فشل الزجّ بقبائل سيناء: إخفاق وخطورة استيراد تجربة الصحوات

11 مايو 2015
أصحاب فكرة مواجهة التنظيم ليسوا مقيمين في سيناء (Getty)
+ الخط -

لم تتوقف محاولات السلطات المصرية الاستعانة بقبائل سيناء في الحرب مع تنظيم "ولاية سيناء" الذي نفذ في آخر ستة أشهر نحو 72 إلى 76 عملية ضد الجيش والشرطة.

وبدا للبعض من "المتعاونين" مع الجيش في سيناء، أنّ أحد أهم مداخل حل الأزمة، تكمن بمساعدة القبائل في الحرب على التنظيم المسلح، كأحد أشكال العمليات على المسلحين، ولكن من دون جدوى حتى الآن، وهو ما يعد إخفاقاً جديداً للجيش.

على الرغم من محاولات بعض الشخصيات المحسوبة على أبرز قبائل سيناء خلق حالة اصطفاف قبلي لمواجهة "ولاية سيناء"، إلّا أنّ الدعوات الهادفة إلى مواجهة القبائل للتنظم المسلح لم يكن لها صدى داخل سيناء، وتحديداً في الشيخ زويد ورفح. وتعزو مصادر قبلية في سيناء سبب عدم استجابة أي من القبائل لدعوات مواجهة التنظيم، إلى عدم جدية هذه الدعوات، فضلاً عن أن أصحاب فكرة مواجهة التنظيم المسلح ليسوا مقيمين في سيناء.

وتقول المصادر لـ"العربي الجديد"، إن "إبراهيم العرجاني وغيره من الداعين لمواجهات واسعة في سيناء ضد التنظيم، لا يدركون حقيقة ما يحدث على أرض الواقع في سيناء، من قتل الأبرياء واعتقالات عشوائية وهدم المنازل على أيدي أجهزة الدولة".

اقرأ أيضاً: شائعات لاستمالة القبائل في حرب سيناء
اقرأ أيضاً: خارطة الدم والثأر في سيناء: قصة القبائل والترانسفير و"الجهادية"

وتضيف المصادر أن "القبائل لم تحرك ساكناً ولم ترد على دعوات مواجهة التنظيم، نظراً لرفضها لذلك، لكنّها لا تريد التصريح بعكس ذلك حتى لا يحسب عليها، وتكون مستهدفة من الجيش".

وتحدّت المصادر مَن يطالب بمواجهة مسلحة مع "ولاية سيناء"، أن يتوجه إلى الشيخ زويد ورفح لحمل السلاح في مواجهة التنظيم أولاً. وتشير إلى أن العرجاني وغيره، معروفون بتعاملهم مع الجيش والأجهزة الأمنية باستمرار منذ فترات طويلة، ما أثار علامات استفهام داخل سيناء، وهم غير مرحب بهم. وكان تنظيم "ولاية سيناء" قد فجّر منزل العرجاني في سيناء، قبل أيام، ولم يكن بداخله، بتهمة "تعاونه" مع الجيش المصري.

وكان ائتلاف القبائل العربية قد أعلن عن مكافأة قدرها مليون جنيه لمن يقتل شادي المنيعي، أحد قيادات "ولاية سيناء". وشهدت سيناء على مدار الأسبوع الماضي، حالة من الترقب، على خلفية الحديث عن مواجهات بين القبائل وتنظيم "ولاية سيناء". وسرت شائعات مصدرها أوساط مقربة من الجيش، حول مداهمة أبناء قبيلة الترابين، إحدى أكبر القبائل في محافظة شمال سيناء، معاقل "ولاية سيناء"، بهدف القضاء عليه، بعد قتْل أحد أبناء تلك القبيلة بتهمة "التعاون مع الجيش". ولكن سرعان ما ظهرت مؤشرات تفيد بعدم دقة كلام المصادر المقربة من الجيش.

واعتبرت مصادر على صلة وثيقة بـ"ولاية سيناء"، أنّ ما أثير حول مواجهات بين الولاية والقبائل أو على الأقل الترابين، في الأيام الماضية، أنباء عارية عن الصحة.

اقرأ أيضاً: مقتل شرطيين مصريين في سيناء برصاص مسلحين

ويعيد ذلك إلى الأذهان ما حدث عقب الهجوم المسلح على كمين كرم القواديس، بمحافظة شمال سيناء، منذ حوالي شهرين، بإعلان مجموعة من الأشخاص، تأسيس حركة مسلحة أطلقت عليها اسم "أبناء سيناء"، لمواجهة الإرهاب ودعماً للجيش المصري. وبثّت الجماعة الجديدة حينها، مقطعاً مصوراً على شبكة الإنترنت، أكّدت خلاله مواجهة إرهاب جماعة أنصار بيت المقدس، المتمركزة في سيناء.

وقالت الحركة: "على أثر أحداث القتل الأخيرة التي تمت في المنطقة ظلماً بحق الأبرياء، قررنا عدم الوقوف مكتوفي الأيدي والتصدي لهذه الأعمال الإجرامية، وعزمنا على تأسيس حركة جديدة تحت مسمى حركة "أبناء سيناء" التي ستواجه هذه الظواهر".

لم يصدر موقف رسمي حينها من النظام الحالي، ممثلاً في الحكومة أو وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع، حول الموقف من هذه الحركة. ومع مرور الوقت، قطع الشك بيقين أن هذه "الجماعة" لا وجود لها، اختفت، وتوقّف الحديث عنها، ما يلفت إلى أنّها ربما كانت إحدى الوسائل التي حاولت أجهزة أمنية وضعها كبالون اختبار، ربما لتشجيع فكرة استمالة أبناء سيناء إلى جانب الدولة في مواجهة التنظيمات المسلحة.

ويحذّر خبراء وسياسيون من خطورة إنشاء مجموعات مسلحة تقاتل بعضها البعض، كون ذلك من شأنه شرعنة منطق الجماعات المسلحة على طريقة "الصحوات" التي قد تنقلب لاحقاً، وتزيد المشكلة الأمنية عوضاً عن أن تكون حلاً لها، وهذا ما حصل ولا يزال يحصل في عدد من المناطق العربية وغير العربية.

اقرأ أيضاً: حظر التجوال يغلق 400 نشاط تجاري بسيناء

في هذا السياق، يقول الخبير العسكري، اللواء عادل سليمان، لـ"العربي الجديد"، "إن تأسيس هذه الحركة، وإن حدث، فهو غير شرعي، ولا بد من الوقوف أمامها وضبط أعضائها، حتى لا تتحول إلى ظاهرة في سيناء".

ويحذر سليمان من انتهاج القوة وحمل السلاح خارج الدولة، لأنّه يمثل خطراً شديداً على المجتمع والمدنيين بشكل عام. يضيف: "لا بد من قيام الحكومة وأجهزة الأمن بضبط هذه المجموعة ومعرفة مصدر حصولها على السلاح بطريقة شرعية أم غير شرعية".

ويتابع: "مثل تلك المجموعات يزيد تعقيد المشهد السيناوي إلى حد كبير خلال الفترة المقبلة، إذا لم يتم وقف العمل المسلح خارج إطار الدولة".

من جانبه، يعتبر باحث في الحركات الإسلامية، أنّ مثل هذه المحاولات، سواء زعم البعض وجودها، واخترع لها أسماء، مثل "أبناء سيناء"، أو القبائل، أو غيرها، لن تتمكن من محاصرة تنظيم "ولاية سيناء"، نظراً للخبرات التي بات عليها التنظيم، فضلاً عن عدم امتلاك الحركة الجديدة خبرات قتالية.

ويقول الباحث، (طلب عدم ذكر اسمه)، لـ"العربي الجديد": "يمكن لأي شخص حمل سلاح، لكن لا يمكنه قيادة مجموعة لحرب العصابات". ويضيف: "حركة "أبناء سيناء" أوضحت أنّها تعرف قيادات وأفراداً بـ"جماعة بيت المقدس"، وهو الاسم السابق للتنظيم، فكان من باب أولى الإدلاء بهذه المعلومات للأجهزة الأمنية"، متسائلاً: "هل النظام المصري الحالي يسمح بتأسيس مليشيات مسلحة لحمايته ومواجهة أعدائه"؟

من جانبه، يشكّك القيادي بتحالف دعم الشرعية، هشام كمال، في حقيقة وجود حركة أبناء سيناء المسلحة، لمواجهة ما اعتبرته "الإرهاب".

ويقول إن "حركة "أبناء سيناء" مجرد فرع تابع للأجهزة الأمنية، وهي لعبة ليست بجديدة في السماح لمليشيات مسلحة بالظهور والقيام بعمليات بعيداً عن أجهزة الأمن من أجل رفع المسؤولية عن تلك الأجهزة. ويحمّل كمال النظام الحالي مسؤولية الأوضاع المتردية في سيناء، مشدداً على ضرورة إيجاد حل بعيد عن الحلول الأمنية، حتى يتم الانتهاء من مشكلات سيناء كافة.

وترصد "العربي الجديد" تزايد عمليات التنظيم على مدار نحو ستة أشهر منذ إعلان مبايعة تنظيم "الدولة الإسلامية"، إذ بلغ إجمالي العمليات نحو 72 إلى 76، بحسب ما أعلنه التنظيم في بياناته. وأسفرت عمليات التنظيم عن عشرات القتلى والجرحى، على مدار الستة أشهر الماضية، إضافة إلى خسائر مالية فادحة للجيش.

اقرأ أيضاً: متى يصل الحزم إلى سيناء؟

المساهمون