هكذا عانق أسير مقدسي والدته المُقعَدة داخل محكمة إسرائيلية

29 ابريل 2015
عناق حار بين الأسير ناصر عبدربه ووالدته
+ الخط -

كأن الحياة دبت في أوصالها من جديد. نهضت من كرسيها وهي المُقعَدة قبل ذلك، لا تقوى على الحراك حين اقتربت من نجلها الأسير المحرر ناصر عبدربه من بلدة صور باهر جنوب القدس المحتلة، لتمسك بيديه لا تريد إفلاتهما، فيما الابن في قاعة المحكمة يدنو من يديها يقبلهما لا يريد منهما فكاكا أيضاً.

حدث كل ذلك في قاعة المحكمة العليا الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، التي غصت بجمهور من الفلسطينيين ضم أهالي سبعة من الأسرى المقدسيين المحررين في صفقة "وفاء الأحرار"، والذين أعاد الاحتلال اعتقالهم بداعي خرقهم شروط الإفراج عنهم.


كان ناصر من بين هؤلاء السبعة، لم يعر قضاة المحكمة اهتماما، ولم يلتفت إليهم. كانت نظراته تحدق في والدته التي جاوزت السبعين من عمرها، وقد حضرت إلى قاعة المحكمة على كرسي متحرك لتشهد جلسة المحكمة التي خصصت للنظر في اعتقال نجلها ناصر وستة آخرين من كبار الأسرى المحررين.

والدة ناصر، كما يروي أمجد أبوعصب رئيس لجنة أهالي أسرى القدس والذي حضر جلسة المحكمة، لم تعر هي الأخرى أدنى اهتمام للعساكر والقضاة في المحكمة. كان قلبها يخفق نحو ولدها ناصر، الذي اعتاد ولشهور بعد إطلاق سراحه أن يغفو في حضن والدته رغم تقدمه في السن.

اقرأ أيضا: الاحتلال يعيد الحكم السابق لأسيرة من "وفاء الأحرار"

وبين لحظة الاشتياق لتلامس يده راحة أمه، طلب ناصر قوس، مدير نادي الأسير في القدس، من رئيس حراس الأمن في المحكمة أن يسمح للأم بمصافحة نجلها نظرا لكبر سنها، وحالتها الصحية. ولما كان الإعلام حاضرا لم يفوت مسؤول الأمن في المحكمة الفرصة ليظهر على غير ما تعامل سلطات الاحتلال أسراها من الفلسطينيين، فكان رده بالإيجاب.

كان كل من تواجد في المحكمة يريد أن يساعد والدة ناصر لتقترب من نجلها، وحين دنت منه، وقفت على قدميها المتعبتين، فأمسك ناصر بيديها وشرع بتقبيلهما.


يقول أبوعصب "كانت لحظات مؤثرة لنا جميعا، فاغرورقت عيون البعض منا، بينما لم تخف أم ناصر سعادتها وهي تلامس يدي نجلها الذي غادر حضنها قبل شهور ليعاد اعتقاله". وأضاف "لم تكن تريد العودة إلى كرسيها، وظلت وقتا من الزمن تمسك بيدي نجلها قبل أن يطلب منها الحراس الابتعاد، ويستوي ناصر تخالط دمعته بسمته في مقعده".

والدة ناصر التي لم يتسن الحديث معها حين اتصلنا بها هاتفيا، كان اليوم بالنسبة إليها مشهودا، حيث لم تفقد الأمل بتحرر ناصر ورفاقه ثانية من الأسر، كما يقول ناصر قوس رئيس نادي الأسير، والذي ظل إلى جوارها حتى رفعت جلسة المحكمة، لكنها كانت طيلة الوقت تعبر عن رضاها على ولدها وتدعو له ولرفاقه بالحرية.

بدوره، لم يخف قوس وكذلك أبوعصب تفاؤلهما مما انتهت إليه جلسة المحكمة العليا، والتي لم تقتنع برواية النيابة العامة بخصوص إعادة اعتقال الأسرى المحررين، وفق ما أكداه لـ"العربي الجديد"، حيث قررت المحكمة أن تنظر في جلسات قادمة في ملف كل أسير على حدة، لتتبين طبيعه الخرق والمخالفة التي ارتكبها، وهل يستحق هذا الخرق إعادته إلى السجن ليمضي ما تبقى من فترة الحكم.

خرج الجميع متفائلين كما يقول أبوعصب، وعلى رأسهم أم ناصر التي عادت إلى بيتها وقد اكتحلت عيناها برؤية نجلها من جديد، لكن الشوق إليه يعود ليغفو في حضنها.

اقرأ أيضا: قراقع يدعو لمقاطعة محاكم الاحتلال رداً على قانونها الجنائي 

المساهمون