مواقف رافضة للانتخابات المحلية الفلسطينية بصيغتها المجزأة... وجدل سياسي حول إجرائها في غزة
اعتبر المجلس التنسيقي للقوائم الانتخابية المستقلة لانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، التي ألغيت في مايو/ أيار الماضي، أن إعلان الحكومة الفلسطينية قبل قرابة أسبوعين، عزمها عقد مرحلة أولى لانتخابات المجالس المحلية في 11 ديسمبر/ كانون الأول المقبل؛ هو ذر للرماد في العيون.
وأعلن عضو المجلس بسام القواسمي، في بيان ألقاه خلال مؤتمر صحافي عقده أمام مقر المجلس التشريعي الفلسطيني المنحل في رام الله، بالتزامن مع مؤتمر آخر في غزة أن المجلس ينظر بخطورة إلى قرار مجلس الوزراء بإجراء تلك الانتخابات على مراحل وفق فئات محددة، معتبرا أنه يجب إقامة تلك الانتخابات دفعة واحدة لقرابة 400 هيئة محلية.
واعتبر البيان أن هدف التجزيء يهدف لإلهاء الشعب والتغطية على عدم إجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، والتفاف على الشرعية الفلسطينية، مطالباً بأن تكون الانتخابات المحلية ناتجة عن حالة توافق وطني وليس استحواذاً من جزء معين أو فصيل معين حسب تعبير البيان، مطالباً بأن تكون تلك الانتخابات مقدمة لإنهاء الانقسام بدلا من تعزيزه في حال أجريت خارج التوافق الوطني.
ويطالب المجلس بإجراء الانتخابات بشكل هرمي من أعلى سلم الهرم إلى أسفله وليس العكس، بإجراء انتخابات شاملة للرئاسة والمجلس التشريعي والهيئات المحلية، وتحديد موعد لانتخابات المجلس الوطني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية عبر إنشاء هيئة عليا من المجلس التشريعي المنتخب لتمكين كل الفلسطينيين بالداخل والخارج من اختيار ممثليهم.
واعتبر القواسمي أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد انتهت ولايته في العام 2009، حيث انتخب في عام 2005، ووجه رسالة إلى عباس بالقول: "كيف ستذهب إلى الأمم المتحدة قريبا وتقول إنك منتهي الولاية منذ حوالي عقد من الزمن" (في إشارة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث سيلقي الرئيس الفلسطيني كلمة خلال الاجتماع بعد أيام).
وستجري الانتخابات المحلية وفقا لقرار مجلس الوزراء الفلسطيني الصادر في 6 سبتمبر /أيلول الجاري، في 388 هيئة محلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي المجالس القروية، إضافة إلى البلديات المصنفة "ج" وهي البلديات الصغيرة التي يبلغ عدد أعضاء مجالسها 11 عضوا، فيما تؤجل البلديات الكبرى المصنفة "أ" و"ب" إلى الربع الأول من العام القادم "وفقا للظروف الصحية والمصلحة الوطنية".
لكن إجراء الانتخابات على أجزاء بما يستثني البلديات الكبيرة والمدن الرئيسية أثار نقاشا سياسيا في الساحة الفلسطينية حول الهدف، فضلا عن تجدد الجدل والتراشق السياسي بين حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية من جهة وحركة "حماس" حول السماح بإجراء تلك الانتخابات في غزة أو عدمه.
ويوضح الناطق باسم لجنة الانتخابات المركزية فريد طعم الله لـ"العربي الجديد" أن الانتخابات في قطاع غزة تحتاج إلى توافق سياسي، أكثر من كونها أمرا فنيا، وأكد أن لجنة الانتخابات أبلغت الحكومة الفلسطينية التي دعت إلى الانتخابات بأن تقوم بالترتيبات والتنسيق السياسي مع حركة "حماس"، وبأن تبلغ اللجنة بنتائج ذلك، حيث إن الأمر ليس فنيا وليس من أعمال اللجنة؟
وأكد أنه في حال حصلت الموافقة من حركة "حماس"، فإن لجنة الانتخابات ستبدأ فورا بالعمل وهي جاهزة لذلك، ولكن الجهوزية ليست إلى الأبد فهي بحاجة لوقت مسبق للتحضير وقد أعلنت موعد الثالث من الشهر المقبل، موعدا للتسجيل في السجل الانتخابي.
تقسيم الانتخابات إلى مراحل
أما عن تقسيم الانتخابات إلى مراحل، فأكد طعم الله أن السبب الذي علمته اللجنة شفويا هو جائحة كورونا، مشيراً إلى أن اللجنة رغم الجائحة تستطيع عقدها في مرحلة واحدة لكنها جهة تنفيذية تنفذ القرارات الصادرة عن الحكومة، وهي مستعدة لتنفيذها وقد أعلنت فعلا فتح باب التسجيل الشهر المقبل.
وعلق أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي على العملية الانتخابية في حديثه مع "العربي الجديد" بالقول إن الانتخابات المحلية لن تكون بديلا عن إجراء الانتخابات العامة التي تم إلغاؤها بصورة غير صحيحة حسب رأيه، وقال: "الظن بأن بعض الانتخابات البلدية سيحل المشكلة غير صحيح، والانتخابات البلدية التي نطالب بإجرائها لا تجوز تجزئتها".
وقال البرغوثي: "إن اقتصار المرحلة الأولى على المناطق الصغيرة يوحي أو يحمل في طياته مخاطر أن يتم إلغاؤها في المناطق الكبيرة"، رافضاً التجزئة، ومطالباً بإعلان فوري وسريع للانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني التي تم إلغاؤها.
جدل إجراء الانتخابات في غزة
وحول الجدل السياسي بخصوص إجراء الانتخابات في غزة، قال البرغوثي: "إنه يجب أن يكون هناك توافق وطني، وأن تجرى الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة، لا نريد انتخابات مجزوءة ولا مقتصرة على الضفة الغربية، أنا متأكد في حال حدث اجتماع عام للقوى فسيتم التوافق ليس فقط على الانتخابات البلدية إنما على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وللمجلس الوطني".
وطالب البرغوثي أن يسبق ذلك الحوار تراجع الحكومة الفلسطينية عن قرارها بإجراء الانتخابات وفق ما أعلنته، معتبرا أن ذلك سيمهد الأجواء للقاء عام وللتوافق على انتخابات بالصورة الديمقراطية الصحيحة، حسب تعبيره.
وتطالب السلطة الفلسطينية حركة "حماس" بالسماح بإجراء الانتخابات المحلية في قطاع غزة، بينما أعلنت أمس، فصائل فلسطينية في قطاع غزة، في بيان موقع باسم فصائل المقاومة الفلسطينية، عن رفضها دعوة السلطة لانتخابات محلية جزئية تخدم مصالح حزبية فئوية ضيقة؛ على حساب مصالح وتطلعات الفلسطينيين حسب تعبير البيان، معتبرة أن الدعوة للانتخابات في ظل إلغاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والوطنية هي ذر للرماد في العيون، ومشيرة إلى أن أي انتخابات تحتاج إلى توافق وطني.
وكان الرئيس محمود عباس قرر تأجيل الانتخابات التشريعية التي كان مزمع عقدها في مايو /أيار الماضي، بسبب رفض الاحتلال إجراءها في القدس، مؤكدا أنه لا انتخابات فلسطينية بدون القدس المحتلة.
وبينما أجريت آخر انتخابات محلية في العام 2017 في الضفة الغربية دون غزة ودورة أخرى تكميلية (إعادة) في عام 2019، بعد أن قررت محكمة العدل العليا الفلسطينية عام 2016 وقف الانتخابات المحلية التي كان مقررا إجراؤها في الضفة وغزة بتوافق بين السلطة الفلسطينية وحركة "حماس"، بسبب عدم إمكانية إجراء الانتخابات في القدس، وبسبب مشكلات في تشكيل المحاكم في غزة وإشراف الشرطة التابعة لحماس على العملية الانتخابية وليس السلطة الفلسطينية.