النظام و"داعش" يخنقان المعارضة السورية المسلحة في حلب

20 أكتوبر 2015
فصائل المعارضة تصدّ هجوم النظام بحلب (مصطفى سلطان/الأناضول)
+ الخط -
وكأنّ النظام السوري وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قد اتفقا على تشتيت جهود فصائل المعارضة السورية المسلّحة وخنقها في حلب، عبر شنّ هجمات متوازية عليها من الشمال والجنوب؛ وفيما تتصدى لهجمات "داعش" التي لا تتوقف بالريف الشمالي، تجاهد الفصائل كي توقف تقدم النظام بالريف الجنوبي، إذ إن سقوطه يمثل خطراً كبيراً على عموم مناطق سيطرتها في حلب، كما يُعتبر إنجازاً مهماً للنظام لطالما عجز عنه في السابق.

اقرأ أيضاً: استماتة النظام في حلب: خدمات "داعش" وتواطؤ "الحماية الكردية" 

وتمكّنت الفصائل يوم أمس، من تدمير ست مدرعات للنظام على جبهة تل الوضيحي. وكان الأخير قد بدأ قبل خمسة أيام هجومه الواسع والمدعوم بعشرات الغارات الروسية في الريف الجنوبي لحلب، وبدا كأنه قد حشد له بقوة.

لكن في المقابل، تشير التطورات الميدانية إلى أن النظام تقدّم خطوة للأمام، إذ سيطرت قواته التي تقاتل معها مليشيات أجنبية (خصوصاً لبنانية وإيرانية)، وتدعمها عشرات الغارات الروسية، على تل الوضيحي الواقع إلى الشرق من أوتستراد حلب – دمشق بنحو عشرة كيلو مترات، وهو تلٌ مرتفع تمثل السيطرة عليه أهمية استراتيجية، إذ إنه يهدد نارياً مواقع سيطرة المعارضة في خان طومان والمناطق المحيطة بها، كما يساعد النظام في تأمين الطريق الواصل بين مناطق نفوذه بريف حلب الجنوبي، مروراً بمجبل حريبل نحو أحياء حلب الغربية، وقبلها مطار النيرب العسكري.

ويؤكد الناشط الإعلامي منصور حسين لـ"العربي الجديد" أن "الثوار تمكنوا خلال المعارك التي دارت منذ صباح الإثنين، من تدمير 6 مدرعات للنظام (بين دبابة وناقلة جنود) على جبهة الوضيحي، والمعارك لا تزال مستمرة حول المنطقة"، مشيراً إلى أن "مئات المقاتلين الأجانب من إيران وحزب الله يشاركون النظام في هذه المعركة، التي لا يمكن للنظام أي يحقق أي تقدم فيها لولا الغارات الروسية الكثيفة التي سبقت الهجوم البري".

ولا تكمن الأهمية المفصلية لمعركة ريف حلب الجنوبي، والتي دعت غرفة عمليات حلب إلى إعلان النفير العام من أجلها، فقط في تأمين النظام لطريق الإمدادات العسكرية من خناصر نحو مطار النيرب العسكري، أو في تهديد مناطق سيطرة المعارضة بالريف الجنوبي، بل إنها تمنح النظام، في حال تمكّن من تثبيت أقدامه في المناطق التي يشنّ حالياً هجوماً عليها، وضعاً مريحاً يتيح له، تقطيع أوصال الريف الجنوبي.

والأخطر من ذلك، أنّ النظام، إذا نجح في تحقيق أهدافه بالريف الجنوبي، سيباشر، غالباً، فتح معارك في الريف الغربي، إذ سيضع نصب عينيه بلدتي نبل والزهراء، حيث يقبع آلاف المقاتلين من المليشيات التابعة له، والذين تفرض عليهم قوات المعارضة حصاراً يحول دون وجود فاعلية هجومية لهم.

وفي حال نجح النظام بفك حصارهم، فإن انكفاءهم للدفاع عن البلدتين المواليتين سيتوقف، ليصبحوا وحدات هجومية جديدة، تؤازر معارك النظام في حلب.

 ويؤكد قيادي في "الجبهة الشامية" (إحدى أهم فصائل حلب)، لـ"العربي الجديد"، أن "الفصائل تتصدّى بكل ما لديها من قوة لهجوم النظام بالريف الجنوبي، لكن تعدد الجبهات التي تقاتل فيها إضافة لكثافة الغارات الجوية، يشتت جهود الجيش الحر".

ولا يخفي القيادي أن "المعركة صعبة والنظام يبدي شراسة كبيرة فيها". غير أنه يؤكد أن "مختلف الفصائل تعمل على وقف هذا الهجوم الذي كلف النظام حتى الآن عشرات القتلى فضلاً عن الخسائر المادية".

ويضيف المصدر نفسه لـ"العربي الجديد"، أن "على قواتنا التصدي لهجمات (داعش) بالريف الشمالي وهجمات النظام بالريف الجنوبي؛ وهذا بكل تأكيد مرهق ويستنزف الكثير من قدراتنا، لكن لن نسمح للنظام بتحقيق غاياته بالريف الجنوبي"، والذي يمر منه الأوتوستراد الدولي الذي يربط بين حلب ودمشق. 

لكن المعارضة تسيطر على نحو خمسين كيلو متراً من هذا الطريق الدولي، بداية من شمال سراقب بريف إدلب الشمالي، إلى مورك بريف حماه الشمالي، ما يحرم النظام من استخدامه. ويبدو مستبعداً أن يضع النظام في خضم المعارك الجارية وميزان القوى الحالي عينه على فتح هذا الأوتستراد، الذي يعتبر الأهم بين جميع الطرق الدولية داخل سورية، إذ يربط بين العاصمة، دمشق، ومختلف محافظات المنطقة الوسطى والشمالية.

على بعد أقل من مائة كيلو متر شمال مورك، واصل الطيران الروسي أمس، شن عشرات الغارات، التي تزامنت مع محاولة قوات النظام التقدم نحو قريتي المنصورة وتل واسط في مناطق سهل الغاب بريف حماه الشمالي الغربي، بحسب ما أفاد مدير مركز حماه الإعلامي يزن شهداوي، لـ"العربي الجديد".

وقال شهداوي إن "الغارات الروسية تجاوزت الثلاثين منذ صباح اليوم (أمس)، فيما استهدفت فصائل المعارضة المواقع التي تسيطر عليها قوات النظام قرب منطقة الحاكورة على أطرف سهل الغاب".

يأتي هذا بعد نحو أربعة أيام من الهدوء النسبي بريف حماه، قياساً بالأسبوع الذي سبق هذا الهدوء الحذر، إذ كانت قوات النظام والمليشيات التي تقاتل معها، مدعومة بعشرات الغارات الروسية، قد شنت منذ السابع من هذا الشهر، هجوماً واسعاً بريف حماه الشمالي والشمالي الغربي والشرقي، تكبّد النظام خلاله خسائر بشرية كبيرة، تمثلت بمقتل المئات من عناصره، فضلاً عن تدمير المعارضة لنحو أربعين دبابة ومدرعة، وإسقاط مروحيتين عسكريتين على تلك الجبهات.

اقرأ أيضاً: تفاهمات سريّة بين الأسد و"داعش" لتوليد الكهرباء

وفي ما يخص تطبيق بنود هدنة الزبداني – الفوعة، بدأ ظهر أمس، تنفيذ بند دخول المساعدات الإنسانية إلى بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين للنظام والمحاصرتين من قبل قوات المعارضة السورية بريف إدلب، وإلى بلدتي الزبداني ومضايا اللتين تسيطر عليهما قوات المعارضة السورية بريف دمشق الغربي.


وعلمت "العربي الجديد" من مصادر في الجانب السوري من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، أن شاحنتين مليئتين بالمساعدات الإنسانية دخلتا من الأراضي التركية إلى مناطق سيطرة قوات المعارضة السورية بريف إدلب الشمالي لتصل الشاحنتان التابعتان لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة OCHA إلى بلدة الفوعة التي تسيطر عليها مليشيات محلية ولبنانية وعراقية موالية للنظام السوري، مع بلدة كفريا المجاورة لها.

كما ذكرت مصادر في منظمة الهلال الأحمر السوري لـ"العربي الجديد"، أن المنظمة تمكّنت من إدخال شاحنتي مساعدات إنسانية إلى بلدة مضايا الواقعة جنوب مدينة الزبداني تحت سيطرة مسلحي المعارضة. وتخضع بلدة مضايا لحصار قوات النظام وتضم أكثر من عشرة آلاف نازح من سكان مدينة الزبداني.

في هذه الأثناء، يستمر تطبيق وقف إطلاق النار ووقف قصف النظام وحلفائه الروس لمناطق بنش ومعرة مصرين ورام حمدان وتفتناز ومدينة إدلب، على الرغم من تصاعد قصف قوات النظام والطائرات الروسية لبقية مناطق سيطرة المعارضة السورية بريف إدلب وحماه الشمالي مع محاولات تقدّم ميداني لقوات النظام والمليشيات الموالية لها في مقابل تصدّي قوات المعارضة لهذه المحاولات.