودي وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف مساء الأربعاء، بحث خلاله تطورات الأحداث وخصوصاً في اليمن، إضافة إلى تعزيز التعاون في جميع المجالات بين البلدين. وحضر اللقاء والمباحثات من الجانب السعودي ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية عادل الجبير.

واستبق كيري وصوله إلى الرياض بإلقاء تصريحات في جيبوتي مهّدت الطريق لفهم مهمته، إذ أعرب في مؤتمر صحافي عن قلق الولايات المتحدة من الوضع الإنساني المتردي باليمن، مشيراً إلى أن مباحثاته في السعودية مع المسؤولين السعوديين واليمنيين تهدف إلى بحث "طبيعة الهدنة وكيفية تطبيقها".

وتأتي مباحثات كيري في السعودية التي من المقرر أن يتوجه بعدها إلى باريس لاستكمال بحث الأزمة اليمنية مع المسؤولين الفرنسيين، قبيل قمة أميركية خليجية تستضيفها واشنطن قبل منتصف الشهر الحالي لمناقشة سبل تعزيز الشراكة بين الطرفين وتعميق التعاون الأمني. وتوقّعت مصادر متعددة في واشنطن أن تسفر القمة عن توسيع اتفاقات الحماية الأمنية والشراكات الدفاعية بين الولايات المتحدة ودول الخليج، وأن تتعهد الولايات المتحدة بحماية الأراضي السعودية من أي غزو خارجي قد يقوم به وكلاء إيران في المنطقة، وهو يُقصد به حالياً الحوثيون والقبائل الموالية لهم في اليمن.

وقد تضمنت الأنباء الواردة من جنوب السعودية خلال اليومين الماضين بالفعل إشارات أثارت الفزع في واشنطن عن اختراق مقاتلين حوثيين للحدود السعودية وإلقاء القذائف على مدينة نجران الجنوبية. ويأتي هذا التطور بينما تحاول القيادة الشرعية لليمن اقناع المجتمع الدولي بشن حرب برية لمواجهة قوات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.

وفي هذا السياق، كشف المتحدث باسم السفارة اليمنية في واشنطن، محمد الباشا لـ"العربي الجديد"، أن الطلب اليمني بتدخّل بري دولي ورد في رسالة رسمية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الأربعاء، سلّمها مندوب اليمن الدائم لدى المنظمة الدولية خالد اليماني.

غير أن دبلوماسيين لدى البعثة اليمنية في نيويورك أبلغوا "العربي الجديد" أن المجتمع الدولي غير متحمس لتصعيد المواجهات الحربية، بل لإيجاد حلول تقلل من حجم الكوارث الإنسانية الدائرة في جنوب الجزيرة العربية من نجران إلى عدن. وكشف الدبلوماسيون اليمنيون أن رسالة اليماني تضمنت كذلك طلباً آخر باسم الحكومة اليمنية بإحالة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وكبار أنصاره مع قيادات الحركة الحوثية إلى العدالة الدولية. وتوقّعت المصادر الدبلوماسية أن يلقى هذا الطلب تجاوباً دولياً كونه يوفر الغطاء القانوني لمثل هذا التحرك.

وهذه هي المرة الأولى التي يقدّم فيها مثل هذا الطلب باسم اليمن منذ اندلاع الثورة اليمنية عام 2011، إذ أن ممثلي اليمن السابقين لدى المنظمة الدولية كانوا معينين من قبل صالح وأبقاهم هادي في مناصبهم خلال سنوات الأزمة إلى أن تم تعيين خالد بحاح ممثلاً لليمن لفترة وجيزة قبل أن يتم اختياره رئيساً للوزراء، وخلفه في الموقع السفير خالد اليماني.

اقرأ أيضاً: اليمن يطالب الأمم المتحدة بتدخل بري.. وكيري في الرياض

المساهمون