استراتيجية مغربية بمسارات متعددة لمواجهة "داعش"

03 ديسمبر 2015
تشنّ الأجهزة حملات أمنية استباقية(فضل سنّأ/المغرب)
+ الخط -
تسعى العديد من الدول الأوربية إلى إرساء تعاون أمني واستخباري وثيق مع المغرب بالتزامن حرب داخلية تخوضها الأجهزة الأمنية المغربية ضد المتشددين. وكانت بلدان عدة، مثل فرنسا وإسبانيا، قد أشادت بالجهود التي تقوم بها السلطات الأمنية والاستخبارية المغربية وتقديمها معلومات أمنية ثمينة لمواجهة الجهاديين، فيما طلبت بلدان أخرى مثل بلجيكا إقامة تعاون مع المغرب في هذا المجال.
وارتفعت أسهم المغرب في حربه ضد الإرهاب، ولا سيما في ظل التهديدات التي يطلقها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ضد المغرب بين الفينة والأخرى، فيما لجأت السلطات إلى إرساء حملات أمنية استباقية أطاحت بكثيرٍ من المجموعات المتشددة التي كانت تخطط لاعتداءات في البلاد.


اقرأ أيضاً: المغرب يستعد لمواجهة هجمات "إرهابية" محتملة

واستطاعت الأجهزة الأمنية والاستخبارية المغربية تفكيك زهاء 140 خلية إرهابية بشكل استباقي، منذ عام 2002، ضمت أكثر من 2200 شخص مشتبه بهم، أو متهمين قُبض عليهم كانوا بصدد التخطيط لاعتداءات على مؤسسات حساسة، أو ضد شخصيات سياسية وحزبية وحقوقية معروفة. وفي السياق، أعلن المغرب، قبل أيام قليلة، عن تفكيك "خلية إرهابية مكونة من أربعة أشخاص يشتبه بارتباطهم بتنظيم الدولة الإسلامية، ويسعون إلى زعزعة استقرار المملكة عبر استخدام متفجرات وعبوات ناسفة". وقبل ذلك قبض الأمن المغربي على 3 أشخاص للاشتباه بأنهم اخترقوا أجهزة اتصالات، منهم تركيان يشتبه بأنهما على صلة بـ"داعش".

وامتد عمل إدارة مراقبة التراب الوطني، وهو اسم الاستخبارات المغربية الداخلية، وأيضاً المديرية العامة للدراسات والمستندات، وهو اسم الاستخبارات الخارجية، إلى خارج البلاد من خلال اتفاقيات تعاون مع دول أوروبية، تُوجت بإشادة رسمية من طرف أعلى السلطات الفرنسية والإسبانية بعمل أجهزة الاستخبارات بالمملكة.
وأفضى اعتراف الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، ومعه العديد من السياسيين ووسائل الإعلام في فرنسا، بالدور "الفعال" للمغرب في تحديد مكان تواجد عبدالحميد أباعود، العقل المدبر لاعتداءات باريس، في13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، من خلال تقديم أجهزته الاستخبارية لمعلومات تخصّ تحركات مشتبه بهم، بالنظر إلى أصولهم المغربية، بالمغرب لأن يكون عرضة تهديدات "داعش".
يرى المحل السياسي والأستاذ في جامعة الراشيدية جنوب البلاد، عثمان الزياني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المغرب بات محط الأضواء لريادته في محاربة التهديدات الإرهابية لتنظيم داعش، بفضل الأداء الناجع للاستخبارات المغربية التي اعتمدت استراتيجية استخبارية وأمنية مُحكمة، تنبني في الأساس على نهج الحملات الاستباقية".
ويوضح الزياني، أنّه في خضم ارتفاع أسهم المغرب في مجال محاربة الإرهاب في المنطقة، برزت الحاجة إلى طلب التعاون والتنسيق مع الاستخبارات المغربية من طرف كل من فرنسا وبلجيكا".

ويلفت الزياني إلى أنّ تنظيم "داعش" سبق أن اعترف "بصعوبة اختراق المغرب، وأنه يعتبر قلعة أمنية منيعة ومحصنة"، مشيراً إلى "أن نجاحات الاستخبارات المغربية وتنسيقها مع الدول الأوربية، يجعل من دون شك المغرب في مرمى التهديد الإرهابي، وسيبذل داعش مجهوده لتنفيذ هجمات إرهابية في المغرب كرد فعل انتقامي، لأنه تنظيم تأسس على عقيدة القتل والانتقام". ويعتبر أنه "يجب على المغرب اتخاذ التدابير اللازمة لتشديد الخناق على الخلايا النائمة، وتفعيل استراتيجية الحملات الاستباقية بالشكل الذي يجفف منابع الإرهاب، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، وخصوصاً أن هناك كثيراً من المنتسبين إلى داعش يتحدرون من المغرب، وأطلقوا تهديدات واضحة ضد استقرار المملكة".
ويرى مراقبون أن "داعش" قد يلجأ إلى الاعتماد على "الذئاب المنفردة" (أشخاص يتولون تنفيذ اعتداءات بشكل منفرد) للقيام بهجمات أمام نجاعة الحملات الأمنية الاستباقية التي ينتهجها المغرب لمواجهة التهديدات الإرهابية، وأيضاً أمام تفعيل المملكة لنظام "حذر" الأمني، المتمثل في نزول قوات من الأمن والجيش للشوارع منذ أشهر.

اقرأ أيضاً: من هو العقل المدبر لهجمات باريس.. عبدالحميد أباعود؟

المساهمون