التحديات الأمنية تهدّد علاقة تونس بدول الجوار

14 أكتوبر 2015
قوات الأمن التونسي تتربص للتنظيمات(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
تجددت المخاوف من تصعيد أمني جديد في تونس، بعد المواجهات في جبل سمامة في ولاية القصرين، بالتزامن مع عودة مسلسل اختطاف تونسيين في ليبيا، قبل أن يُطلق سراحهم، مساء أمس الثلاثاء، فضلاً عن السجال المتواصل عقب تصريحات وزير الدفاع التونسي، فرحات الحرشاني. 

وشهد جبل سمامة في ولاية القصرين، يوم الإثنين، مواجهات عنيفة بين قوات الأمن التونسي وجماعات مسلّحة، في أثناء عملية البحث عن راع مفقود، أسفرت عن مقتل جنديين وجرح ثلاثة آخرين. ويُعد إعلان إعدام الراعي على يد كتيبة عقبة بن نافع المتشددة، أمس الثلاثاء، سابقة هي الأولى من نوعها في تونس، إذ لم يسبق للجماعات المسلحة أن استهدفت مدنيين، ونكّلت بهم. وتذرعت الكتيبة عبر موقع "تويتر" بأنّها قامت بتصفية الراعي لتعاونه مع الأمن.

 
في غضون ذلك، عاد مسلسل اختطاف التونسيين في ليبيا إلى الواجهة من جديد، أمس الثلاثاء، بعدما أكد عدد من المواطنين التونسيين العاملين في ليبيا، في مكالمات هاتفية مع عائلاتهم، أن مجموعات ليبية في مدينة صبراتة، بدأت منذ يوم الأحد الماضي، في احتجاز عاملين تونسيين في ليبيا قبل أن يعلن عن إطلاق سراحهم مساء أمس الثلاثاء. وبحسب متابعين للشأن الليبي، وصل عدد المحتجزين إلى حوالى 300 عامل، فيما أشارت مصادر ليبية إلى أن عدد المحتجزين يقتصر على 50.  ويأتي هذا الاحتجاز رداً على إيقاف الأمن التونسي رئيس بلدية صبراتة، حسن الذوادي في تونس.

وقامت مليشيات على علاقة بعائلة الذوادي باحتجاز العمال التونسيين، مطالبة بإطلاق سراح رئيس البلدية وقريبه، اللذين تم إيقافهما في مطار تونس قرطاج، عندما كانا يحاولان العودة إلى ليبيا. وشهدت مدن تونسية عدة، ينتمي إليها العاملون التونسيون، خصوصاً في الجنوب، حالة من الغضب بسبب احتجاز أبنائهم.

وأكد المتحدّث الرسمي في وزارة الداخلية، وليد الوقيني، لـ"العربي الجديد"، أنّه تم بالفعل إيقاف الذوادي في تونس، مشيراً إلى أن موضوع التونسيين في ليبيا حظي بمتابعة وزارة الخارجية. في غضون ذلك، استنكر بيان للمجلس البلدي لمدينة صبراتة الليبية توقيف سلطات الأمن التونسية في مطار قرطاج عضو المجلس البلدي، يوم السبت الماضي، أثناء عودته من مهمة رسمية برعاية الأمم المتحدة في تونس العاصمة.

اقرأ أيضاً: شبح الاغتيالات السياسية يقلق تونس

وفيما طالب المجلس البلدي وأهالي المدينة الحكومة التونسية بسرعة إطلاق سراح الذوادي والأزهر الماقوري، الذي تم إيقافه هو الآخر في سبتمبر/أيلول الماضي، وضمان سلامتهما من دون أي مماطلة أو تأخير، لم يصدر أي موقف عن وزارة الخارجية التونسية، لغاية الآن.

ويؤكد عميد بلدية صبراتة المكلف، أبو القاسم كرير، لـ"العربي الجديد"، أن المجلس البلدي يستنكر احتجاز مواطنين تونسيين، وأن عددهم لا يتجاوز الـ50، موضحاً أنّه تفقد بنفسه، أمس الثلاثاء، ظروف احتجازهم وأنهم بصحة جيدة ويتلقون كامل الرعاية، ويتصلون بعائلاتهم باستمرار. ويلفت إلى أنه "كان يجب إطلاق سراحهم الإثنين، لكن العائلات الليبية والمواطنين مستاؤون من إيقاف الذوادي، الذي كان يُفترض أن يتم اختياره كعميد للمدينة بعد عودته، بعدما تمّ انتخابه من المواطنين، ولم تعيّنه لا حكومة طرابلس ولا طبرق، لذلك اعتبر المواطنون أن ايقافه في تونس إهانة لهم، وجاءت ردة الفعل بهذه الطريقة التي نستنكرها بدورنا"، معتبراً عملية إيقافه احتجازاً قسرياً لا يخدم علاقة الإخوة بين البلدين.


وفي موازاة عودة التوتر الليبي التونسي، لا تزال تصريحات وزير الدفاع التونسي، فرحات الحرشاني، تلقي بظلالها على المشهد السياسي التونسي، وخصوصاً بعد ما فهمت تصريحاته بأنها تتضمن اتهاماً للجزائر بتصدير الإرهاب إلى تونس، وهو ما أثار موجة من التعليقات المستنكرة، قبل أن تحاول وزارة الدفاع احتواء الموقف.

وأصدرت وزارة الدفاع التونسية بياناً توضيحياً تؤكد فيه أن علاقات "الأخوة الثنائية بين تونس والجزائر وبين الجيشين التونسي والجزائري، أعمق من أن تعكّرها تعليقات خاطئة لا تمت للحقيقة بصلة". واعتبر البيان أن وزير الدفاع تطرّق في تصريحاته الصحافية إلى التهديدات القادمة إلى تونس من الجنوب بالدرجة الأولى، ثم إلى الخطر الذي تمثّله المجموعات المسلحة المتمركزة في المرتفعات الغربية للبلاد، والمتاخمة للحدود مع الجزائر، والتي وصفها بـ"الأخطار الخارجية الداخلية"، نظراً لأنها مجموعات تتنقل بين تونس والجزائر.

بدوره، أكد نائب رئيس مجلس نواب الشعب التونسي، عبد الفتاح مورو، أمس الثلاثاء، لـ"العربي الجديد"، أن وزير الدفاع نفى أن يكون قد وجّه اتهاماً غير مباشر للجزائر بالتسبب في الاٍرهاب، الذي تعاني منه تونس. ولفت مورو إلى أنّ الجلسة المغلقة، التي جمعت رؤساء الكتل النيابية ورئاسة المجلس بوزيري الداخلية والدفاع، تطرقت إلى هذا التصريح، وأكّد وزير الدفاع، خلال الجلسة، أن هناك تضخيماً وتأويلاً لتصريحاته، وأنّ عنوان المقال الذي نقل التصريح عكس مضمونه، مشيراً إلى أنّ الحرشاني بصدد نشر ردّ في اليومين المقبلين.

من جهته، ينتقد الأمين العام لحركة الشعب، زهير المغزاوي، تصريحات وزير الدفاع الأخيرة، معتبراً أنّه يجب الأخذ بعين الاعتبار ما يحصل من متغيرات وتحديات جديدة في المنطقة ككل، مبيناً أنّه لا بدّ من رؤيا أكثر وضوحاً وبعقد مؤتمر وطني فوري لمقاومة الإرهاب. ويصف المغزاوي محاولة اغتيال النائب، رضا شرف الدين، قبل أيام ثم قتل عسكريين وإعدام الراعي، بـ"الوضع الأمني الخطير"، مشدّداً في حديثه مع "العربي الجديد"، على أنّ الخطر يتربص بتونس، وخصوصاً بعد كشف علاقة وطيدة بين التهريب والإرهاب والتصدي لمافيا تسعى إلى تفكيك الدولة.  

اقرأ أيضاً: احتجاز قرابة 300 تونسيّ بصبراتة بسبب اعتقال مسؤول ليبي  

المساهمون