عبد العال يرفض طلباً برلمانياً بمناقشة اتفاق مبادئ سد النهضة

16 أكتوبر 2019
حذّر من اتخاذ عقوبات رادعة (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر برلمانية أن رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، رفض طلباً برلمانياً يحمل تواقيع أكثر من 20 نائباً، لمناقشة اتفاق "إعلان المبادئ" الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة عام 2015، والذي تنازل بموجبه الرئيس عبد الفتاح السيسي عن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل.


واستند رفض عبد العال إلى كونه رئيساً لهيئة مكتب البرلمان، والتي تقتصر على ثلاثة أعضاء فقط، هم بالإضافة إليه الوكيلين السيد الشريف، وسليمان وهدان، والمنوط بها وفق اللائحة المنظمة قبول أو رفض الطلبات المقدمة من النواب، وتحديد موعد مناقشتها من عدمه في الجلسات العامة.

ونقلت المصادر عن عبد العال قوله لوفد النواب الذي تقدم بالطلب: "مش عاوز الموضوع ده يتفتح تاني نهائياً"، محذراً من اتخاذ عقوبات رادعة بحقهم، تصل إلى حد التصويت على إسقاط عضويتهم، في حالة تسريب صورة من الطلب إلى وسائل الإعلام، أو الكشف عن أسماء مقدميه، وموقفه كذلك من الطلب.

 مصادر "العربي الجديد"، أفادت بأن الطلب ذُيل بأسماء أعضاء تكتل الأقلية المسمى (25-30)، بالإضافة إلى سبعة نواب آخرين من خارج التكتل، من المحسوبين على تيار المستقلين، والذين لهم العديد من المواقف المؤيدة للسلطة الحاكمة، غير أنهم كانوا ضمن قائمة الرافضين لاتفاقية تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.

واعتبرت المصادر أن نظر مجلس النواب المصري لاتفاق "إعلان المبادئ"، ورفضه بأغلبية مريحة يعزز موقف المفاوض المصري في أزمة السد، في ضوء إعلان وزارة الموارد المائية والري فشل المفاوضات مع إثيوبيا حول خطة الملء الأول لخزان السد، ووصولها إلى "طريق مسدود".

وقالت المصادر إن عبد العال نبه مقدمي الطلب إلى عدم التطرق لأزمة سد النهضة، سواء في وسائل الإعلام أم على مواقع التواصل الاجتماعي، محاولاً طمأنتهم بالقول: "إن لقاء السيسي المرتقب مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في موسكو، سيحدث انفراجة في مسألة استئناف مفاوضات السد"، على حد تعبيره.

وأضافت أن عبد العال لم يستجب لرؤية مقدمي الطلب، والذين أوضحوا أن رفض البرلمان التصديق على اتفاق "إعلان المبادئ"، يعد إعلاناً رسمياً أمام المجتمع الدولي بإلغائها، وفقدانها أي مرجعية قانونية في التفاوض حول السد الإثيوبي، مستطردة أن طرح الاتفاق على مجلس النواب يمثل التزاماً دستورياً بموجب المادة 151 من دستور 2014 المعدل في إبريل/ نيسان 2019.

ونصت المادة الدستورية على أن "يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور. ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة".

ووقع رئيسا مصر والسودان، ورئيس وزراء إثيوبيا، اتفاقاً في 23 مارس/آذار 2015 بالخرطوم، يقضي بالموافقة ضمناً على استكمال إجراءات بناء سد النهضة، مع إعداد دراسات فنية لحماية الحصص المائية من نهر النيل للدول الثلاث التي يمر بها، من دون الإقرار بحصة مصر السنوية من مياه النيل، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب.

وأعلن آنذاك خبير القانون الدولي، أحمد المفتي، استقالته من اللجنة الدولية لسد النهضة، مصرحاً أن "اتفاق المبادئ الذي وقع عليه السيسي أضعف الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل، وحوّل سد النهضة من سد غير مشروع دولياً إلى مشروع قانونياً"، مؤكداً أنه "صيغ بما يحقق المصالح الإثيوبية فقط، من دون أن يعطي مصر والسودان نقطة مياه واحدة".

وكان رئيس لجنة الشؤون الأفريقية في البرلمان، طارق رضوان، قد تلقى تعنيفاً لفظياً من عبد العال في وقت سابق، على خلفية إصدار اللجنة بياناً إزاء التطورات الأخيرة في ملف سد النهضة، مطالباً اللجنة بعدم الدعوة إلى اجتماعات من شأنها التطرق إلى الأزمة، وكذا عدم مناقشة أية طلبات إحاطة أو بيانات عاجلة تُقدم من النواب حولها.

وتخالف تعليمات عبد العال اللائحة المنظمة للبرلمان، لما يمثله الموضوع من اختصاص أصيل للجنة، لا سيما أن أزمة السد مثلت أحد أهم أسباب استحداث لجنة الشؤون الأفريقية داخل المجلس النيابي عام 2016، لبحث سبل تجاوز الأزمة من خلال دعوة الخبراء والمختصين من الحكومة أو من الأكاديميين، والاستماع إلى رؤيتهم بشأن مفاوضات السد.

في السياق، أعلن السيسي عن شروع حكومته في تنفيذ خطة تستهدف قطع مياه النيل عن مناطق الساحل الشمالي والبحر الأحمر، والاعتماد في هذه المناطق على تحلية مياه البحر، تحت ذريعة مواجهة العجز المائي الذي تواجهه البلاد، وانخفاض حصة الفرد من المياه إلى أقل من 600 متر مكعب سنوياً.


ولفت السيسي، على هامش الندوة التثقيفية التي نظمها الجيش مؤخراً، إلى الانتهاء "تقريباً" من هذه الخطة، إثر تخصيص ما يقترب من 200 مليار جنيه كلفة محطات المعالجة والتحلية، متوقعاً أن تصل كلفة المشروع بأكمله إلى 300 مليار جنيه (نحو 18 مليار دولار أميركي) عند الانتهاء منه العام المقبل.