بدء تطبيق "المصالحة الخليجية"

19 نوفمبر 2014
بدأ أمير قطر بتوجيه الدعوات (جويل ساماد/فرانس برس)
+ الخط -

شكّلت عودة السفير السعودي، عبد الله العيفان، إلى مقرّ عمله في الدوحة، أمس الثلاثاء، أول اختبار حقيقي، لتطبيق ما سمي اتفاق "الرياض التكميلي"، الذي أعلن عن التوصل إليه، مساء الأحد الماضي، في القمة الخليجية الموسعة في العاصمة السعودية. وغابت سلطنة عُمان عن القمة، التي أُعلن فيها عن قرار عودة السفراء، السعودي والبحريني والإماراتي، إلى الدوحة، الذين تمّ سحبهم في مارس/آذار الماضي، مع بدء أزمة سياسية خليجية حادة.

وبانتظار عودة سفير مملكة البحرين، وحيد مبارك سيار، إلى مقر عمله، وتسمية رئيس دولة الإمارات سفيراً جديداً بعد انتهاء مهمة السفير الإماراتي السابق في الدوحة، جمعة راشد الظاهري، فإن "اتفاق الرياض" يكون قد نجح في محطته الأولى، بانتظار الاختبار الثاني المتمثل بعقد قمة قادة دول مجلس التعاون، المقرّرة في العاصمة القطرية، الدوحة، في التاسع من ديسمبر/كانون الأول المقبل، وبمشاركة خليجية كاملة، وعلى أعلى مستوى، بعد إعلان أبوظبي تأكيد حضورها.

وقد بدأ أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمس الثلاثاء، توجيه الدعوات الرسمية لحضور القمة. وذكرت وكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن الأمير القطري بعث رسالة خطية إلى أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، تتضمن دعوته حضور القمة الخليجية.

كما تسلّم ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، رسالة مماثلة من أمير قطر، أمس. الأمر الذي يؤشر إلى أن عقد القمة الخليجية في الدوحة وفي موعدها المقرر، أصبح مفروغاً منه، وأن الاتصالات والمشاورات التي جرت، وتجري، بين قادة دول مجلس التعاون، تتعلق بأجندة هذه القمة، وبرنامجها، والمتوقع منها.

وبدّدت مجريات الأيام الماضية، قلق الشارع الخليجي من عودة الأزمة السياسية، التي وجدت حلّاً لها في "اتفاق الرياض التكميلي"، الذي قالت مصادر قطرية رفيعة المستوى لـ"العربي الجديد"، عنه، إنه "يؤكد ويبني على اتفاق الرياض الأول، وأن لا بنود أو مطالب أو تعهدات جديدة فيه". ومن اللافت أن "اتفاق الرياض" لم تُنشر بنوده رسمياً، كما أن الموقع الرسمي لمجلس التعاون الخليجي، والذي يتضمن كل الاتفاقيات والمعاهدات بين دول الخليج، خلا تماماً من أي إشارة إليه.

مع العلم أن وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي قد اتفقوا، في اجتماعهم في مدينة جدة السعودية في أبريل/نيسان الماضي، "على تبني الآليات التي تكفل السير في إطار جماعي، لئلا تؤثر سياسات أي من دول المجلس على مصالح وأمن واستقرار دولة أخرى، ودون المساس بسيادة أي من دوله. وفي هذا الخصوص أكد وزراء الخارجية موافقة دولهم على آلية تنفيذ وثيقة الرياض".

وشكّلت موافقتهم في حينه، أول تصريح رسمي، على الرغم من غموض فحوى "اتفاق الرياض" الذي لا زالت بنوده مبهمة، والذي يقضي، كما تقول مصادر إعلامية، بالالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس، بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواءً بالعمل الأمني المباشر، أو بمحاولة التأثير السياسي، وعدم دعم الإعلام المعادي.

وكان العاهل السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، تلقى اتصالاً هاتفياً من أمير قطر، يوم الاثنين، بحثا خلاله "العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين". وذكرت مصادر خليجية أن "مشاورات تجري لتحديد موعد اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون التحضيري لقمة قادة دول التعاون في العاصمة القطرية". وأكدت الدوحة حرصها على التضامن الخليجي المشترك، في بيان أصدرته وزارة الخارجية القطرية، مساء الاثنين، رحّبت فيه بنتائج اجتماع الرياض، الذي "أسفر عن تعزيز مسيرة التعاون والتكامل الخليجي، وإقرار عودة السفراء إلى الدوحة"، في إشارة إلى اتفاق الرياض وأبوظبي والمنامة على عودة سفرائهم إلى قطر، وأكد حرص دولة قطر التام على "التضامن الخليجي المشترك، وما تحقق من نجاحات وتقدم لما فيه مصلحة شعوب دول المجلس كافة".

ولوحظ أن وسائل الإعلام الخليجية المختلفة أبدت ترحيباً واسعاً بالاتفاق الجديد، واعتبرته صفحة جديدة في العلاقات الخليجية ـ الخليجية. وذكرت أن المشاورات في شأن أجندة قمة "التعاون" المرتقبة في الدوحة، قد بدأت، وإن تباينت تفسيرات الصحف والفضائيات الخليجية لبنود "اتفاق الرياض التكميلي"، لشحّ المعلومات الرسمية في هذا الصدد. واحتفى الشارع الخليجي من جهته بالمصالحة الخليجية، واعتبرها خطوة مهمة نحو تحقيق الوحدة والتكامل الخليجيين.

ورأى الكاتب السعودي، جمال خاشقجي، أن "المصالحة الخليجية التي كانت إحدى ثمار قمة الرياض، جاءت متأخرة، وكان يجب أن تكون منذ أشهر". وأفاد في حديثه لبرنامج "يا هلا" في قناة "روتانا خليجية"، يوم الاثنين، أن "خلافات الرياض وأبوظبي والمنامة مع الدوحة، لم تكن استراتيجية".

ودعا خاشقجي إلى تعلّم فن الاختلاف، وألا تتدخل الدول الخليجية في سياسة قطر الخارجية، ما دامت لم تؤثر على أمنها الخليجي. ولفت إلى أن "تنحية الصراع مع قطر تعيدنا إلى القضية الأهم، وهي بناء الاتحاد الخليجي، وأن الخلافات مع قطر غطت على قضايا أهم للمواطن الخليجي، مثل العملة الموحدة ودرع الجزيرة".