تفجير العريش... "داعش" يستهدف الانتخابات والتنسيق الروسي

24 نوفمبر 2015
تبنى "ولاية سيناء" تفجير العريش (العربي الجديد)
+ الخط -
تزامنت زيارة وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، إلى القاهرة، أمس الأول الإثنين، مع ضربة قاسية وجّهتها الجماعات المتشدّدة في سيناء، للأمن المصري، بالهجوم على فندق يقيم فيه القضاة المشرفون على اللجان الانتخابية في العريش، مما أسفر عن مصرع قاضيَيْن، أحدهما في مجلس الدولة وآخر في النيابة العامة، ومجندين، وإصابة عدد آخر.

وحاول الجيش المصري استباق الروايات اﻹعلامية والقضائية، فأصدر بياناً على لسان المتحدث الرسمي باسمه، محمد سمير، يصف ما حدث بأنّه "نجاح في إحباط عملية إرهابية"، باعتبار أنّ الهدف مقتل العشرات من القضاة وليس فقط العدد الذي سقط.

وحملت كل من رواية الجيش ورواية "وﻻية سيناء" التابع لـ"داعش"، الذي تبنّى التفجير، تفاصيل تفضح ضعف السيطرة اﻷمنية للجيش والشرطة على أهم مواقع الدولة في العريش، ومنها فندق ضخم تحوّل لمقر إقامة رسمي للقضاة إلى حين انتهاء الانتخابات نهاية الأسبوع المقبل. وتلاقت الروايتان بنجاح قائد سيارة مفخخة في الوصول إلى الفندق وتفجير السيارة، وتسلل عنصر متشدد إلى داخل الفندق وتفجير نفسه بداخله.

لكن الجيش ظنّ أنّ العملية قام بها 3 عناصر، وأن عنصراً ثالثاً تسلّل إلى داخل الفندق وأطلق النار "عشوائياً" على القضاة. إلّا أنّ الصور التي تم تسريبها للحادث من هواتف القضاة والعاملين في الفندق، تنفي الرواية الرسمية. فالدماء واﻷشلاء كانت تملأ غرف القضاة، وليس مطعم الفندق أو صالة الاستقبال، ما يجعل رواية التنظيم اﻷقرب للواقع، إذ ذكر أنّ "عنصراً يدعى أبا وضاء المهاجر دخل، فأردى برصاصه من استطاع إليه سبيلاً من القضاة، ثم فجّر نفسه بحزام ناسف، كان يرتديه فأسقط عدداً آخر".

وإزاء هذا التناقض وبطء نقل الضحايا من العريش إلى القاهرة، سيطر القلق والغضب على القضاة الذين سارعوا لتحميل الجيش والشرطة مسؤولية ما حدث جراء ضعف التأمين، وسوء مقر الإقامة وعدم سرّيتها. وتكشف مصادر قضائية لـ"العربي الجديد"، عن أنّ جميع القضاة المشرفين على انتخابات شمال سيناء، أنهوا أعمالهم في ساعة مبكرة، أمس اﻷول الإثنين، لسهولة الفرز وضعف الإقبال على الاقتراع، وطلبوا العودة فوراً إلى القاهرة، إلّا أن الجيش رفض هذا الطلب، وأمر ببقائهم في الفندق حتى ظهر أمس الثلاثاء، معللاً هذا بـ"أسباب أمنية".

اقرأ أيضاً "سايت": ولاية سيناء يتبنّى تفجير فندق القضاة في العريش

وتوضح المصادر القضائية أنّ المخاوف التي أبداها القضاة منذ المرحلة اﻷولى من الانتخابات تجاه الإشراف في سيناء، كانت في محلّها، قياساً بضعف التأمين في مناطق أخرى أهدأ من العريش، التي تُعلن فيها حالة الطوارئ بصفة مستمرة منذ عام.

وتذكر المصادر نفسها أنّ المجتمع القضائي غاضب لسبب آخر، ويكمن في عدم موافقة الحكومة منذ أشهر عدة على مقترح تقدّم به قضاة إلى وزير العدل، أحمد الزند، لضرورة إضافة القضاة إلى الفئات التي تلتزم الدولة قانوناً بالتأمين عليها طوال فترة عملهم، أسوة بضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة. وتشير هذه المصادر إلى أن الحكومة علّلت صعوبة هذا اﻷمر آنذاك، بعدم القدرة المالية، وأنّ القضاة يعملون تحت مظلة تأمينية وتكافلية تضمنها لهم قرارات وزارية، على الرغم من أنّ هذا ليس صحيحاً إﻻّ في حالة اﻹصابة، وﻻ يشمل الوفاة.

وحول تأثير هذا الحادث في موقف القضاة من الإشراف على جولة الإعادة للمرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية الجارية حالياً، تؤكد المصادر القضائية ظهور تيار عريض يدعو لمقاطعة الإشراف على الانتخابات، إلّا في حال إصدار الوثائق التأمينية المذكورة، أو إلغاء الاقتراع في لجان شمال سيناء وتأجيلها إلى حين استقرار الوضع هناك.

وفي السياق ذاته، ترجع مصادر حكومية تأخر تصرّف الجيش في نقل الضحايا إلى إحدى المستشفيات العسكرية، إلى "انشغال قيادات الجيش وفي مقدمتهم وزير الدفاع، صدقي صبحي، باستقبال وزير الدفاع الروسي واصطحابه إلى قصر الرئاسة ثم الدخول في محادثات موسعة في مقر وزارة الدفاع، شمال القاهرة"، مؤكّدة أنّها "الخطوة اﻷولى في تنسيق مصري روسي ضد (داعش) في سيناء وسورية"، على شاكلة ضربات مشتركة أو تعاون استخباراتي، ولمساعدة الحكومة المصرية على سد الثغرات اﻷمنية.

اقرأ أيضاً: عمليات "ولاية سيناء" تدحض رواية سيطرة الجيش
دلالات