مستوطنو الضفة الغربية أكثر الإسرائيليين شعوراً بالأمن

11 مايو 2015
اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين لا تتوقف (الأناضول)
+ الخط -
شكلت نتائج الاستطلاع الذي أجرته وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية، بالتعاون مع "مكتب في تل أبيب"، ونشرت نتائجه يوم الإثنين الماضي، حول مستوى الشعور بالأمن الشخصي لدى المستوطنين في المناطق المختلفة، مفاجأة بكل المقاييس.
فقد دلّت النتائج على أن المستوطنين المقيمين في مستوطنات الضفة الغربية هم تحديداً الأكثر شعوراً بالأمن مقارنةً مع المستوطنين في المناطق والمدن الإسرائيلية. وحسب النتائج، فإن 81 في المائة من المستوطنين في الضفة الغربية يشعرون بأنهم "آمنون تماماً".
بدت هذه النتائج مفاجئة، لأنه يفترض أن تواجد هؤلاء المستوطنين في محيط المدن والبلدات ومخيمات اللاجئين الفلسطينية يمثل بحد ذاته مصدراً من مصادر الخطر عليهم.
بسبب المخاطر الأمنية المفترضة على القاطنين في مستوطنات الضفة، فقد منحت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ميزات اقتصادية لليهود الذين يقيمون فيها من أجل تشجيعهم على ذلك. فمعظم المستوطنات في الضفة الغربية تعد من مناطق "الأفضلية أ"، التي يحظى قاطنوها بتسهيلات على صعيد قروض السكن وفرص العمل والإعفاءات الضريبية وسلّة الخدمات الحكومية المختلفة.

من الواضح أن هناك علاقة مباشرة بين تحسن مستويات الشعور بالأمن الشخصي لدى المستوطنين إلى هذا الحد وبين التعاون الذي تبديه الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية مع جيش الاحتلال في مواجهة المقاومة الفلسطينية، والذي قلّص إلى حد كبير من قدرة حركات المقاومة على تنفيذ عمليات تهدد المستوطنين.

اقرأ أيضاً: توسع إسرائيلي في العدوان على الملكيات الخاصة بالضفة الغربية 

إن ما يدل على دور تعاون الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في تحسين البيئة الأمنية للمستوطنين حقيقة أنه خلال الأعوام الماضية لم يتمكن المقاومون الفلسطينيون من تنفيذ عمليات كبيرة ضد المستوطنين في الضفة الغربية، في حين حدث عدد كبير من العمليات نسبياً ضد الفلسطينيين في منطقة القدس المحتلة، إذ لا تواجد للأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في هذه المنطقة. ولم يتردد حتى قادة المستوطنين في الإقرار بدور الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في تحسين البيئة الأمنية للمستوطنات.
فقد أبلغ وزير الأمن الإسرائيلي السابق، إيهود باراك، "مؤتمر الأمن القومي"، الذي نظمه "مركز هيرتسليا" في العام 2013، أن قادة المستوطنين أكدوا له أنهم يقرّون بدور الأجهزة الأمنية التابعة في السلطة في تقليص عدد العمليات التي تستهدفهم بشكل جذري.
ويستدل من معطيات "مكتب الإحصاء المركزي" أن النتيجة الرئيسية لتحسن الأوضاع الأمنية هي تشجيع المزيد من اليهود على الإقامة في مستوطنات الضفة الغربية لدوافع اقتصادية وللبحث عن جودة حياة أفضل. فقد تبين أنه، خلال الأعوام الخمسة الماضية، طرأت زيادة واضحة على عدد اليهود، وخصوصاً الأزواج الشابة الذين يتركون العيش في الأطراف الشمالية والجنوبية لإسرائيل والانتقال للإقامة في مستوطنات الضفة للتمتع بقائمة المزايا الاقتصادية التي تمنحها الحكومة للمستوطنين. ولا تقتصر تداعيات تحسن مستوى الشعور بالأمن الشخصي في مستوطنات الضفة على زيادة عدد اليهود الراغبين في الإقامة فيها، بل إن هذا التطور أسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية لهذه المستوطنات. ووفقاً لتحقيق نشره موقع "وللا" الإخباري أخيراً، فإن تحسن الأوضاع الأمنية جعل المستوطنات تحوز على نسبة كبيرة من عوائد السياحة الداخلية الإسرائيلية. وحسب التحقيق، فإن يهوداً كثراً في إسرائيل اكتشفوا أنه لا حاجة لدفع آلاف الدولارات من أجل قضاء الإجازة الصيفية في الخارج، حيث بالإمكان دفع مبلغ زهيد نسبياً مقابل التمتع بمظاهر الريف الخلابة في أرجاء الضفة الغربية.
وتتعارض هذه المعطيات مع تشديد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على أن التعاون الأمني يمثل "مصلحة وطنية فلسطينية من الطراز الأول".
من الواضح أن التعاون الأمني يسهم تحديداً في إسدال الستار على أية إمكانية لتطبيق لإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية، لأنه يشجع فقط مزيداً من اليهود على المجيء للاستيطان في الضفة الغربية.
في الوقت نفسه، فإن تعاظم مستويات الشعور بالأمن الشخصي لدى المستوطنين يقابله تهاوي مستويات الشعور بالأمن الشخصي لدى الفلسطينيين في الضفة الغربية الذين يتعرضون للتنكيل من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين. ومن المفارقة، أن تعاون السلطة الأمني مع إسرائيل يتواصل في الوقت الذي تعلو فيه أصوات داخل إسرائيل تندد بتراخي الحكومة الإسرائيلية في مواجهة التنظيمات اليهودية الإرهابية التي تستهدف الفلسطينيين.
يذكر أن منظمات حقوقية إسرائيلية انتقدت بشدة عدم تعاطي الشرطة الإسرائيلية بجدية مع الشكاوى التي يقدمها الفلسطينيون ضد اعتداءات المستوطنين.

اقرأ أيضاً: الاحتلال يزيد "استثماره" الاستخباراتي