الأسد وبوتين يؤزّمان علاقة السعودية والسيسي

01 ابريل 2015
أثناء زيارة بوتين الأخيرة إلى القاهرة (الأناضول)
+ الخط -
كشفت مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد"، عن وجود خلافات وصفتها بـ"العميقة" بين القاهرة من جهة، والرياض من جهة ثانية، في ما يتعلق بالوضع في سورية، موضحة أنّ هذا الملف هو السبب الرئيسي لغياب حماسة المملكة العربية السعودية تجاه مشروع إنشاء قوة عربية مشتركة، الذي اتفقت القمة العربية التي انعقدت في شرم الشيخ قبل أيام على العمل من أجل تحقيقه.

اقرأ أيضاً (أسئلة بشأن القوة العربية المشتركة)

وأضافت المصادر التي فضلت عدم نشر اسمها أنّ "هذه الخلافات تعود في الأساس إلى العلاقة القوية التي تجمع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وهي العلاقة التي أدّت إلى تغيير موقف مصر من الأزمة السورية. وبعدما كانت مصر ترى في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي أن نظام بشار الأسد ليس له مكان في مستقبل سورية، باتت ترى الأسد جزءاً من حل الأزمة، وهو ما ترفضه السعودية تماماً"، بحسب المصدر نفسه.

وظهر هذا الخلاف المصري السعودي حيال روسيا وسورية خصوصاً في مداخلة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، اعتراضاً على خطاب وجّهه بوتين إلى القمة، إذ اتهم موسكو بأنّها تدعم الأسد بالسلاح والمال لاستمرار معاناة الشعب السوري.

وأوضحت المصادر المصرية نفسها أنّ السيسي حاول مراراً تنحية الملف السوري جانباً من خلال التواصل بينه وبين القيادة السعودية، إلّا أنه كان يصطدم دائماً برفض السعودية لمواقف القاهرة تجاه بشار الأسد واستضافتها اجتماعاً لقوى المعارضة السورية على أرضية تسمح باستمرار الأسد في المشهد السياسي.

واتخذ السيسي هذا الموقف من سورية اتساقاً مع مواقفه من جماعة "الإخوان المسلمين"، التي يحاربها في مصر ويعتبرها جماعة إرهابية. كما أنّه اضطر لمجاراة روسيا والتطابق مع مواقفها انطلاقاً من قاعدة تنويع العلاقات المصرية الدولية، خصوصاً في ظل توتر العلاقة مع واشنطن، والذي كان سائداً منذ إطاحة نظام "الإخوان" وحتى وقت قريب.

وفي وقت زار فيه السيسي موسكو مرتين منذ 30 يونيو/ حزيران 2013؛ إحداهما كوزير للدفاع والثانية كرئيس للجمهورية، واستقبل بوتين مرّة في القاهرة، لم توجه له الدعوة لزيارة واشنطن حتى الآن من نظيره الأميركي، باراك أوباما، إذ تلقى دعوة شفهية فقط من أعضاء في الكونجرس الأميركي. كما أنّه لم يدعُ أوباما إلى زيارة مصر حتى الآن.

ودفعت هذه الاعتبارات المتشابكة لمصر، السعوديةَ، بحسب مصادر "العربي الجديد"، إلى إيصال رسائل سياسية إلى السيسي ووزير خارجيته سامح شكري، أكثر من مرّة، مفادها بأنّ "مشكلة النظام الحالي مع (الإخوان) يجب ألّا تبقى المحرك الرئيسي للقاهرة في كل الملفات الدولية". وتطالب هذه الرسائل السيسي باتخاذ مواقف سياسية أكثر مرونة على الصعيد الإقليمي.

مع ذلك لا تبدو هذه الخلافات مؤثرة بشكل جذري على العلاقة بين مصر والسعودية، في إطار الرؤية السعودية للمنطقة من منظور أوسع من الأزمة بين السيسي و"الإخوان"؛ إذ إن الرياض لها مصالح استراتيجية في مصر، وانضمام الأخيرة إلى تحالف ضرب الحوثيين في اليمن كان ضرورياً من الناحيتين السياسية والاستراتيجية، كما أنّ وجود مصر كقوة يمكنها التصدّي لتوسع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سورية والعراق وسيناء وليبيا يزيد من أهميتها في ظل الوضع العربي الحالي.

وعمّا إذا كانت مشاركة مصر في الحملة على الحوثيين قد تتأثر في هذه الخلافات المتوارية خلف ستار المساعدات والاستثمارات والابتسامات والترحيبات الحارة، تقول المصادر لـ"العربي الجديد" إن "الدولتين بلا شك في حاجة إلى بعضهما، والوضع في اليمن ليس حيوياً بالنسبة للسعودية فقط، بل بالنسبة لمصر أيضاً لحساسية الموقف بالنسبة إلى قناة السويس، لكن إذا استمر الوضع في اليمن كما هو الآن، فإن مصر لن تغامر بتدخّل أعمق سواء من الناحية السياسية أو العسكرية".
المساهمون