20 فبراير في ذكراها الـ13 بالمغرب.. استمرار المطالب رغم أفول الحركة

13 عاماً على النسخة المغربية من الربيع العربي: استمرار المطالب رغم أفول 20 فبراير

20 فبراير 2024
مطالب حركة 20 فبراير ما زالت ذات راهنية (Getty)
+ الخط -

حركة 20 فبراير ساهمت في إحداث هزة كبيرة في المشهد السياسي

مطالب الحركة "ليست ذات راهنية فقط، بل ظلت مؤجلة"

فوت التجاوب الالتفافي والانحنائي للعاصفة فرصة لتحقيق مطالب الحركة

تحلّ اليوم الذكرى الـ 13 لانطلاق "حركة 20 فبراير" التي اعتُبرت بمثابة التعبير المغربي عن تأثره بموجة "الربيع العربي" في عام 2011، فيما تُثار الكثير من الأسئلة عن أفولها رغم راهنية الشعارات الإصلاحية التي رفعتها الحركة في عام 2011 ومطالبتها بملكية برلمانية، وبوضع حدٍّ للفساد وبالعدالة الاجتماعية.

في مثل هذا اليوم قبل 13 سنة، خرج الآلاف من المغاربة إلى شوارع المملكة للاحتجاج، بناءً على دعوة أطلقتها حركة شكلها شباب مغاربة من تنظيمات سياسية ونشطاء مستقلين عبر منصات التواصل الاجتماعي، مطالبين بالعدالة الاجتماعية والحرية والكرامة، والفصل بين الثروة والسلطة في المناصب الحكومية، ومحاكمة الضالعين في قضايا فساد واستغلال نفوذ ونهب ثروات المملكة.

كذلك طالبوا باستقلال القضاء وحرية الإعلام، وإقامة ملكية برلمانية، وإجراء انتخابات نزيهة ووضع دستور جديد، وذلك في سياق ثورات "الربيع العربي" التي بدأت في تونس أواخر عام 2010، وأطاحت أنظمة عربية حاكمة عدة.

بعد أقل من شهر واحد من الاحتجاجات، سارع العاهل المغربي الملك محمد السادس، إلى وضع أجندة للإصلاح من خلال خطابه الشهير في 9 مارس/ آذار 2011، وأقرّ تعديلات دستورية قلصت صلاحياته في الحكم، ووسّعت صلاحيات رئيس الحكومة.

غير أن شباب الحركة لم تقنعهم تلك الإصلاحات، وعدّوها "التفافاً" على مطالبهم الرئيسة، وقضوا ما يزيد على العام في معارضتها، قبل أن يبدأ الزخم الشعبي الذي كان يحركهم في الخفوت لأسباب ذاتية وأخرى خارجية.

وعلى الرغم من أنّ "حركة 20 فبراير" كانت قد ساهمت في إحداث هزة كبيرة في المشهد السياسي تُرجم بولادة دستور "الربيع العربي"، وإجراء انتخابات سابقة لأوانها مكّنت للمرة الأولى في تاريخ المغرب، من صعود الإسلاميين إلى سدة الحكم، إلا أن ديناميتها ومطالبها خفتت واعتراها فتور ملحوظ بعد انسحاب جماعة "العدل والإحسان"، أكبر تنظيم إسلامي في المغرب غير معترف به. وكانت الجماعة تشكل الثقل الأكبر داخل الحركة إلى جانب اليساريين، وهو ما خفف بشكل مؤثر حجم التظاهرات الاحتجاجية لـ"حركة 20 فبراير".

حركة 20 فبراير كمرجعية للاحتجاجات

وقد شكلت مطالب "حركة 20 فبراير" مرجعية للحركات الاحتجاجية العديدة التي نشأت في السنوات الأخيرة في المغرب بالشعارات والأهداف نفسها. وكان من أبرزها "حراك الريف" الذي اندلع في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، و"حراك جرادة" (مدينة جرادة) في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2017.

وعلى امتداد السنوات الـ13 الماضية، تحولت ذكرى انطلاق "حركة 20 فبراير"، إلى مناسبة تعود فيها الهيئات الحقوقية والمدنية والسياسية والنقابية للاحتجاج والمطالبة بمزيد من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، في إشارة إلى أن الأوضاع تكاد تشبه، إلى حد كبير، تلك التي دفعت في 20 فبراير 2011 آلاف المغاربة إلى الخروج إلى الشارع للتظاهر والاحتجاج.

وفي الوقت الذي يتكرر فيه اليوم مشهد رفع مطالب الحركة في الاحتجاجات في شوارع المدن المغربية، من خلال وقفات احتجاجية دعت إليها "الجبهة المغربية الاجتماعية" "وفاءً لنضالات الحركة وللتنديد بكل السياسات التفقيرية للفئات الكادحة من الشعب المغربي وللمطالبة بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين"، يقول الناشط الحقوقي، خالد البكاري، أحد أبرز وجوه "حركة 20 فبراير" في مدينة الدار البيضاء، بنبرة جازمة إن مطالب الحركة "ليست ذات راهنية فقط، بل ظلت مؤجلة".

ولفت، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "ما تحقق في 2011 لم يكن إلا جزءاً بسيطاً تعرّض للالتفاف عليه لاحقاً، فالدستور اليوم على علاته أصبح متجاوزاً في الواقع بسبب النزوع نحو سلطوية تختفي خلف مركزية الملكية، وبسبب قابلية النخب الحكومية والحزبية للتخلي عن اختصاصاتها الدستورية، بل إن مخرجات العملية الانتخابية اليوم أوصلتنا إلى أضعف برلمان على مرّ التاريخ المغربي، لا من حيث النخب التي يضمها، ولا من حيث مبادراته التشريعية، ولا من حيث النقاش الضعيف الذي يدور داخله، ولا من حيث كثرة المتابعات القضائية في صفوف أعضائه بتهم جنائية، تكشف حجم ونسبة حضور الفساد الانتخابي في تشكيله".

وتابع محذراً: "إننا اليوم بصدد تغوّل السلطوية، واتساع أمننة المؤسسات، مع تواتر أحداث تدل على تسلل تعبيرات إجرامية وفاسدة وريعية لمؤسسات الدولة، سواء المنتخبة أو المعينة، مع تسجيل تدهور الوضع المعيشي رغم شعار الدولة الاجتماعية".

مطالب أكثر راهنية

من جهته، قال القيادي في جماعة "العدل والإحسان"، حسن بناجح، إنه "بعد 13 سنة من انطلاق الحركة أصبحت مطالبها أكثر من راهنية، وازداد إلحاحها على اعتبار أن فرصة 2011 كان من المفروض والمطلوب والمأمول منها أن يتم التجاوب الجدي معها، لكن مع كامل الأسف، فوت التجاوب الالتفافي والانحنائي للعاصفة فرصة مهمة لتحقيق مطالب الحركة التي تعتبر مدخلاً رئيساً للخروج من عنق الزجاجة أو على الأقل الولوج إلى مرحلة أخرى بشروط صحية".

وأضاف في حديث مع "العربي الجديد": "ما روج له على أنه تجاوب مع بعض المطالب كان فقط عبارة عن مناورة، بعد أن عادت البلاد إلى ما كانت عليه قبل 20 فبراير 2011، لكن الأمر الخطير هو أن الشروط التي أنتجت 2011 زادت تعقيداً، كما أن فرص الاستدراك ما زالت تهدر إلى حد الساعة. وهو ما يزيد الوضع تعقيداً".

وأوضح أن "المطالب التي تزداد إلحاحاً وتتجدد راهنيتها تتمثل في المطلب الكبير بإسقاط الاستبداد الذي كان له عنوان دستوري وآخر سياسي وحقوقي".

وتابع: "على المستوى الدستوري، كان المطلب واضحاً، هو تغيير دستوري حقيقي وجذري، يؤسس لدولة عادلة بعيدة عن حكم الفرد، لكن دستور 2011 باستثناء بعض العناوين الجذابة لامتصاص الغضب من قبيل تغيير صفة الوزير الأول إلى رئيس الحكومة، ظل الدستور الجديد في الجوهر كسابقيه، واقتصر على شكليات فيما تميز بإعادة ما أسميه انتشار فصول الاستبداد، حيث ظلت السلطات الرئيسية مركزة بيد الملك، وكنا أمام حكومة لا تحكم وسلطة تشريعية ليست لها السلطة التأسيسية، ما جعل الدستور الجديد يؤسس لحكم مركز بعيد عن روح وآليات الديمقراطية".

ولفت إلى أنه على المستوى الحقوقي "كانت آنذاك انحناءة أمام رياح الربيع العربي بإطلاق سراح جزء من معتقلي الرأي، لكن ما لبثت الأمور بعد سنوات قليلة أن عادت إلى طبيعتها وبنفس الممارسات السابقة من محاكمات وسجن لأصحاب الرأي"، مشيراً إلى أنه على مستوى إسقاط الفساد وإنهاء اقتصاد الريع وكل مظاهر الفساد، فإن "الأوضاع اليوم بعد 13 سنة من انطلاق حركة 20 فبراير تجاوزت ما كانت تصدره التقارير وما تتحدث عنه كذلك دوائر السلطة بين الفينة والأخرى، إذ الواقع اليوم هو ما ترى لا ما تسمع، وما نراه ويراه العالم خطير جداً سواء على مستوى الفساد أو غلاء المعيشة أو تحكم اقتصاد الريع أو استفحال الفساد الذي وصل اليوم إلى مستويات كبيرة، ما يدل على أن مطلب إسقاط الفساد هو اليوم مطلب ملحّ".

وخلص بناجح إلى أن "الشروط التي أنتجت حراك 20 فبراير عام 2011 هي اليوم مستمرة بل ازدادت احتقاناً واستفحالاً بسبب عدم معالجة الأوضاع بشكل مباشر وجدي وعميق ودقيق"، معتبراً أنه "في ظل وجود نفس الشروط اليوم، فإن نفس النتائج ستتحقق إن لم تكن أكبر من ذلك".