في اليوم الـ100 لحرب الإبادة التي تشنّها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، تعززت الفعاليات الإسرائيلية وتصاعدت الأصوات المطالبة بمنح أولوية لإعادة المحتجزين الإسرائيليين الموجودين في القطاع، وسط اتساع المواقف المؤكدة لفشل إسرائيل في تحقيق أهداف الحرب.
وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية في افتتاحيتها اليوم الأحد: "مع مرور 100 يوم منذ الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 من أكتوبر/ تشرين الأول، لا يزال هناك 136 محتجزاً في القطاع"، لافتة إلى إعلان إضراب من 100 دقيقة ظهر اليوم في العديد من المؤسسات والأجسام، وتنظيم احتجاجات اليوم على غرار ما كان أمس أيضاً من مظاهرات مطالبة بإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين.
وذكرت الصحيفة أن "100 يوم مرت منذ إعلان إسرائيل الحرب على حركة حماس ووضع الحكومة هدفين للحرب، وهما تدمير حركة حماس وإعادة المحتجزين، ولكنها بعد مرور 100 يوم ليست قريبة من تحقيق أيٍّ منهما".
وأشارت إلى أن الحكومة تصدّت منذ البداية لمن أكدوا عدم إمكانية تحقيق الهدفين معاً، وادّعت أنه يمكن التوصل إلى صفقة لإعادة المحتجزين الإسرائيليين، فيما تواصل تهديداتها بالقضاء على حماس والزعم أن "استمرار القتال أمر ضروري من أجل التوصل إلى صفقة، ولكن الوضع يشير إلى غير ذلك".
واعتبرت الصحيفة أن عدم استعداد حماس لصفقة مقابل هدنة قصيرة، "يعني أنه إن كانت إسرائيل تريد إعادة المحتجزين أحياءً، فعليها الموافقة على وقف طويل أكثر للقتال والاستعداد لليوم التالي في قطاع غزة، وبكلمات أخرى، إنّ من يريد إعادة المحتجزين إلى منازلهم وهم أحياء، عليه أن يطلب من الحكومة إبرام صفقة لتحريرهم بأيّ ثمن حتى لو كان ذلك بدفع ثمن سياسي داخلي".
وتابعت الصحيفة أنه "بعد الخيانة الكبيرة في 7 أكتوبر، فإن أقلّ ما على الحكومة القيام به هو إعادة المحتجزين".
في غضون ذلك، يشير المزيد من المراقبين والمسؤولين الإسرائيليين السابقين إلى فشل الحكومة في تحقيق أهداف الحرب وإلى ضبابية الصورة، من بينهم رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي ووزير الأمن السابق موشيه يعالون، الذي شارك الليلة الماضية (السبت - الأحد) بمظاهرة في مدينة حيفا طالبت الحكومة بإعادة المحتجزين الإسرائيليين بأسرع وقت والاستقالة في أعقاب إخفاق 7 أكتوبر، وإجراء انتخابات جديدة للكنيست.
وقال يعالون في كلمة ألقاها في المظاهرة التي تُعَدّ واحدة من عدة مظاهرات، جرت في أكثر من منطقة، من بينها تل أبيب: "مرت 100 يوم على الحرب في قطاع غزة والحدود الشمالية، والنهاية ليست في الأفق. 100 يوم ونحو 1400 قتيل وآلاف الجرحى و136 مخطوفاً لدى حماس وأكثر من 100 ألف جرى إجلاؤهم من بيوتهم، وحتى الآن هذه الحكومة التافهة لم تقرر بعد ما هي أهداف الحرب وكيف ستنتهي".
وبرأي يعلون، فإن "المسؤول عن الإخفاق لا يزال يشغل منصب رئيس الحكومة"، في إشارة إلى بنيامين نتنياهو، "ويرفض تحمّل المسؤولية، رغم تحذيره مرات كثيرة من أن قيادته للانقلاب على القضاء قد تؤدي إلى هجوم علينا. اختار تجاهل ذلك. لقد حذّره وزير الأمن (يوآف غالانت) من أن التعديلات القضائية تشكل تهديداً حقيقياً وواضحاً وفورياً على أمن الدولة".
نتنياهو: الحرب مستمرة
لكن رغم الانتقادات الكثيرة، فإن نتنياهو مصرّ على مواصلة الحرب، بحسب تصريحاته التي ألقاها خلال مؤتمر صحافي في مقرّ هيئة الأركان العامة في تل أبيب اللية الماضية، بمناسبة مرور 100 يوم على الحرب.
وقال نتنياهو: "نحن مستمرون في الحرب حتى النهاية والنصر المطلق، وتحقيق كل أهدافنا: القضاء على حماس، وإعادة جميع مخطوفينا وضمان أن غزة لن تعود لتشكّل تهديدًا لإسرائيل في المستقبل".
وتابع: "سنستعيد الأمن لكل من المنطقتين الجنوبية والشمالية. ولن يوقفنا أحد، ليس لاهاي (في إشارة إلى محكمة العدل الدولية)، ولا محور الشر ولا أي جهة أخرى. إن التهجم المنافق على دولة اليهود التي نهضت من رماد الهولوكوست، بالوكالة عن الذين جاؤوا لارتكاب هولوكوست جديد بحق اليهود، هو عبارة عن حضيض أخلاقي في تاريخ الأمم"، على حد تعبيره.
واعتبر نتنياهو أن دولة الاحتلال الإسرائيلي وأجهزتها الأمنية تخوض "أكثر الحروب أخلاقية"، وأن "ما حدث في 7 أكتوبر لن يتكرر أبدًا. هذه مهمتنا، وهذا التزامنا".
وأشار نتنياهو إلى أن الحكومة ستناقش اليوم الموازنة العامة التي "ستضمن استمرار الحرب، بمعنى رصد مزيد من الأموال للأمن، وقدر أكبر بكثير من الأموال، والمزيد من المكافآت والمِنح لجنود الاحتياط، والعائلات، والعمال المستقلين، وجميع من يتحمل العبء. والمساعدات الإضافية لإعادة المواطنين الذين جرى إجلاؤهم إلى منازلهم وإعادة ترميم البلدات والكيبوتسات".
وزعم نتنياهو: "نحن في طريقنا للنصر، ولن نتوقف حتى نحقق النصر. أعلم أن هناك من يشكك في صحة ذلك، لكنني لا أشاطره هذا الموقف. نحن مستمرون حتى النهاية. إنني واثق بشعبنا، وبمقاتلينا وبقادتنا، وأعلم أنه بعد مجزرة 7 أكتوبر لن نكتفي بأقل من النصر المطلق. لقد سمعت المحللين في الاستوديوهات الذين يشرحون أن هذا مستحيل، وغير ضروري. إذن أقول وأنتم (الإسرائيليون) تقولون أيضاً إن هذا ممكن وضروري وهو ما سنقوم به".
واعتبر نتنياهو أن دولة الاحتلال تشهد "لحظة امتحان وطنية. حيث نحارب ليس فقط من أجل استعادة أمننا في الوقت الراهن، بل نحارب من أجل ضمان أمننا لأجيال قادمة. مع أن هذه الحرب مرتبطة بثمن باهظ".