اقرأ أيضاً: اتهامات بالفساد للرئيس السابق للجمعية العامة للأمم المتحدة
وكان آش قد شغل منصب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الـ 68 بين سبتمبر/ أيلول 2013 و2014. ويُنتخب رئيس الجمعية العامة من قبل 193 دولة عضواً في الجمعية العامة ولمدة عام. وعمل آش كذلك سفيراً لبلاده، أنتيغوا وباربيدوس الواقعة في جزر الكاريبي، لدى الأمم المتحدة.
وكانت أعلنت الأمم المتحدة يوم الخميس الماضي عن فتح تحقيق حول هذا الموضوع، بعدما كانت متردّدة في ذلك، بحسب ما جاء في تصريحات المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دو جاريك، في وقت سابق من الأسبوع، بقوله إن الأمم المتحدة تبحث في ضرورة فتح تحقيق أم لا.
وكان دوجاريك قد أكّد أن مكتب الأمين العام للأمم المتحدة علم بخبر اعتقال جون آش يوم الثلاثاء من الإعلام. وجاء في تصريحات المدعي العام الأميركي خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده حول الموضوع أن "جون آش باع نفسه والمؤسسة العالمية التي يرأسها مقابل الحصول على الرشى، والتي تقدر قيمتها بـ 1.3 مليون دولار". وقال إن "آش حاول مساعدة الملياردير الصيني، نغ لاب سينغ، لتمكينه من الحصول على عقود بناء لقاعة مؤتمرات تابعة للأمم المتحدة، في مدينة مكاو الصينية، والتي تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات".
غير أن القضية لا تقف عند آش؛ إذ تبين أن شركة الملياردير الصيني تبرعت للأمم المتحدة بـ 1.5 مليون دولار من أصل 5 ملايين دولار كانت قد أعلنت عن نيتها تقديمها، لمكتب التعاون بين بلدان الجنوب التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ولم يعلن المكتب حتى الآن عن نيته إعادة هذه الأموال في حال ثبُتت تهم تبييض الأموال والتهرب الضريبي والرشى ضدّ الشركة.
وتعيد قضية جون آش إلى الأذهان، فضيحة برنامج "النفط مقابل الغذاء"، التي كشفت عام 2005. وأظهرت فساداً مستشرياً عند أصحاب مناصب عالية في الأمم المتحدة وموظفين أساءوا استغلال السلطة ونفوذهم على حساب الشعب العراقي واستفادوا من الحصار الذي كان مفروضاً عليه. ومن بين هؤلاء المسؤولين كان مدير برنامج "النفظ مقابل الغذاء" آنذاك، بينون سيفان، ومدير المشتريات، ألكسندر ياكوفليف، اللذين تلقيا رشى وأتاوى من شركات حصلت على عقود وعملت مع الأمم المتحدة. وأُنشأ البرنامج عام 1995، بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي وقضى بالسماح ببيع النفط العراقي، مقابل إتاحة المجال للعراق الذي كان تحت الحصار للحصول على حاجاته الغذائية والإنسانية. وتقدّر قيمة العقود والمبيعات العراقية من النفط والتي تم إبرامها خلال السنوات السبع للبرنامج خلال تلك الفترة بحوالي 65 مليار دولار. إلا أنّ أحد الأمور المثيرة في البرنامج كانت نسبة 2.2 في المائة من عائدات صادرات النفط التي حصلت عليها الأمم المتحدة لإدارة البرنامج، والتي تبين لاحقاً أنها كانت إدارة فاسدة. وبحسب الأمم المتحدة، فإنه "بعد ديسمبر/كانون الأول من العام 2000، تم تخصيص ما نسبته 72 في المائة من مجموع المبلغ لسدّ الاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء العراق، و25 في المائة لصندوق التعويضات عن حرب الخليج و2.2 في المائة لتسديد التكاليف التي تكبدتها الأمم المتحدة لإدارة البرنامج و 0.8 في المائة لتسديد تكاليف التفتيش عن الأسلحة".
غير أن تقارير اللجنة التي عينتها الأمم المتحدة، بعد الفضائح، تحت رئاسة الأمين العام السابق كوفي أنان، أظهرت إشكاليات عميقة ومتجذرة في الأمم المتحدة وسوء إدارة، وعدم التحقيق في قضايا عديدة متعلقة بالبرنامج بما فيها قضايا تحرش جنسي وإتاوات دفعها نظام صدام حسين وشركات لموظفين كبار في الأمم المتحدة.
وطالت فضيحة الفساد ابن أنان نفسه، كوجو، الذي ثبت أنه كان يتلقى مخصصات شهرية من شركة "كوتكنا" السويسرية، التي شاركت ببرنامج "النفط مقابل الغذاء"، حتى بعدما غادر منصبه فيها عام 1998، ليكون بذلك في صلب فضيحة الفساد التي طاولت البرنامج.
ووصل الفساد إلى درجة ربط أقرباء الأمين الأسبق بطرس غالي واستغلالهم لنفوذهم ببعض تلك الصفقات. لكن لم تتمكن التحقيقات من إثبات علاقة لهم بها، أو معرفة لغالي بالموضوع. ولم يستقل الأمين العام في حينه كوفي أنان من منصبه، رغم اعترافه بالخطأ الذي ارتكبه موظفون كبار اختارهم هو لإدارة تلك البرامج.
اغتصاب وتحرش جنسي
إضافة إلى الفساد، طاولت المنظمة الدولية مجدداً قضايا اغتصاب وتحرش جنسي ارتبطت بقوات حفظ السلام التابعة لها في قارة أفريقيا، بحيث اتهمت "منظمة العفو الدولية" في شهر أغسطس/أب الماضي، قوات حفظ السلام، التابعة للأمم المتحدة، في جمهورية أفريقيا الوسطى بارتكاب جرائم اغتصاب وتحرش جنسي ضد فتيات في عدة حوادث بما فيها قتل أب وابنه بصورة عشوائية واغتصاب فتاة صغيرة. وأعلن بان كي مون على إثر هذه الفضيحة عن تقديم مبعوثه الخاص لجمهورية أفريقيا الوسطى، باباكار غاي، استقالته من منصبه وبطلب من الأمين العام نفسه. كما شكل لجنة تحقيق في الموضوع حاولت الوقوف عند الخطوات التي يجب اتخاذها إدارياً لضمان الشفافية والتبليغ عن تلك الحوادث وضمان عدم حدوثها. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتهم فيها جنود لقوات حفظ السلام بارتكاب جرائم من هذا النوع، والتحرش بقاصرات في كثير من الأحيان، خصوصاً في أفريقيا.
يأتي كل هذا في وقت تعاني الأمم المتحدة فيه على الصعيد السياسي من شلل شبه تام في مختلف النزاعات، وهي تعجز حتى عن المساعدات الإنسانية، بحيث يتم تقليص برامجها الإنسانية واحداً تلو الآخر، في ظل نقص في ميزانياتها للمساعدات الإنسانية على الرغم من ميزانية سنوية تقدر بالمليارات. ولعل أفضل ما يلخص هذا مقولة المحامي والرئيس السابق للشفافية الدولية بيتر إيغن بقوله إن "الفساد أحد المسببات الأساسية للفقر وأحد العقبات الرئيسية أمام تخطيه".
اقرأ أيضاً: الفساد في العراق يستغل اسم الأمم المتحدة لتمرير صفقات