عقبات محلية وإقليمية في طريق فرنجية للرئاسة اللبنانية

30 نوفمبر 2015
بدأ فرنجية سجالاً إعلامياً مع حلفائه (حسين بيضون)
+ الخط -
دخلت مسألة انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مرحلة السجال اللبناني الداخلي على مستويات عدّة، وهو ما يُشير إلى أنها تعيش في مرحلة حساسة. خسرت هذه المبادرة زخم إطلاقها، ودخلت دوامة القبول والرفض. المبادرة التي يُعتبر رجل الأعمال اللبناني الملياردير جيلبير شاغوري (يعمل في قطاع النفط ويموّل عدداً من السياسيين اللبنانيّين)، أهم عراب لها، بالتوازي مع النائب وليد جنبلاط والنائب السابق غطاس خوري (مستشار الرئيس سعد الحريري) واللواء جميل السيد، تلقّت ضربات موجعة من مستويات مختلفة.

الضربة الأولى تجسدت بالتحالف المستجدّ بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ وحزب الكتائب. وبحسب أحد منسقي هذا التحالف، فإن هذه القوى الثلاث اتفقت على إفشال تسوية إيصال فرنجية إلى رئاسة الجمهوريّة، من دون أن تتمكن بعد من بلورة توافق على مرشّح جديد. وفي هذا السياق، تُشير مصادر متقاطعة لـ"العربي الجديد" إلى أن هناك من يُبادر بين هذا الثلاثي ويطرح أسماء مرشحين قد يكونون توافقيين. ومن الأسماء المطروحة، العميد شامل روكز، وهو صهر النائب ميشال عون.

الضربة الثانية، إبلاغ حزب الله لعون، بأنه لن يسير بأي تسوية في موضوع الرئاسة إلا إذا كان عون موافقاً عليها، وهو ما أبلغه عون لحلفائه، وبالتالي ضمن هؤلاء عدم توافر النصاب في أي جلسة لانتخاب الرئيس.

ومن الضربات القاسية التي تلقتها مبادرة انتخاب فرنجية أيضاً، طريقة إدارة الحملة. فترشيح فرنجية جاء وكأنه مرشّح التحالف الرباعي (تحالف جرى بين تيار المستقبل وحزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي في انتخابات عام 2005 النيابية) ضدّ المسيحيين، وهو ما ساهم في شد عصب معارضي الترشيح.

ويُشير مصدر مسيحي إلى أن القوى المسيحية الرافضة لترشيح فرنجية تواصلت مع عدد من الدول وعلى رأسها السعوديّة، وتبيّن لها أن لا غطاء سعوديا لهذه المبادرة. وهذا ما عزز من خلافات الحريري مع حلفائه المسيحيين الذين يلومونه على كثير من الأخطاء، ومن أبرزها أنه لم يُنسّق مع حلفائه لهذه الخطوة. ويستغرب هذا المصدر مسارعة الحريري لإيصال "مرشح بشار الأسد إلى الرئاسة في حين تخوض السعودية معركة شرسة من أجل رحيل الأسد وتتحمّل تبعات هذه المعركة، إذ يعمل الحريري عكس هذه الإرادة".

اقرأ أيضاً: 4 شروط سعودية للسير بفرنجية رئيساً

لكن الخلافات لا تقتصر على الحريري وحلفائه، بل طاولت فرنجية وحلفاءه أيضاً. فبعد لقاء ليليّ بين رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل (صهر عون) وفرنجية، تم تسريب أجواء سلبية عن اللقاء، وهو ما دفع مكتبه الإعلامي لإصدار بيان اعترف فيه ضمناً بحصول اللقاء مع الحريري في باريس، "رداً على بعض التسريبات التي وردت في بعض الصحف" الذي عُقد ليل الأحد ــ الإثنين. وجاء في رد فرنجية أن "اللقاء كان ودياً وصريحاً من غير أي التزامات". وأشار إلى أن "الحريري طالب بقانون انتخابي لا يضرب تمثيل طائفة من دون تحديد شكل القانون، وقد تم التوافق حول رفض أي قانون يضرب كيان أي طائفة". وذلك في محاولة لنفي ما سرّبه فريق الحريري حول أن فرنجية وافق على قانون الستين، وهو القانون الذي يرفضه عون كلياً.

ولفت بيان فرنجية إلى أنه أكّد خلال لقائه باسيل على "استمراره بدعم ترشيح العماد عون ومنح الموضوع مزيداً من الوقت إذا كان هناك من نية فعلية للتوافق حول عون. أما إذا استمر الترشيح فقط لتعطيل ترشيح فرنجية، فهذا موضوع آخر".

كما جاء في بيان فرنجية أن "الحديث عن رفض الأقطاب (المسيحيين) لترشيح فرنجية نناقشه إذا كان هناك عذر مسيحي أو وطني، أما إذا كان على قاعدة "ليش انت مش أنا" فالأمر مختلف تماماً وغير مقبول".

وبهذا البيان، يكون فرنجية قد بدأ معركة إعلامية مع حليفه المفترض عون، ومع بقية الأقطاب المسيحيين. هي معركة بدأها النائب وليد جنبلاط بالهجوم غير المباشر على عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، باتهامهما من دون تسميتهما، بأنهما لا يستفيدان من دروس التاريخ.

هكذا، تكون معركة إيصال فرنجية للرئاسة قد انتقلت من مرحلة كونها صفقة تملك غطاءً دولياً إلى مرحلة السجال الداخلي اللبناني. يُساهم هذا التحوّل في زيادة العقبات في طريق فرنجية إلى بعبدا، لكن لا يُمكن اعتبار أن هذه التسوية قد باتت في حكم الملغاة، وخصوصاً أن من عرابيها جنبلاط والرئيس نبيه بري، مضافاً إليهما متموّل نفطي كبير في بلد يتوقف استثمار ما يملكه نفطياً على نتائج حلول سياسية لأزماته المستعصية. 

اقرأ أيضاً: ورقة رئاسة فرنجيّة في لبنان: انقلاب يمهّد لترويكا سوريّة

المساهمون