أميركا: مقابلة تلفزيونية مع الشرطي القاتل تهدّئ المحتجّين

26 نوفمبر 2014
المتظاهرون يتهمون الشرطة بالعنصرية (مايكل هرنانديز/الأناضول)
+ الخط -
تراجعت حدة التظاهرات وأعمال الشغب في ولاية ميزوري الأميركية، بعدما بثت محطة "أي بي سي" في ساعة متأخرة من مساء أمس الثلاثاء مقابلة حصرية مع قاتل الشاب من ذوي البشرة السمراء مايكل براون تحدث خلالها الشرطي القاتل دايرن ويلسون إلى الأميركيين للمرة الأولى عن ملابسات إطلاقه النار على براون في أغسطس/أب الماضي.

وأعرب ويلسون عن أسفه لوفاة براون، وتعاطفه مع أسرته، غير أنه دافع عن تصرفه قائلاً إنه كان يؤدي عمله، ولو عادت عجلة الساعة إلى الوراء لما تراجع عن إطلاق النار على براون دفاعاً عن نفسه.

وحاول الشرطي في المقابلة إقناع الأميركيين بأنه تصرف وفقاً للتدريب الذي تلقاه، وأنه كان أمام خيارين صعبين، إما أن يمسي قاتلاً أو يصبح قتيلاً، فاختار الدفاع عن حياته بإزهاق حياة المهاجم الضحية. لكن منتقدي الشرطي القاتل في تصرفه من المعلقين في محطات التلفزة الأميركية الأخرى أشاروا إلى أن الاحتجاجات سوف تستمر عدة أيام أخرى على الأقل، وأن بعض مضامين المقابلة سوف يساهم في صب المزيد من الزيت على النار وليس العكس.

ويعرف الأميركيون أن رجال الشرطة في بلادهم يدربون على السرعة في رد الفعل والمبادرة كي لا يسقطوا ضحايا، خصوصاً أن الولايات المتحدة تأتي على رأس قائمة دول العالم في نسبة انتشار السلاح الشخصي بين المواطنين، ويضمن الدستور الأميركي حق حمل السلاح لأي مواطن ضمن حدود القانون. ومع ذلك، فإن حادثة قتل الشاب الأسود قد تسبّبت في اندلاع موجتين عارمتين من الاحتجاجات في ولاية ميزوري وخارجها، الأولى في الصيف المنصرم عقب الحادث مباشرة، والثانية اندلعت مساء الاثنين فور صدور حكم هيئة محلفين بعدم توجيه أي تهمه جنائية إلى القاتل المعترف بفعلته، وأدّت إلى نشر ما يقارب الألفين من عناصر الحرس الوطني في ولاية ميزوري لمحاصرة الاحتجاجات (المزيد).

وفي إشارة إلى البعد العنصري للحادثة، سألت محطة "أي بي سي" الشرطي القاتل ما إن كان سيطلق نيران مسدسه على المهاجم لو لم يكن من ذوي البشرة السوداء، فأجاب بشيء من الثقة :"بكل تأكيد.. كنت سأطلق النار عليه".

وشدّد على أن لون بشرة الضحية لم يكن له أي دور في قرار الضغط على زناد مسدسه، بل إن الأمر الحاسم في تصرفه هو ضخامة جسد المهاجم طولاً وعرضاً، وقوّته البدنية "الهائلة".

وفي هذا السياق، شبه الشرطي القاتل ضحيته مايكل براون البالغ من العمر 18 عاماً بالمصارع الأميركي الشهير هولك هوجان، قائلاً إن قبضة براون التي امتدت للإمساك بمسدس الشرطي بغرض اختطافه منه جعلت القاتل يشعر بنفسه كطفل في الخامسة من عمره أمام المصارع التلفزيوني هوجان. وتابع "لقد وجه لي براون عدة لكمات بيسراه على خدي الأيمن، شعرت لحظتها أن ضربة إضافية بيده على رأسي ستنهي حياتي". وأظهرت المحطة صوراً قديمة للشرطي القاتل التقطت له عقب نقله إلى احد المستشفيات ليلة الحادث، وتبدو في تلك الصور بقايا احمرار على خدّه الأيمن.

وقال الشرطي إن الضحية تلفّظ بألفاظ حذفتها المحطة أثناء البث، وهي ألفاظ استفزازية معروفة اجتماعياً لدى الأميركيين، يوجهها في العادة بعض المراهقين من ذوي البشرة السمراء لأمهات ذوي البشرة البيضاء عندما يريدون اتهامهم بعدم الشجاعة. وإحدى هذه العبارات قالها الضحية للشرطي متحدياً إياه أن يطلق النار، حسب زعم القاتل.

وأشار بعض المعلقين القانونيين إلى أن نظام هيئة المحلفين عمل لصالح المتهم لأن الشرطة تتولى في العادة دور الادعاء، ولأن المتهم ينتمي لجهاز الشرطة، فإن الادعاء استطاع أن يوجّه الأسئلة ليحصل على إجابات تخدم المتهم أمام المحلفين. وفسر آخرون صمت الشرطي القاتل عن الحديث لوسائل الاعلام حتى صدور الحكم بأنه تلقى نصيحة قانونية بألا يتورط في أحاديث عامة قد تؤدي إلى الإضرار بقضيته، لكن صدور الحكم أعفاه من هذا الحرج.

ومن جانبه، انتقد الرئيس الاميركي باراك أوباما المشاركين في أحداث الشغب، قائلاً إن كل من يدمر الممتلكات يجب أن يقدم للمحاكمة. وحث الأميركيين الذين أغضبهم قرار المحكمة على العمل معاً لتحسين العلاقات بين الطوائف العرقية. وأضاف أوباما في كلمة ألقاها في شيكاجو يوم أمس الثلاثاء أن "إحراق المباني وإضرام النيران في السيارات وتدمير الممتلكات وتعريض الناس للخطر، أعمال تخريبية ولا توجد ذريعة تبرر تلك الأعمال الجنائية".

غير أن الرئيس أعرب عن تعاطفه مع الأقلية السوداء التي ينتمي إليها قائلاً إن "الإحباطات التي شاهدناها لا تتعلق فقط بحادث بعينه. إن لها جذوراً عميقة في مجتمعات كثيرة من الملونين الذين لديهم إحساس بأن قوانيننا لا يجري دائماً إنفاذها بطريقة موحّدة أو منصفة". وقال لأولئك الذين يعتقدون أن ما حدث في فيرجسون هو ذريعة للعنف "لا أشعر بأي تعاطف معكم عن تدميركم لمجتمعاتكم".