عودة الانشقاقات إلى الجيش السوري

22 مارس 2015
تساعد المعارضة العناصر على الانشقاق لاستنزاف النظام(لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
عادت انشقاقات عناصر وضباط عن قوات النظام السوري إلى واجهة المشهد السوري في الشهرين الأخيرين، بعد أكثر من عام عن غياب هذه الظاهرة عن تطورات الأحداث في سورية. وجاءت عودة الانشقاقات مع بدء قوات النظام نهاية العام الماضي، باعتقال الشبان على الحواجز العسكرية والأمنية في مناطق سيطرتها؛ من أجل جرّهم إلى الخدمة في الجيش السوري كمجندين احتياط؛ إثر الاستنزاف البشري الكبير الذي تعرضت له قوات النظام، مع طول أمد المواجهة العسكرية مع قوات المعارضة في جبهات القتال شمال وجنوب ووسط سورية.
وأصبحت حوادث الانشقاق في جبهات القتال في الشمال السوري شبه يومية منذ مطلع شهر فبراير/شباط الماضي، إذ انشق العشرات من الجنود على جبهات القتال في المنطقة الحرة وبلدة حندرات وجبهة الملاح خلال الشهر الماضي. كما انشق آخرون على جبهات القتال في أحياء مدينة حلب القديمة، وفي حي الأشرفية وحي الخالدية وحي الشيخ مقصود شمال مدينة حلب. وأمّنت جبهة النصرة نهاية الشهر الماضي انشقاق مجموعة من عناصر قوات النظام في منطقة الريهجان في ريف حماة الشرقي، وفي مطار أبو الظهور العسكري الواقع تحت حصار كامل من قوات المعارضة السورية في ريف إدلب الشرقي.
وباتت فصائل المعارضة تسعى في الفترة الأخيرة إلى تأمين انشقاق أكبر عدد ممكن من عناصر النظام، لتعيد فتح باب استنزاف قواته.
ونجح فيلق الشام، أحد أكبر تشكيلات المعارضة في ريف حلب، في تأمين انشقاق سبعة عناصر من قوات النظام دفعة واحدة على جبهة القتال قرب سجن حلب المركزي شمال حلب، بعد منتصف الشهر الماضي. كما تمكن لواء شهداء بدر التابع للجيش الحر من تسهيل انشقاق أكثر من عشر عناصر من قوات النظام على جبهات القتال في حي الأشرفية شمال حلب في الشهر الأخير. وأمنت قوات الجبهة الشامية، أكبر تشكيلات المعارضة في حلب، انشقاق عدد من عناصر النظام على دفعات خلال الأسبوعين الأخيرين على جبهات القتال، في مناطق السبع بحرات والجديدة وساحة الحطب وسط مدينة حلب.

اقرأ أيضاً: رستم غزالة يخشى أن يتمّ "انتحارَه"

وحول آلية تأمين الانشقاق من قبل قوات المعارضة، يوضح الملازم مهند العمر، الذي يقود مجموعة من قوات الجبهة الشامية شمال مدينة حلب، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن المعارضة تقوم بالتنسيق مع العناصر الراغبين بالانشقاق عن قوات النظام؛ عن طريق أقارب لهؤلاء العناصر يقومون بالاتصال بقوات المعارضة؛ طالبين منها المساعدة في تأمين انشقاق أقاربهم، لتقوم قوات المعارضة بالاتصال بالعناصر الراغبين بالانشقاق، والاتفاق معهم على تفاصيل عملية تهريبهم إلى مناطق سيطرة المعارضة. ويحدث ذلك في ظل وجود أقارب الأفراد الراغبين بالانشقاق، لضمان عدم الغدر بقوات المعارضة التي ستتقدم لحمايتهم وتأمين انشقاقهم.
ويؤكد العمر أن عناصر قوات النظام المنشقين يعاملون معاملة جيدة، ولا يتم التحقيق معهم، ولا الضغط عليهم؛ ذلك أنهم عرضوا حياتهم للخطر في سبيل ترك النظام، إلا أنه يستدرك موضحاً أن المعارضة تقوم باستجواب عناصر النظام المنشقين؛ للحصول منهم على المعلومات العسكرية التي تفيد المعارضة في مواجهتها ضد النظام.
الرقيب مهند الياسري، هو أحد الذين انشقوا منذ أيام قليلة عن قوات النظام التي تقاتل في بلدة حندرات شمالي حلب، يؤكد لـ "العربي الجديد" أن معظم عناصر النظام الموجودين على جبهات القتال شمال حلب ليس لديهم قناعة بما يقومون به، ولن يتوانوا عن الانشقاق فيما لو سنحت لهم الفرصة، وخصوصاً مع ضغط المعارضة الشديد على جبهات القتال هناك، وإيقاعها خسائر بشرية يومية في صفوف النظام.
وأوضح الياسري أن انشقاق عناصر النظام، والتحاقهم بالمعارضة يبقى ظاهرة محدودة أمام حالات الفرار اليومية التي تعاني منها قوات النظام في حلب، إذ يعمد الكثير من عناصر النظام إلى الفرار من جبهات القتال، للاختباء في بيوت أقارب لهم في مناطق سيطرة النظام، قبل أن يتم تهريبهم إلى مناطق سيطرة المعارضة. لكن عملية التهريب نحو مناطق المعارضة تتميز بخطورة عالية، حيث تنتشر عشرات الحواجز الأمنية والعسكرية التابعة لقوات النظام على الطريق الذي يصل مناطق سيطرتها بمناطق سيطرة المعارضة السورية، لكنّ العناصر الفارين من الخدمة في صفوف قوات النظام مضطرون لتحمل هذه المخاطرة؛ خوفاً من إمساك قوات النظام بهم، في حال بقائهم في مناطق سيطرتها، وبالتالي تحويلهم إلى الفروع الأمنية وتعريضهم لتعذيب شديد.
وقد عادت ظاهرة الانشقاق عن قوات النظام والفرار من الخدمة في صفوفها في الشهرين الأخيرين، بعد بدء قوات النظام المنتشرة في مناطق سيطرة النظام في حلب باعتقال الشبان الذين سرحوا من الجيش السوري في السنوات الماضية، قبل أن ترسلهم إلى دورات تدريبية عسكرية سريعة، لا تزيد مدتها على الشهر الواحد تقام في مدرسة المدفعية في حي الراموسة أو في أكاديمية الأسد العسكرية في حي الحمدانية جنوب غرب مدينة حلب، ليتم زجهم بعدها على جبهات القتال شمال وشرق مدينة حلب.
الخبرة العسكرية لعناصر الاحتياط الذين زجهم النظام السوري بالمئات على جبهات القتال شمال حلب تكاد تكون معدومة، نظراً لتدريبهم في الجيش أثناء خدمتهم الإلزامية على العمليات العسكرية التي تخوضها الجيوش النظامية في الحروب، في ظل أخذ الحرب في سورية شكل حرب العصابات التي تتميز باشتباكات الشوارع، والمواجهات القريبة داخل الأبنية وعمليات التفخيخ واستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وغيرها من المهارات العسكرية التي لا يتقنها مجندو الاحتياط. وهو الأمر الذي يضعهم في رعب دائم من اقتحام قوات المعارضة نقاط تمركزهم في أي لحظة، ما يدفعهم للتفكير بشكل دائم بالفرار أو الانشقاق عن قوات النظام، والالتحاق بقوات المعارضة التي تمنحهم خيارين، حيث يمكن لهم الالتحاق بصفوفها؛ كما يمكن أن تقوم بإيصالهم إلى عائلاتهم في حال رغبوا في ذلك.
كما أن ضعف ولاء مجندي الاحتياط الناتج عن سحبهم قسراً للقتال، على عكس المتطوعين في قوات النظام ومليشيا الدفاع الوطني المعروفة بين السكان باسم "الشبيحة"، يدفعهم أيضاً إلى السعي للفرار أو الانشقاق عن قوات النظام.

اقرأ أيضاً: النظام السوري يحاول مواجهة معركة إدلب من حلب والساحل 
دلالات