تناولت الصحف البريطانية، اليوم الخميس، زيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى بريطانيا من زاوية الردود الرسمية والشعبية، مركزة على الاحتجاجات التي شهدها البرلمان ومقر الحكومة البريطانيين.
وألقت صحيفة "الغارديان" الضوء على سلسلة الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة البريطانية، أمس، وخاصة الانتقاد الحاد الذي وجهته الأحزاب المعارضة لاستقبال بن سلمان في مداخلاتها البرلمانية خلال جلسة استجواب رئيسة الوزراء الأسبوعية، والتي عقدت قبيل اجتماع رئيسة الوزراء تيريزا ماي بولي العهد السعودي.
ووصفت الصحيفة هجوم زعيم حزب العمال، جيريمي كوربن، بأنه "الأشد ضد العلاقة السعودية البريطانية"، حيث اتهم الحكومة البريطانية بـ"مشاركة بن سلمان في تهديد حياة الملايين في اليمن".
واتهم كوربن حكومة ماي بأنها "منخرطة في الحرب في اليمن بشكل غير قانوني، عبر المستشارين العسكريين الذين يديرون الحملة العسكرية السعودية".
أما زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار، فنس كابل، فقد دان "احتفاء الحكومة البريطانية المبالغ" بالزيارة السعودية، واستغرب فرش البساط الأحمر لـ"ديكتاتور يترأس نظاماً دينياً من القرون الوسطى".
وطالب الحكومة البريطانية بـ"الضغط على السعوديين لوقف قصف المدنيين في اليمن"، والذي كان ولي العهد قد باشره خلال تسلمه حقيبة الدفاع.
أما وزيرة الخارجية في حكومة الظل العمالية، إيميلي ثورنبيري، فقد انتقدت "التذلل" الذي يمارسه السياسيون البريطانيون أمام ولي العهد السعودي، كما انتقدت دور السعودية في اليمن وسورية ولبنان، إضافة إلى القمع الداخلي الذي يمارسه النظام السعودي. وأضافت "هل لنا أن نتجاهل ذلك لأنه سمح للنساء بقيادة السيارات، كما يحق لهن في أي مكان في العالم؟ تتظاهر الحكومة البريطانية بأنها مهتمة بحقوق الإنسان وجرائم الحرب، ولكن عندما يأتي الأمر إلى دور السعودية في اليمن فصمتها مخجل جداً".
واعتبرت "الغارديان" أن "الحكومة البريطانية توقعت حملة الانتقادات هذه، ولكنها لم تتخيل حجم العداء من قادة الأحزاب المعارضة".
وأضافت أن أفراد العائلة المالكة البريطانية يساهمون في الجهود لضمان العقود التجارية بين الدولتين، وهو ما جلب المزيد من الانتقادات حتى ضمن حزب المحافظين، الذي يرى أن "بريطانيا يجب أن تكون على مسافة واحدة بين قطر والسعودية".
بدورها، تناولت صحيفة "التايمز" الانقسام السياسي الحاصل حول زيارة بن سلمان، حيث ألقت الضوء على جلسة استجواب رئيسة الوزراء، أمس، كما نقلت عن مصدر في الحكومة البريطانية رفضه لاتهامات كوربن، ومطالبته بسحب هذه الاتهامات.
وقال المصدر "يبدو جلياً أن كوربن جاهز لليّ الحقائق حول عمل قواتنا المخلصة خارج البلاد لتسجيل نقاط سياسية، وهو أمر غير مقبول البتة". في المقابل، نقلت عن متحدث باسم كوربن تجديده الاتهامات لدور الجيش البريطاني في إدارة الحرب في اليمن، التي "ذهبت بأرواح العديد من الأطفال"، مضيفا أن "استهداف البنية التحتية المدنية والمشافي والمدارس كما حصل في اليمن على نطاق واسع، هو جريمة حرب".
أما صحيفة "الفاينانشال تايمز"، فقد علقت على التظاهرة التي نظمتها "الحملة ضد تجارة السلاح" و"منظمة أوقفوا الحرب" أمام مقر رئاسة الوزراء، بعد ظهر أمس، والتي شارك فيها ناشطون بريطانيون ومعارضون خليجيون ضد التدخل السعودي في اليمن، مطالبين بوقف تجارة السلاح مع السعودية وقطع العلاقات معها.
ورأت الصحيفة أن "هذه التظاهرة تأتي رغم حملة العلاقات العامة المكثفة التي شنها مؤيدو النظام السعودي في بريطانيا، حيث انتشرت اللافتات وإعلانات الصحف المرحبة بقدوم بن سلمان، بينما جالت بعض سيارات الأجرة شوارع لندن حاملة رسالة "إنه يجلب التغيير للسعودية"، و"إنه يمكّن المرأة السعودية".
ولفتت إلى أن هذه الحملة ترعاها شركة "Arabian Enterprise Incubators"، وهي شركة استشارية أنشأها آدم هوزيير، وهو موظف سابق في شركة BAE للصناعات الدفاعية.
كما شددت "الفاينانشال تايمز" على أن هذه المحاولات لم تخف "عدم الراحة حيال زيارة بن سلمان"، مضيفة أن "الحكومة البريطانية اضطرت لأن تبدي عدم رضاها عن انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، رغم ترحيبها بالإصلاحات السعودية".
وكان ولي العهد السعودي قد التقى بالملكة البريطانية وولي عهدها، أمس، إضافة إلى اجتماعه مع رئيسة الوزراء، أطلق خلاله مجلس الشراكة الاستراتيجية، بينما يعد اليوم الأهم في جدول الزيارات، حيث يزور قصر لامبيث، ويتوجه للبرلمان، ويلتقي وزير المالية فيليب هاموند بعد الظهر، قبل أن يتوجه إلى قصر تشيكرز برفقة رئيسة الوزراء، بينما يجتمع، الجمعة، بوزير الدفاع البريطاني غافين وليامسون.