"هيومان رايتس ووتش": ممارسات القاهرة تخدم "داعش"

06 فبراير 2015
حمّل التقرير نوري المالكي مسؤولية "الحرب الطائفية" (الأناضول)
+ الخط -
حمّلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، السلطات المصرية وممارساتها، مسؤولية غير مباشرة في دفع الشباب المصري للالتحاق بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وطالبت بإعادة النظر في حرب التحالف الدولي على هذا التنظيم. وحملت المنظمة، في تقرير أطلقته من الدوحة، أمس الخميس، على الصمت الدولي تجاه "جرائم الحكم في سورية"، ونسبت مسؤولية ما سمته "حرباً طائفية في العراق" إلى سياسات رئيس الحكومة السابق، نوري المالكي.

وعلى صعيد آخر، طالب التقرير السلطات القطرية بتنفيذ إصلاحات لحماية العمال الوافدين من "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان"، مرحباً بالإصلاحات القطرية المقترحة في عام 2014.
وانتقدت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، سارة ليا ويتسن، سلوك الحكومات الغربية وسكوتها على ممارسات النظام في مصر، وقالت، في مؤتمر صحافي عقدته في الدوحة لإطلاق تقريرها العالمي 2015، عن الشرق الأوسط، إن "ممارسات النظام المصري ضد المصريين تدفع الشباب إلى الالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية، وسياساته الخاصة بغلق المجال أمام المنتمين إلى تيار الإسلام السياسي توجه رسالة كارثية، شبيهة بما تروّجه منظمات متشددة بينها (داعش) وتنظيم القاعدة، مفادها أن العنف هو الحل".


ولفتت ويتسن الى "أن الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية لم تنجح، حتى الآن، وعلى التحالف الدولي المشارك في تلك الحرب إعادة النظر فيها، لأنها تتسبب في انتهاكات ضد المدنيين". وقالت ليا ويتسن، عقب إطلاق التقرير، إن "حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، مسؤولة عن الحرب الطائفية هناك، والمليشيات الشيعية المدعومة من الحكومة متهمة بارتكاب جرائم ضد العراقيين السُنّة". وأضافت أن حكومة رئيس الوزراء العراقي الحالي، حيدر العبادي، لم تنجح في أداء مهمتها، ومستمرة في استخدام المليشيات الشيعية المسلحة التي تقوم بأعمال قتل وإبادة للمدنيين السنة". وانتقد تقرير المنظمة "صمت المجتمع الدولي على جرائم النظام ضد الشعب السوري"، بحسب تعبيره.

وقال نيكولاس مكغيهان من "هيومان رايتس ووتش"، والذي شارك في إطلاق التقرير، إن حالات الاختفاء في الإمارات لا تقتصر على المواطنَين القطريَّين، يوسف الملا ومحمد الحمادي، بل هناك عشرات من المواطنين الليبيين والمصريين والفلسطينيين، ممن يشتبه بأن لهم صلات بالإسلام السياسي، قد تعرضوا للاختفاء القسري في الإمارات. وقال إن المنظمة لم تعط رأياً محدداً في قضية المواطن القطري، محمود الجيدة، الذي حكم عليه في الإمارات بالسجن سبع سنوات، لكنها أصدرت بيانات حول مواطنين اختفوا قسريا هناك، وقال إن ذلك يشكل مصدر قلق كبير لدى المنظمة، ويؤشر إلى أن كل شخص في الإمارات يشتبه في أن له وجهة نظر لا تتلاءم مع العائلة الحاكمة هناك، قد يكون معرضاً للاختفاء القسري.

وفي ما يخص حقوق العمال في قطر، قال التقرير إنّ على السلطات القطرية تنفيذ إصلاحات عمّالية لحماية العمال الوافدين من الانتهاكات التي وصفتها بأنها "جسيمة" لحقوق الإنسان. ووصف الإصلاحات المقترحة في 2014 بأنها خطوة تستحق الترحيب، لكنّها تتطلب خطوات أبعد.
وجاء في التقرير أنه، في معرض الرد على ضغوط دولية متصاعدة بشأن الانتهاكات الحقوقية في قطاع صناعة البناء، أعلنت السلطات القطرية نيتها تنفيذ إصلاحات عمالية "في مطلع 2015". وتخلو المقترحات من التفاصيل، لكن، من شأنها إذا تم تنفيذها أن تدخل إصلاحات جزئية على نظام الكفالة القطري، وترفع الغرامات المفروضة على مصادرة جوازات السفر، وتسهل للعمال الحصول على تأشيرات الخروج لمغادرة البلاد. ومع ذلك، لن توفر الإصلاحات المستندة إلى هذه المقترحات، وحدها للعمال الوافدين حماية كافية من الاتجار بالبشر والتشغيل القسري، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، أو تضمن حقهم في مغادرة البلاد، بحسب التقرير.


وقال نيكولاس مكغيهان: "أدركت قطر ضرورة الإصلاح، ووعدت باتخاذ خطوات في الاتجاه الصحيح. وفي وقت يسعى فيه منتقدو قطر إلى تجريدها من حق استضافة كأس العالم 2022، فإن أفضل دفاع متاح لها تبني إصلاحات تشريعية جادة، تنهي نظام الكفالة، وتعاقب أصحاب الأعمال المسيئين، وتضع حداً نهائياً لسداد رسوم الاستقدام من جيوب العمال".

ودعا التقرير السلطات القطرية الى مد تدابير الحماية الخاصة بقانون العمل إلى عمال المنازل وضمان تطبيق تغييرات نظام الكفالة عليهم أيضا. وأعربت "هيومن رايتس ووتش" عن القلق مما اعتبرته إقرار قطر "قوانين من شأنها أن توجه تهديداً إضافياً إلى سمعتها، كمركز لحرية الإعلام في الخليج، وقالت إنها أقرت في سبتمبر/أيلول قانوناً لقمع الجرائم الإلكترونية يتضمن أحكاما غامضة الصياغة، تنص على ملاحقة الأشخاص الذين ينشرون "أخباراً كاذبة بقصد تعريض النظام العام للخطر"، ومعلومات "تنتهك المبادئ أو القيم الاجتماعية".

وتعمل "هيومن رايتس ووتش" في النسخة الخامسة والعشرين من تقريرها العالمي المكون من 644 صفحة على مراجعة الممارسات الحقوقية في أكثر من 90 بلداً. ويدعو المدير التنفيذي، كينيث روث، في مقاله التمهيدي، الحكومات إلى الاعتراف بأن حقوق الإنسان تمثل مرشداً أخلاقياً فعالاً في أزمنة الاضطرابات، ويقول إن انتهاكها قد يشعل فتيل التحديات الأمنية، أو يفاقم منها. فالمكاسب العاجلة الناجمة عن تقويض القيم الأساسية للحرية وعدم التمييز، نادراً ما تعادل ثمنها الآجل.
المساهمون