كاميرون... خطوة أخرى للأمام نحو سورية

26 نوفمبر 2015
كاميرون يقترب من انتزاع قرار ضرب "داعش" في سورية(Getty)
+ الخط -

تقدم رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أمس خطوة إلى الأمام باتجاه التدخل العسكري البريطاني في الأجواء السورية، بعد أن أكد لأعضاء مجلس العموم البريطاني أن ضرب تنظيم "داعش" في سورية، من شأنه أن يوقف الإرهاب في بريطانيا، مضيفاً، أنه "على بريطانيا المخاطرة بشن الغارات الجوية على "داعش" في عقر دارها للتقليل من خطرها".

وفي محاول لإقناع أعضاء مجلس العموم لمنحه التفويض المطلوب لتوسيع العمليات الجوية البريطانية الى الأجواء السورية، حذر رئيس الحكومة البريطانية من التهديد الذي يشكله "داعش" للمملكة المتحدة، مطالبا بعدم "ترك مهمة حماية أمن بريطانيا للآخرين".

ويُحاول كاميرون، منذ سبتمبر/أيلول 2014، توسيع نطاق مهمة الطائرات البريطانية التي تقصف "داعش" في العراق لتشمل مواقع التنظيم في سورية، لكنه كان يواجه دائماً بمعارضة من داخل حزبه وأحزاب المعارضة الأخرى التي تعتبر أن تصعيد التدخل العسكري في سورية، على النحو الذي اقترحه كاميرون، قد يضع بريطانيا في نهاية المطاف في موقع التحالف مع نظام بشار الأسد الذي سبق لحكومة لندن أن وصفته بغير الشرعي.

ويخشى منتقدو الحكومة البريطانية أن ينطوي التغيير في أولويات الاستراتيجية البريطانية، وتقديم هزيمة "داعش" على أولوية إسقاط نظام الأسد على مغامرة وعواقب سلبية، ولا سيما إذا ما فشلت هذه الاستراتيجية في إلحاق هزيمة بـ"داعش"، وبدلاً من ذلك ساعدت نظام الأسد على البقاء. وقد حاول كاميرون تبديد هذه المخاوف بالقول صراحة:"إن بريطانيا تعمل من أجل إيجاد حكومة توافقية في سورية بدون الأسد، مؤكدا في الوقت ذاته أنه لابد للأسد أن يرحل".

اقرأ أيضاً: كاميرون يدعو إلى الانضمام لحملة ضرب "داعش" في سورية 

كما يخشى بعض معارضي توسيع التدخل البريطاني من غرق القوات البريطانية في وحل حرب أخرى في الشرق الأوسط، وقد تجلت هذه الخشية في تذكير المتحدث باسم الشؤون المالية لحزب العمال البريطاني، جون مكدونيل، بحرب العراق 2003، وضرورة الاستفادة من دروسها. وقد رد كاميرون على هذه المخاوف بالقول:"إن بريطانيا لن تنشر قوات برية، وقد تعلمت من تجارب ماضية أن ذلك قد ينطوي على نتائج عكسية، وحيث إن مهمة القتال على الأرض سيقوم بها نحو 70 ألف من القوات السورية المعتدلة.

ويبدو أن اعتداءات باريس، وما سبقها من عمليات إرهابية تبنتها التنظيمات المتشددة، من تفجير الطائرة الروسية في مصر والاعتداءات الإرهابية في لبنان ومالي، وحتى الاعتداءات في تونس التي قُتل فيها 30 بريطانيا، جميعها عوامل شجعت كاميرون، بعد تردد طويل على التوجّه لمجلس العموم البريطاني، سعياً للحصول على تفويض بتوسيع عمليات سلاح الجو البريطاني من الأجواء العراقية إلى الأجواء السورية.

وقد تجلى ذلك عندما خاطب كاميرون أعضاء مجلس العموم بالقول:"مع تزايد الهجمات الرهيبة الوحشية لـ"داعش" والتي شوهدت في شوارع باريس وبيروت وأماكن أخرى، ومع التهديد الحقيقي الذي يمثله "داعش" على المواطنين في المملكة المتحدة، فينبغي توسيع الحملة العسكرية ضد "داعش" إلى سورية".

اقرأ أيضاً: كاميرون يُعبّد طريق التدخل البريطاني في سورية

زعيم حزب العمال المعارض، جيريمي كوربين، الذي طالما عارض توجه الحكومة لتوسيع العمليات الجوية الى الأجواء السورية، رد على خطاب كاميرون معترفا بجدية التهديد الذي تشكله "داعش"، ولكنه طرح بالمقابل أسئلة عدة، كان أولها حول إذا ما كان قصف "داعش" في سورية سيزيد أو يقلل من تهديد للمملكة المتحدة؟ وإذا ما كان توسيع العمليات الجوية البريطانية سوف يحدث فرقا على أرض الواقع، وسيساهم بالنصر في الحرب؟ وهل من الممكن كسب الصراع دون قوات على الأرض أم أن المهمة ستتدحرج إلى تدخل بري؟ وهل ستعطي الأمم المتحدة تفويضا قانونياً واضحاً للتدخل؟ وما الذي فعلته الحكومة البريطانية لقطع إمدادات الأسلحة إلى"داعش"؟ وهل ستتعرض الطائرات البريطانية إلى خطر يشابه ما حدث للطائرة الحربية الروسية؟ وهل ستسهم الضربات الجوية البريطانية في وضع حد للحرب الأهلية السورية؟ وما هي مخاطر سقوط ضحايا من المدنيين بسبب الغارات الجوية؟

ورغم الأسئلة الكثيرة والحرجة التي طرحها كوربين، ظهر موقف نواب حزب العمال أكثر براغماتية باتجاه تأييد مطلب كاميرون، أو على الأقل عدم معارضته بشكل صارم. وقد تجلى ذلك في مداخلة كوربين التي خلت من أي معارضة صريحة، وكذلك في الموقف الجديد الذي أعلنه المتحدث باسم الشؤون المالية لحزب العمال البريطاني، جون مكدونيل إن "الحزب يدرس السماح لنوابه بالتصويت حسب قناعاتهم الشخصية، على خطة رئيس الوزراء المحافظ، ديفيد كاميرون، لتوسيع الضربات الجوية البريطانية إلى سورية". وعندما سئل إن كان حزب العمل سيتيح لنوابه التصويت الحر على مشروع القرار المُتوقع أن تقدمه الحكومة مطلع الشهر المقبل، قال مكدونيل لتلفزيون (بي.بي.سي):"في هذا النوع من قضايا الضمير من الأفضل السماح للنواب أن يتخذوا قرارتهم بأنفسهم".

قدم رئيس الوزراء البريطاني في خطاب أمام مجلس العموم البريطاني، وفي مذكرة من 36 صفحة وجهها إلى لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم، رؤيته حول أهمية وضرورة التعجيل بتوسيع العمليات الجوية البريطانية إلى الأجواء السورية، وقدم إجابات عن كل الأسئلة، كما قدم ما أمكن من ضمانات سياسية للمشككين والمتخوفين، دون أن يُلحق خطابه بتقديم مشروع قرار للتصويت النهائي قبل ضمان الحصول على الأغلبية البرلمانية اللازمة لصالح التفويض المطلوب. وقد عبرعن ذلك صراحة بالقول:"لن يكون هناك تصويت في مجلس العموم ما لم يكن هناك "أغلبية واضحة" لمصلحة القرار، وإلا ظهر الأمر كـ"انقلاب دعائي" لمصلحة "داعش".

اقرأ أيضاً: بريطانيا تعلن رفع نفقاتها العسكرية بـ 18 مليار دولار 

المساهمون