الجيش اللبناني يتخبط في التجاذبات: عون يخوض معركة صهره

20 فبراير 2015
عون قلق من الإطاحة بصهره في قيادة الجيش (Getty)
+ الخط -
في حين تدعو القوى السياسية اللبنانية إلى التضامن الكامل مع الجيش لخوض المعارك وفتح الجبهات على طول الحدود الشرقية بوجه مجموعات متشددة، تخوض القيادات السياسية نفسها معاركها الشخصية على حساب المؤسسة العسكرية والمناصب الأمنية المختلفة في الدولة. تتمثل آخر هذه الفصول بتمديد وزير الدفاع، سمير مقبل، ولاية الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع، اللواء محمد خير، لستة أشهر قبل بلوغه السنّ القانونية للتقاعد نهاية فبراير/شباط الجاري.

دفعت هذه الخطوة رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون إلى إعلانه سحب الثقة من وزير الدفاع، معترضاً على صيغة التمديد والاحتكام إليه وتجاوزه للقانون العسكري. وبين الأخذ والردّ، وتأكيد مقبل على قانونية قراره، يمرّ تمديد جديد في المؤسسات اللبنانية في ظلّ الأزمة السياسية والشغور الرئاسي المستمرّين منذ ما يقارب العام. 

إقرأ أيضاً: لبنان: تعويذة فرنسية للانتخابات الرئاسية تقلّل حظوظ قائد الجيش
درجت العادة في لبنان، منذ أيام الوصاية السورية (بعد اتفاق الطائف عام 1990) إلى اليوم، على الاحتكام إلى مبدأ التمديد للقادة الأمنيين والرؤساء. انطبق هذا المبدأ على ولاية قائد الجيش الأسبق (ورئيس الجمهورية الأسبق أيضاً) إميل لحود عام 1995. ولولا اتفاق الدوحة (بعد أحداث 7 مايو/أيار 2008) لكان تكرر السيناريو نفسه على قائد الجيش حينها، ميشال سليمان، الذي تمّ ترفيعه إلى منصب رئاسة الجمهورية. استمرت مسيرة التمديد للقيادات الأمنية طوال الأعوام الماضية، وأبرزها التمديد لقائد الجيش جان قهوجي في الأول من أغسطس/آب 2013.
لكن التمديد للواء خير يأتي اليوم حاملاً طعماً آخر لدى النائب عون، لأسباب ميثاقية وسياسية وشخصية. وإذا كان اعتراض عون على مبدأ هذا التمديد مفهوماً من حيث الشكل والأسباب، فإنّ خلف احتجاجه يبرز موقع صهره (زوج ابنته)، قائد فوج المغاوير (فرقة النخبة في الجيش)، العميد شامل روكز. سبق لعون أن فتح ملف المعركة نفسها يوم التمديد لقهوجي في قيادة الجيش قبل عامين، طامحاً في تعيين روكز في هذا المنصب، وخصوصاً أنّ الأخير يبلغ السنّ القانونية في سبتمبر/أيلول المقبل، قبل انتهاء ولاية قهوجي في قيادة الجيش بأيام. بحسب هذا السيناريو، تتعقّد الأمور أكثر ويخرج "الصهر" من المعادلة العسكرية، إلا إذا تم ترفيع رتبته.
وتشير أوساط تكتل التغيير والإصلاح إلى أنّ قراءة عون تنبع من أجواء سفارات غربية تقول إنّ التمديد لقهوجي لولاية جديدة "أمر ضروري في ظل الشغور الرئاسي" المستمر منذ مايو/ايار الماضي. تقول هذه الأجواء إنّ العمل جارٍ، أولاً لعدم السماح بإفراغ المناصب المسيحية، وثانياً لإخراج المؤسسة العسكرية من التجاذبات السياسية والإبقاء عليها كحصن أخير في الدولة اللبنانية مهمّته واضحة وضرورية على المستويين الداخلي والخارجي.
لذا يندفع عون اليوم للضغط على القيادات السياسية والعسكرية من أجل الإسراع في إقرار
"مشروع قانون رفع سن تقاعد الضباط"، الذي لا يزال نائماً في أدراج مجلس الوزراء، بعد أن رفعه وزير الدفاع، سمير مقبل، إلى الأمانة العامّة لمجلس الوزراء بانتظار إقراره وفقاً للآليات الدستورية في لبنان. يرى عون أنّ عدم الاستعجال في تمرير المشروع يضع اسم صهره على المحكّ، في حين أنه عاجز عن الضغط على خصومه من الباب نفسه، إذ أنه غير قادر على عرقلة تعيينات المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وقيادة الدرك أو رئاسة الأركان في الجيش التي تنتهي ولايات شاغليها تباعاً بين مارس/آذار وأغسطس/آب المقبلين.
يشعر عون وتكتله بالتهديد حول مصير روكز، من دون أن يمنع ذلك التهديد القائم من كون قهوجي اسماً جدياً لشغل موقع رئاسة الجمهورية. وفي حين كان عون يطفئ مساء الأربعاء، شمعته الثمانين، تبدو الهدايا السياسية وتعييناتها غير متناسبة مع هذا المناسبة.

أقرأ أيضأ: ميشال عون... حلم الرئاسة الذي لا يموت
المساهمون