صفقة النظام و"داعش" جنوبي دمشق... مصير المدنيين مجهول

26 ديسمبر 2015
الصفقة بين النظام و"داعش" ليست الأولى (يوسف كرواشان/فرانس برس)
+ الخط -

تتضارب الأنباء التي ترد من جنوب دمشق حول بدء انسحاب مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" باتجاه شرق سورية، بعدما تم إبرام صفقة بين "داعش" والنظام تنصّ على إخلاء أحياء دمشق الجنوبية من أي وجود لمقاتلي التنظيم. وبينما يؤكد ناشطون أن حافلات دخلت يوم الخميس منطقة القدم تمهيداً لبدء عملية ترحيل مقاتلي التنظيم، لم يصدر أي بيان من النظام أو التنظيم يشرح ما تم الاتفاق عليه بينهما وآليات تنفيذه. وتأتي الصفقة بعدما كان "داعش" قد ظهر بشكل مفاجئ في جنوب العاصمة في بدايات العام 2014 بزعامة شخص يدعى أبو صياح فرامة، وهو من أبناء حي الحجر الأسود. وسيطر التنظيم منذ ذلك الحين على مناطق في جنوب دمشق، ولا سيما في حي الحجر الأسود ومخيم اليرموك. كما توجد للتنظيم مواقع أخرى في أحياء التضامن والعسالي والقدم.

اقرأ أيضاً: "داعش" ينسحب من جنوب دمشق بعد اتفاق مع النظام

وفي ما يتعلق بتفاصيل الصفقة، يقول الناشط أبو سليم، الموجود في جنوب دمشق، إنها تقضي بخروج عناصر التنظيم من جنوب دمشق على دفعات، على أن يخرج في الدفعة الأولى جرحى التنظيم وعائلات مقاتليه، فيما يخرج في الدفعة الثانية عناصر التنظيم. ووفقاً لأبو سليم، لم تتطرق الصفقة إلى مصير الأحياء التي يسيطر عليها التنظيم، إذ لم يتبيّن بعد ما إذا كان سيتم تسليمها لقوات النظام أو للمدنيين والمعارضة السورية المسلحة.
ويشير أبو سليم إلى أن الصفقة تقضي أيضاً بتسليم أسرى من قوات النظام ومليشيات طائفية، كان "داعش" قد أسرهم في المعارك التي انتهت بسيطرته على مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي. كما تتضمن الصفقة تسليم ضباط برتب عالية تم أسرهم في مطار الطبقة العسكري في الرقة.
بدوره، يؤكد مصدر آخر من داخل مخيم اليرموك، لـ"العربي الجديد"، أنّ حافلات دخلت يوم الخميس إلى المخيم، جنوب دمشق، لترحيل مقاتلي "داعش" وعائلاتهم باتجاه الرقة، شرق سورية، مشيراً إلى أنّ التنظيم طلب مغادرة كل مقاتليه من جنوب دمشق المقدّر عددهم بألفي مقاتل واصطحاب عائلاتهم معهم.
وبحسب المصدر نفسه، فإن منظمة التحرير الفلسطينية كانت الوسيط بين النظام والتنظيم لإبرام الصفقة. ووفقاً للمصدر، تسعى المنظمة لعودة قوات النظام إلى مخيم اليرموك، واصفاً ما يجري بـ"المؤامرة الدنيئة".
كما يلفت المصدر إلى وجود خشية من ارتكاب مجازر انتقامية بحق المدنيين في حال دخول قوات النظام وفصائل مرتبطة بها، فضلاً عن قوات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة) بزعامة أحمد جبريل إلى المخيم. ويحذر من أن القوى الموجودة في المخيم غير قادرة على الصمود والدفاع عنه، ولا سيما أنّ جبهة النصرة الموجودة داخله تمر بحالة عدم توازن بعد مقتل أهم قيادي لها في المخيم أبو عدي عمورة أخيراً.

ويتوقع المصدر اندلاع "معارك طاحنة" بين النظام السوري والفصائل التي بقيت في المخيم بعد خروج "داعش" من الجنوب الدمشقي سيدفع ثمنها من تبقى من مدنيين، إلا إذا تدخلت فصائل "مرحب بها" من قبل أهالي المخيم، على حد وصف المصدر، وشاركت في المعارك. ومن بين هذه الفصائل، يذكر المصدر كلاً من حركة "أحرار الشام" و"لواء الإسلام".

في غضون ذلك، تشير مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد"، إلى أن فصائل عدة كانت تابعة للمعارضة وجدت نفسها مضطرة لمبايعة تنظيم "داعش" ورفع رايته بسبب عدم حصولها على دعم يُساعدها على مجابهة قوات النظام والحصار المطبق الذي فرضته الأخيرة على جنوب دمشق. 
وكان النظام قد فرض حصاراً مطبقاً على أحياء جنوب دمشق بعد خروجها عن سيطرته في العام 2013، وقد تسبب الحصار بمآسٍ إنسانية، لدرجة أن مدنيين أغلبهم أطفال قضوا جراء الجوع وقلّة الرعاية الصحية، ولا سيما في مخيم اليرموك الذي كان يضم نحو مليون مدني (سوريين وفلسطينيين) وسط غياب أي تحرك دولي. واستولى تنظيم "داعش" على المخيم في بداية نيسان/ أبريل الماضي، حيث دارت بعد ذلك معارك شرسة بينه وبين فصائل عدة، فانسحب من بعض أجزائه، وبقي محتفظاً بالقسم الأكبر منه، ولا سيما من الجهة الجنوبية حيث امتداده ومعقله وهو حي الحجر الأسود.


اقرأ أيضاً: خارطة معارك المطارات السورية: منصات النظام للقتل