أعلنت السفارة الأميركية في بغداد، اليوم السبت، تقديم منحة قدرها 20 مليون دولار لتعزيز أمن المنطقة الخضراء، في خطوة لافتة تشير إلى وقف خطط حكومية سابقة بإعادة فتح المنطقة الخضراء وسط العاصمة العراقية بغداد، والتي تشهد تهديدات مستمرة من قبل فصائل مسلحة موالية لإيران.
وتضم المنطقة الخضراء مقار رئاسات الحكومة والبرلمان والجمهورية ووزارات بارزة والبعثات الدبلوماسية الغربية وبعثة الأمم المتحدة، فضلاً عن مقر التنسيق المشترك لقيادة التحالف الدولي.
وجاء في بيان للسفارة، نشر على حسابها في "فيسبوك"، أنّ الولايات المتحدة خصصت ما يقارب 20 مليون دولار لدعم الحكومة العراقية في تأمين المنطقة الدولية"، في إشارة إلى المنطقة الخضراء.
وبحسب البيان، فإنّ الدعم يشمل تمويل فريق من المهندسين المدنيين لإجراء دراسة استقصائية شاملة لنقاط الدخول الحالية إلى المنطقة الدولية (المنطقة الخضراء)، ووضع خطط لبوابات جديدة.
وذكرت السفارة أنّ العميد جون تايكرت، كبير مسؤولي الشؤون الدفاعية في سفارة الولايات المتحدة، قدم التقرير النهائي من فريق المسح إلى اللواء الركن حامد مهدي الزهيري، قائد الفرقة الخاصة المسؤولة عن أمن المنطقة الخضراء.
وطبقاً للبيان، فإنّ هذا التسليم "إنجاز مهم لتأكيد المشروع التعاوني الجاري حالياً لتعزيز أمن المنطقة الدولية في بغداد وتأمين مقر الحكومة العراقية".
وفي العام 2018، قررت السلطات العراقية إعادة فتح المنطقة الخضراء أمام حركة المواطنين بشكل جزئي، لكنها أعادت إغلاقها بسبب التظاهرات الشعبية التي عمت العاصمة بغداد ومناطق جنوب ووسط البلاد، قبل أن تساهم التهديدات الأمنية التي مثلتها مليشيات مسلحة موالية لإيران للسفارة الأميركية بتجميد خطط إعادة فتح المنطقة، لا سيما بعد حادثة اغتيال زعيم "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني مطلع يناير/كانون الثاني العام الماضي.
وتشكلت المنطقة الخضراء عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، حين قامت قوات الاحتلال الأميركية باقتطاع المناطق المحاذية لضفتي نهر دجلة وسط بغداد وإحاطتها بأسوار أسمنتية عالية. وتقع في داخلها القصور الرئاسة العراقية والمقار الحكومية وعدة فنادق ومبانٍ عالية يعود بعضها إلى حقبة الخمسينيات من القرن الماضي.
وقامت القوات الأميركية بإخلاء المواطنين من المنازل والشقق السكنية في المنطقة وتعويضهم بمبالغ مالية لا تناسب حجم منازلهم، وأُعلنت المنطقة آنذاك مغلقة ضمن منطقة الحاكم العسكري الأميركي للعراق بعد الاحتلال.
ويبلغ عدد المنازل والشقق السكنية في المنطقة الخضراء أكثر من 900 وحدة، طُردت جميع عائلاتها، ولم تُمنح خيار الرفض. واستُغلّت تلك الوحدات فيما بعد لعائلات الدبلوماسيين والمسؤولين الأجانب؛ الأميركيون منهم على وجه التحديد. وسرعان ما انتقلت هذه الوحدات إلى أعضاء البرلمان، ورؤساء الأحزاب والكتل السياسية، والوزراء، والمسؤولين المهمين في الدولة.
وحول الخطوة، اعتبر الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد النعيمي أنها "بمثابة إعلان سياسي وأمني جديد".
وأضاف النعيمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ تعزيز أمن المنطقة الخضراء بهذا المبلغ "مؤشر على وقف خطوات بشأن إغلاق السفارة الأميركية أو تقليص أنشطتها في بغداد، فضلاً عن وجود رسالة فيها لمواجهة تهديدات الجماعات المسلحة ومنع تكرار استهداف المنطقة أو اقتحامها، على غرار ما حصل في نهاية ديسمبر/كانون الأول عام 2019"، حين أدى اقتحام المنطقة الخضراء من قبل أنصار المليشيات إلى الوصول إلى حد تهديد السفارة والعاملين فيها بعد اقتحام حرمها.
ورأى النعيمي أنّ الخطوة "قد تكون مؤشراً أيضاً على توقع الأميركيين أياماً ساخنة في العراق، ولذلك يسعون لتأمين المنطقة الدولية التي يوجدون فيها، فضلاً عن كون الخطوة تصب في صالح حكومة مصطفى الكاظمي وتمنحه حصانة أكبر من تهديدات الجماعات المسلحة".